سعيد الشحات يكتب: ذات يوم.. 27 أغسطس 1904.. مصطفى كامل يحتد على الخديوى عباس الثانى لمساندته على يوسف فى زواجه من صفية السادات

الأحد، 27 أغسطس 2017 10:00 ص
سعيد الشحات يكتب: ذات يوم.. 27 أغسطس 1904.. مصطفى كامل يحتد على الخديوى عباس الثانى لمساندته على يوسف فى زواجه من صفية السادات مصطفى كامل والخديو عباس

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
اشتد الخلاف بين الخديو عباس حلمى الثانى والزعيم الشاب مصطفى كامل، ولما أثيرت قضية زواج الشيخ على يوسف صاحب جريدة المؤيد من صفية السادات برفع والدها الشيخ عبدالخالق السادات قضية تفريق بينهما لزواجهما دون علمه، عمل الخديو على تأييد «يوسف» من وراء الستار، فزاد نفور مصطفى كامل من خطة الخديو، وفقا لتأكيد أحمد شفيق باشا فى مذكراته، عن «الهيئة العامة لقصور الثقافة- القاهرة».
 
كان مصطفى كامل من أشد خصوم على يوسف، عكس موقف الخديو، فى هذه القضية التى انتهت بحكم المحكمة بالطلاق بينهما يوم 11 أغسطس 1904، لكن موقف الخديو ترك أثرا سلبيا عند كامل، ويذكر «شفيق»: «سافر الخديو إلى ديفون الفرنسية»، وزاره مصطفى كامل يوم 27 أغسطس «مثل هذا اليوم» عام 1904، وبين له أن الرأى العام لا يعطف على الشيخ، ثم حدثه فى أمور أخرى من هذا القبيل، وكان حديثه للخديو بلهجة شديدة، فغضب الخديو، وغضب مصطفى أيضا، فلما عاد الثانى إلى مصر، اعتزم قطع العلاقات مع الخديو فأرسل إليه خطابا يوم 24 أكتوبر 1904 قال فيه: «مولاى تشرفت فى ديفون بالمثول بين يدى سموكم يوم 27 أغسطس الماضى، ورفعت إلى مقامكم السامى أن الحالة السياسية الحاضرة تقضى على بأن أكون بعيدا عن فخامتكم، وأتحمل وحدى مسؤولية الخطة التى اتبعتها نحو الاحتلال والمحتلين».
 
كان الخديو يحكم مصر منذ يناير عام 1892 وهو فى الثامنة عشرة من عمره خلفا لوالده توفيق، وحسب عبدالرحمن الرافعى فى كتابه «مصطفى كامل باعث الحركة الوطنية» عن «دار المعارف - القاهرة»: «اعتزم وضع حد لتدخل الاحتلال الإنجليزى، ووجد أن مصطفى كامل الزعيم الوطنى الشاب يوافق ميوله وآماله فى بداية حكمه، فأمده بالمال والتأييد وقتا ما، ومن هنا توثقت روابط الود والتعاون بينهما فى السنوات الأولى من حكم عباس»، غير أن الرافعى يذكر أن الاتفاق الودى بين إنجلترا وفرنسا فى أبريل سنة 1904، أظهر انحياز الخديو إلى الاحتلال الإنجليزى لمصر فرأى أن يقطع علاقته به، وأعلن ذلك فى جريدة اللواء يوم 25 أكتوبر عام 1904 مؤكدا، أنه «اعتزم الابتعاد عنه حتى لا يظن أحد أن عليه شيئا من المسؤولية فى جهاده السياسى».
 
فى هذه القصة التى يربطها «شفيق باشا» بقضية زواج على يوسف وصفية السادات، نحن أمام شخصيتين لامعتين فى تاريخنا المعاصر هما مصطفى كامل وعلى يوسف، فكيف كان يراهما الخديو عباس الذى اجتمع عنده غضبهما المتبادل؟.
 
يوضح «عباس» فى مذكراته «عهدى» عن «دار الشروق- القاهرة»، أنه رغب فى أن تكون هناك جريدة «المؤيد» قادرة على تنوير الأمة، فاستدعى الشيخ على يوسف لرئاستها، ويؤكد عباس، أن يوسف نجح فى مهمته، قائلا: «كانت مقالات المؤيد تقرأ، ويعلق عليها فى أقاصى القرى، وكان المتعلمون يحبون هذه الجريدة وينشرونها، والحق أن الاتجاه الوطنى لعلى يوسف سحر الشباب بالفعل، وربما لم يكن للرجل ميزات جسدية تجعله يحرك الجماهير، ولكن النخبة من البلاد كانت تهتم بهذه الحملة التى كان يقوم بها».
 
وفيما كان على يوسف بحسب رأى الخديو لا يملك الميزات الجسدية التى تجعله يحرك الجماهير، جاءت اللحظة التى حبا الله بها مصر بمن يحركها، ويعبر الخديو عن ذلك بقوله: «شاءت العناية التى تسهر على الشعوب أن ترسل لمصر باذر البذور المنتظر: مصطفى كامل، كان بسيطا وصريحا، وتحت شكله اللطيف كانت تختبئ نفس متفتحة لكل الأحاسيس وقلب يتأثر بكل الحنان، وكانت هبة الله قد أظهرت تفكيره، وكانت فصاحته واضحة وساخنة، وأسلوبه رشيقا، ويتحرك من البساطة الملائكية، إلى الفصاحة العارمة لشيوخ روما فى الماضى، وكان موهوبا بالقدرة على الإقناع، كما كان له ذلك الإشعاع الذى كان للرسل والأنبياء». يتحسر الخديو على فشله فى أمنيته بالجمع بين الاثنين، قائلا: «حلمت بقيام تقارب، ولكن لم أتمكن، وكان هناك نوع من الاعتزاز وحب الذات الزائد عن الحد يفصل بين هذين الرجلين، اللذين كانا من الممكن أن يتفاهما دون أن يحب الواحد منهما الآخر.. كانت لهما الكثير من الميزات والخصائص التى تدفع إلى تقدير متبادل، كان مصطفى معه الشباب والطلبة والمستقبل، والشيخ على كان يمارس نفوذه بنوع خاص على الشخصيات التى كانت تحل مراكز اجتماعية مهمة، فما الذى يؤخذ عليه؟ الذى لم يكن فى وسعه القيام به سوى وضع حماس الواحد مع تجربة الآخر».









مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة