نعم نحن نعانى من مشكلة فى الانتماء، ولهذا فإن علينا أن نقدم لأبنائنا شيئا ينتمون إليه، فنحن نترك أطفالنا نهبا للثقافات الدخيلة والأغراض المشبوهة والتدين الظاهرى المقيت، ثم نعود ونسأل كيف انمحت هويتهم وانطمست إنسانيتهم وأصبحوا جنودا للتطرف؟ نترك أطفالنا للشوارع المهملة والمدارس الخربة والبيوت المهلهلة ثم نندهش حينما يطلع الجيل بعد الجيل لا يؤمن إلا بالعبث، ولا يخلص إلا للفهلوة ولا يقدر إلا «السبوبة» حتى لو اكتوى هو بنيران هذه السبوبة.
فى كل يوم تتفاقم الأزمة، وتتجلى فى صورة إرهاب يضرب ولا يترك، أو أحد الأبناء يترك البلد ولا يبقى، ولهذا فأنا أعيد دعوتى لربط التعليم بالهوية وهى الدعوة التى طالبت بها فى شهر مارس الماضى لعل الوزارة تتداركها فى مناهج العام الدراسى المقبل، وأعيد الآن تقديمها لعلنا ننقذ ما يمكن إنقاذه.
أتقدم هنا إلى وزارة التربية والتعليم باقتراح بسيط فى تكلفته عميق فى تأثيره، وهو أن تبدأ الوزارة مشروعا لتحديث مناهج التعليم بما يدعم شعورنا بالهوية بالشكل الذى يجعل أطفالنا حصنًا أمام الهجمات الدخيلة التى يتعرضون إليها كل يوم، فقد يدرس تلاميذنا لمحة عن التاريخ الفرعونى أو القبطى أو الإسلامى أو الحديث، لكن يظل التاريخ غير قادر بمفرده على التوغل إلى وجدان الأطفال، إذ ينساه الطفل بمجرد عبوره للامتحان، فماذا نفعل؟ أقترح هنا أن يدرس أبناؤنا كلا من الأدب والفن المصريين فى كل المراحل التعليمية، فقد يدخل أطفالنا مدارسنا ويخرجون منها وهم لا يعرفون شيئا عن الأدب الفرعونى، أو الأدب القبطى، ومن المؤكد أيضا أن أطفالنا يدخلون المدارس ويخرجون منها دون أن يعلموا شيئا عن الفن المصرى القديم أو الفن القبطى أو حتى الفرق بين الفن المملوكى والفن العثمانى، فالأدب الذى يتعلمه أطفالنا فى المدارس يبدأ من العصر الجاهلى وينتهى عند الأدب الحديث، وكأن مصر الفرعونية لم يكن بها أدب أو حياة، والفن الذى يتعلمه أطفالنا فى المدارس لا يتعدى «حصة الرسم» التى يعتبرها التلاميذ فرصة لدخول الحمام والاستراحة من بقية اليوم الدراسى، ما يجعل تدريس مادتى تاريخ الأدب المصرى وتاريخ الفن المصرى منذ العصر الفرعونى وحتى العصر الحديث ضرورة حتمية.
نشر هذا المقال منذ عامين وأقدمه الآن إلى وزير التعليم الدكتور طارق شوقى الذى يبذل الآن العديد من المحاولات من أجل تطوير التعليم.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة