يخطئ من يظن أن الإجراءات التى اتخذتها دول الرباعى العربى ضد تنظيم الحمدين فى الدوحة ستكون الأخيرة، كما يخطئ من يظن أن وقف قطر دعمها للإرهاب والإرهابيين هو كل المطلوب منها فى المرحلة المقبلة، فالوقائع تقول إن قطر كانت تنفذ مشروعا أمريكيا- إسرائيليا عدوانيا أكبر كثيرا من إمكاناتها السياسية والبشرية وأضخم من أن تستطيع السيطرة على نتائجه، وإن انكسار هذا المشروع العدوانى له تبعات كبرى لا تستطيع دويلة بحجم قطر أن تتنصل منها.
المشروع باختصار، كان عبارة عن مجموعة أزمات وصراعات دولية سياسية واقتصادية لا تقتصر فقط على المنطقة العربية، وإن كانت المنطقة العربية مسرح عملياتها، بل كانت تقتضى كسر إرادة الدب الروسى وإحكام الحصار حوله وكذا التحكم فى إمدادات الطاقة للمنافسين الاقتصاديين للولايات المتحدة الصين واليابان وألمانيا.
قطر وتركيا كان دورهما المحدد، حشد وتدريب وتمويل الجماعات المتطرفة والإرهابية والمرتزقة الوافدين من كل مناطق العالم ونقلهم إلى مناطق الصراع فى البلاد العربية المراد تفكيكها وإعادة تقسيمها، وكذا استقبال الجرحى منهم وتوفير الدعم اللوجيستى والسلاح لهم من خلال عناصر استخباراتية فى مواقع الصراع، وكان هذا الدور القطرى التركى، بمثابة ضمانة تجنب الإدارة الأمريكية وعناصر الجيش الأمريكى أى فضائح أو محاكمات دولية بخصوص الجرائم ضد الإنسانية أو جرائم الحرب المرتكبة فى مناطق الفوضى والصراع بالدول العربية.
المخابرات الأمريكية كانت منذ عام 2000 تعمل على عرقلة مشروع الغاز الروسى إلى أوربا عبر تركيا «ترك ستريم» وتقديم مشروع الغاز القطرى بديلا عنه بعد تهيئة المسار الجغرافى البديل بالضغط على سوريا وتركيا أو تدمير سوريا وإجبار تركيا على إدارة الظهر لروسيا، وفى السياق نفسه عمد تنظيم الحمدين إلى تخريب الدول الواعدة فى مجال الغاز الطبيعى، خاصة مصر وليبيا والجزائر وتعطيل أى اكتشافات جديدة ومنع أى استثمارات محتملة لمصلحة الغاز القطرى، وهو المخطط الذى يبدو انهياره واضحا مع تدفق الاستثمارات والاكتشافات فى مصر ومع تحرير المنشآت النفطية من أيدى الميليشيات فى ليبيا ومع الحفاظ على استقرار الجزائر، ليس هذا فقط بل المفاجأة فى استئناف المفاوضات خلال الأيام الماضية بين بوتين وأردوغان حول إحياء مشروع «تورك ستريم» لإمداد أوربا بالغاز الروسى.
انهيار المشروع الأمريكى لتدمير المنطقة وفرض الحصار على روسيا وإعادة تفتيت المنطقة العربية، وبالتبعية انهيار المنفذين الأساسيين للعمليات القذرة المصاحبة للمشروع الفاشل، لابد له من كبش فداء يتحمل نتائجه، ولن يكون هذا الخاسر سوى تنظيم الحمدين فى الدوحة الذى ينزلق بسرعة كبيرة فى اتجاه المحكمة الجنائية الدولية ودفع تعويضات هائلة عن جرائمه فى دعم الإرهاب وجرائمه ضد الإنسانية.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة