كرم جبر

«شىء من الخوف» فى التجمع الخامس!

الإثنين، 28 أغسطس 2017 07:41 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
حكاية اللواء ورجل الأعمال، التى وقعت أحداثها فى التجمع الخامس، نموذج حى لميليشيات «فيس بوك»، التى تدير الأحداث، وتصدر قرارات الإدانة والبراءة، وتعلق المشانق، وتتمتع  بمشاهدة الجثث  والدماء والأشلاء.. ولعنة الله على هذا السلاح المسموم، الذى يزهق الحقائق وينشر الأكاذيب، وكان الحادث مسرحًا لمستنقع من الشائعات، التى تطايرت طوال الليل، أشبه بقذائف اللهب التى حملها الغاضبون فى فيلم «شىء من الخوف» وهم يهاجمون بيت «عتريس»- ولن نعرف حتى الآن مين «عتريس» ومين الشيخ «إبراهيم».
الرواية الأولى:
اهتزت مواقع التواصل الاجتماعى، لأن «بلطجى شرس» اسمه على اسم وزير الإسكان الأسبق، حرك 40 بلطجيًا، للاعتداء على لواء سابق مغلوب على أمره، ومسالم ووديع، كما وصفته التعليقات المثيرة، فاقتحموا فيلته وكسروا أثاثها وهتكوا أعراض النساء، واعتدوا على اللواء وابنه، بالشوم والمطاوى والسلاح الأبيض، ونشروا صورة البلطجى، وهى فى الحقيقة مستفزة جدًا، لأن الرجل ضارب شعره جيل، يعنى بلطجى من بتوع اليومين دول، وقبل نشر الصورة انقض المعلقون على الوزير الأسبق إبراهيم سليمان، وأيامه السودا والفساد والخراب، وكمان مش سايبين ولاد الناس فى حالهم وبيضربوهم فى فيلاتهم.
الرواية الثانية:
بطلتها زوجة رجل الأعمال المفترض أنه البلطجى، وهى سيدة منتقبة، كان سائقها يسير بالسيارة بسرعة كبيرة، وسحب اللواء حفيده من أمامها قبل أن تدهسه، وقال للسائق «ما تحاسب يا حمار»، فنظرت له المنتقبة من الشباك، وقالت «حاضر، أنا هوريك»، وبعد لحظات حضر البلطجية واقتحموا الفيلا، ضرب وسحل وتكسير وتحطيم «حين يسود الوحوش»، ونشرت بعض صور للضحايا، والمدقق فيها لا يرى دماء ولا كسورًا، مجرد خدوش، ورباط ضاغط على الساق.
وعليه:
انفعلت مع مواقع التواصل الاجتماعى، التى ظلت تسب وتلعن رجال الأعمال ولاد «.....» وأيامهم السوداء، الذين نهبوا مصر واستباحوا ثروتها وجاءوا بالغلاء، والآن ينتهكون أعراض الآمنين، لا يردعهم قانون ولا يخيفهم شىء.. واستمرت المندبة: مصر ضاعت لأن العدالة غائبة والقانون فى إجازة، والسيادة للبلطجة والإجرام.. وهكذا استمرت تعليقات فيس بوك، تشحن وتحرض وتعلن الحرب، «الرواية من طرف واحد».
وعليه:
انفعلت وكتبت على صفحتى «فيس بوك» تعليقًا حادًا، أنادى فيه بتطبيق القانون بحزم وشدة، لرد اعتبار تلك الأسرة المسالمة، التى انتهك رجل الأعمال وبلطجيته فيلته وضربوا عائلته.. وأعترف أننى انفعلت بشدة مع الأسرة المنكوبة وزاد انفعالى بعد أن شاهدت صورة رجل الأعمال ضارب شعره «جيل» وشكله مش مريح.
الرواية الثالثة:
تلقيت من الزميل المذيع أحمد سالم رسالة على صفحتى «فيس بوك»، سرد فيها أشياء مختلفة تمامًا عن رواية اللواء الضحية، حيث تلقى اتصالًا من رجل الأعمال يقول فيه:
أنا إبراهيم سليمان حاصل، على ماجستير ودكتوراه فى القانون، وأمتلك شركة مقاولات صغيرة، ولا أمتلك أى مدارس أو شركات حراسة، من حفظة القرآن، وزوجتى منتقبة، وليس لى أى نشاط أو انتماء سياسى، وشقيق زوجتى ضابط، وأتمتع بسمعة طيبة، اسألوا عنى جميع جيرانى فى حى النرجس المنطقة الثانية.. رجل الأعمال يرتعش ويبكى من الخوف، ويخشى التنكيل به، وقرر الهروب المؤقت إلى حين تدبير أموره.
الرواية الرابعة:
تعرضت زوجتى- يقول رجل الأعمال المفترض أنه البلطجى- للسباب من اللواء، الذى دائمًا ما يقضى النهار أمام منزله، وعندما اعترضت تهجم عليها بالقول وانضم إليه أبناؤه، وهنا هاتفتنى زوجتى فانتقلت مسرعًا لنجدتها، وذهبت إليه وتشاجرنا بالقول فقط، ونزلت زوجته وزوجة ابنه المضيفة، والتوت قدمها على السلم وسقطت أرضًا، ولكنها ادعت ضربها بكرسى، وحضر شقيقها وأشهر طبنجته على رأس الخفير وأطلق عدة رصاصات فى الهواء، قبل أن يحضر ضابط المباحث، الذى ضربه وأخذ منه الطبنجة، قبل أن يعلم بمنصبه، ووجه إليه اللوم على ترويع الآمنين، وذهبوا جميعًا  إلى القسم وعرض الصلح، واشترط اللواء سداد التلفيات رغم عدم وجودها.
الرواية الخامسة:
تلقى اللواء اتصالًا من زوجة ابنه - كما يقول رجل الأعمال المفترض أنه بلطجى- التى بشرته أن «الموضوع مسمع أوى» على السوشيال ميديا وفى التوك شو.. وهنا رفض التصالح.
وعليه:
هدأ انفعالى، وقمت على الفور بحذف كل ما يتعلق بهذا الحادث من صفحتى، ورجوت رواد الصفحة أن يتمهلوا حتى تنتهى النيابة من تحقيقاتها، ونعرف الحقيقة، التى لا نريد غيرها، فقد وصل التسخين ذروته، وكان من الممكن أن تتحرك قوافل من المتحمسين إلى فيلا اللواء، لحمايته من «البلطجى»، طالما أن البلد ليس فيه قانون ولا عدالة.. غير قانون فيس 
بوك، ولعنة الله على فيس بوك.
وعليه:
(1) تحولت مواقع التواصل الاجتماعى إلى منصات اغتيال للحقيقة، فلا تعرف من هو الجانى ولا من هو الضحية.. وكم من الأبرياء قتلتهم هذه الصفحات، وكم من المذنبين قامت بإبراء ساحتهم، وفى هذه الحالة كان ينبغى التروى والهدوء وعدم الاندفاع حتى لا يُظلم برىء.
(2) آن الأوان لوضع ضوابط قانونية لمنع العبث بسمعة الناس والتشهير بهم، وإعطاء الفرصة لجهات التحقيق لأداء عملها دون مثل هذه الضغوط الرهيبة، وليس معنى التعاطف العشوائى، أن هناك جريمة وقعت بالفعل، قبل أن تحدد التحقيقات العادلة من البرىء ومن المتهم.
(3) اللواء ورجل الأعمال.. مجرد نموذج صارخ لانتهاء هذا العالم الافتراضى المخيف، والبادئ بالنشر هو الذى يفوز، والجمهور «يشيير» بلا تحقق، فيتحول الأمر إلى ما يشبه هجوم القطيع.






مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة