أكرم القصاص - علا الشافعي

عبد الفتاح عبد المنعم

11 سبتمبر تاريخ أسود على العالم والأمريكان

السبت، 26 أغسطس 2017 12:00 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لو أردنا أن نؤرخ تاريخا جديدا للولايات المتحدة الأمريكية فى انقلاب سياسيتها، فإن يوم 11 سبتمبر 2001 هو هذا التاريخ، حيث السياسة الأمريكية داخليا وخارجيا 180 درجة، وهناك آلاف الأبحاث والمقالات التى حللت أسبابا وتأثيرات هذا التحول الخطير، الذى يعد إعادة لكتابة تاريخ الولايات المتحدة الأمريكية، ومن بين هذه الدراسات ما قدمته الباحثة مروة محمد عبدالحميد عبدالمجيد، وحملت دراستها عنوان «التغير والاستمرار فى استراتيجية الأمن القومى الأمريكية بعد أحداث 11 سبتمبر»، حيث أكدت الدراسة على أن ما حدث للأمريكان بسبب تفجيرات سبتمبر هو انقلاب حقيقى للحضارة الحديثة، التى تتزعمها أمريكا، وأن أحداث 11 سبتمبر 2001 أحدثت تغيرات كبيرة على الفكر الاستراتيجى الأمريكى بعد فشل العقيدة الأمنية التقليدية القائمة على الردع والاحتواء، وذلك استجابة للتحديات الجديدة والتهديدات الأمنية فى شكلها، الذى لم تعتاد عليه الولايات المتحدة، وقد أقرت الاستراتيجية الحرب الاستباقية 2002 حيث إن الإدارة الأمريكية رأت أنها الاستراتيجية الأمثل والاستخدام الوقائى للقوة ضد الأخطار المحتملة، التى تهدد الأمن القومى الأمريكى، وفى إطار هذه الاستراتيجية فرضت الولايات المتحدة الأمريكية على العالم مفهومها الخاص للإرهاب، وجعلته مفهوما عالميا ووصفت أى معارضة خارجية للإرهاب، بأنها معاداة للحضارة والإنسانية.
 
ونجد أن مفهوم الأمن القومى الذى عبرت عنه استراتيجية 2002 عقب أحداث 11 سبتمبر، وقعت تحت تأثير البيئة النفسية، التى فرضتها أحداث 11 سبتمبر، وكانت مساحة الاختلاف بين البيئة الواقعية والبيئة النفسية هى المسؤولة بالأساس عن المشكلات، التى واجهها مفهوم إدارة الرئيس جورج بوش للأمن القومى[23].
 
فقد كانت الاستراتيجية التى طرحتها إدارة بوش أحادية البعد، وبالغت فى قيمة الأبعاد العسكرية للأمن القومى على نحو لم يعد هناك مجال للحديث عن الأمن بالمنظور الشامل، الذى يتضمن الأبعاد الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والثقافية والطبيعية، فنجد أن هذه الرؤية المعسكرة للأمن القومى ما كان يمكن أن تتراجع لولا ما أثبتته من أخطاء فى الواقع الحقيقى، ولولا ما نتج عنها من مشكلات لا حصر لها، فقد تبين أنها عاجزة عن تحقيق الأمن بالمعنى الشامل أو حتى الأمن فى أضيق معانيه العسكرية التى تشير إلى منع وقوع الحرب أو النجاح فى إنهاء الحرب.
 
فى ظل هذه الموجة جرت عسكرة شبه كاملة لمفاهيم الأمن القومى الأمريكى، وسادت الرؤية بأن القوات المسلحة هى الحل الأمثل لمواجهة الإرهاب وزادت الأهمية النسبية لوزارة الدفاع على حساب وزارة الخارجية وتقديم القوة المسلحة على حساب القوة الدبلوماسية[24] وبرزت وجهات نظر لا تؤمن بقيمة الأصدقاء أو الحلفاء، ونرى أنه بالإمكان إنجاز المهمة عبر العمل الانفرادى، ومن دون الحاجة لأقرب حلفاء الولايات المتحدة، وتم تعليق أمل كبير على عاتق المؤسسة العسكرية، وقد برز ذلك على نحو خاص فيما أُسمى بـ «مبدأ بوش» أو عقيدة بوش، وقد شهدت ميزانية البنتاجون والمؤسسة العسكرية زيادة هائلة من أجل تحديث القوات الأمريكية، العسكرى[25].
لقد حددت الوثيقة التى أصدرتها إدارة بوش أهم الآليات لمحاربة الإرهاب.
 
- العمل المباشر والمستمر باستخدام كل عناصر القوة الوطنية والدولية لمنع انتشار الإرهاب عبر العالم، وكذلك منع الإرهابيين أو الدول الراعية للإرهاب من استخدام أسلحة الدمارالشامل للدفاع عن الولايات المتحدة والشعب الأمريكى والمصالح الأمريكية فى الداخل والخارج من خلال تحديد الخطر قبل وصوله إلى الحدود الأمريكية، وسعى الولايات المتحدة لحشد دعم المجتمع الدولى دون أن تتردد فى العمل منفردة، إن لزم الأمر لممارسة حقها فى الدفاع عن نفسها من خلال العمل بشكل استباقى ضد الإرهابيين.
 
- استخدام الدبلوماسية العامة والفعالة لتعزيز التدفق الحر للمعلومات والأفكار على المجتمعات التى يحكمها رعاة الإرهاب.
- إضعاف العوامل التى تعمل على تغذية الإرهاب عن تركيز موارد المجتمع الدولى وجهوده على المناطق الأكثر تعرضا للإرهاب الدولى.
- حرمان الإرهابين من الدعم أو أى ملاذ تلجأ إليه الجماعات الإرهابية عن طريق إقناع الدول أو إرغامها على تحمل مسؤولياتها السيادية أو من خلال شنها لحروب فكرية لكسب المعركة ضد الإرهابين.
 
الربط بين الإرهاب وامتلاك الأسلحة النووية منع الأعداء من تهديد الولايات المتحدة وحلفائها وأصدقائها بأسلحة الدمار الشامل، الذى يمكن أن يتوفر للجماعات الإرهابية أو الدول المساندة لها، لذلك ركزت الوثيقة على جهود مكافحة الانتشار النووى الاستباقية، حيث ينبغى الردع والدفاع ضد التهديد قبل أن يحتدم، وتعزيز جهود منع الانتشار النووى لمنع الإرهابيين والدول المارقة من الحصول على المواد والتقنيات والخبرات اللازمة لإنتاج أسلحة الدمار الشامل.
 
- خامسا إطلاق مرحلة جديدة من النمو الاقتصادى العالمى من خلال الأسواق الحرة والتجارة الحرة، لأن ذلك حسب ما جاء فى الوثيقة سيعزز المصالح والأمن القومى الأمريكى، لأن بذلك توجد فرص عمل جديدة ودخل أعلى على نحو يسمح بانتشال الأفراد من الفقر، ويعزز الحرية ويحفز على محاربة الفساد.
 
- توسيع دائرة التنمية من خلال انفتاح المجتمعات والاهتمام بالبنية التحتية للديمقراطية، لذلك تقوم الولايات المتحدة بربط مساعداتها للدول النامية بتنفيذ حكومات تلك الدول برامج لتغيير سياستها، حيث أشارت إلى أن لديها الإمكانية لزيادة هذه المساعدات، إذا ما حققت هذه الدول إصلاحات سياسية.
 
- وضع خطط للتعاون مع القوى الرئيسية، روسيا، الهند والصين، حيث يواجه كل منهم الجماعات الإرهابية الخاصة بهم، وذلك من خلال المبدأ الذى أطلقه جورج بوش، وهو تقسيم العالم إلى فريقين، الأول هم الدول التى تكون مع الولايات المتحدة «ضد الإرهاب»، أما الفريق الثانى فيضم تلك الدول التى تدعم الإرهاب، وقد أدى ذلك إلى تنشيط العلاقات مع روسيا والصين والهند[27].
 
- تطوير مؤسسات الأمن القومى الأمريكية لتكون جاهزة لمواجهة تحديات الألفية الجديدة، فقد شددت الوثيقة على أهمية الاستمرار فى التطوير الجارى فى وزارات الدفاع والأمن الداخلى والعدل ومكتب التحقيقات الفيدرالى والاستخبارات والاستمرار فى إعادة توجيه وزارة الخارجية من أجل الدبلوماسية التحويلية، التى تروج للديمقراطية الفعالة والسيادة المسؤولة، وتحسين قدرة الوكالات على التخطيط والإعداد والتنسيق والتكامل والاستعداد لحالات الطوارئ بعد ضمان حلفاء الولايات المتحدة، وردع أى منافسة عسكرية مستقبلية موجهة للولايات المتحدة أو أصدقائها مع التأكيد على مدى أهمية وجود القوات الأمريكية فى الخارج، لأنها من خلال ذلك ستتمكن من استعمال القوة لحماية نفسها وحماية الآخرين، وللتعامل مع التحديات الأمنية، فإن الولايات المتحدة تحتاج إلى قواعد داخل وخارج أوروبا الغربية وشمال شرق آسيا، فضلا عن الترتيبات المؤقتة من أجل نشر القوات الأمريكية فى مناطق أخرى.
وغدا نستكمل الحديث عن علاقة أمريكا بالعالم بعد أحداث سبتمبر.









مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة