فصل جديد فى العلاقات الإيرانية ـ الأمريكية بدأه الرئيس الأمريكى دونالد ترامب يوم الأربعاء 2 أغسطس الحالى، بعد أن وقع على قانون "مكافحة أعداء أمريكا من خلال العقوبات"، ذلك الذى يسن عقوبات جديدة على عدد من الدول من بينها إيران.
وبالرغم من أن القرار يحرج مركز الرئيس حسن روحانى باعتباره بطلا للاتفاق النووى، ويقلص من نفوذه ودعايته فى الأوساط الإيرانية، ما ينسجم مع الخط السياسى لترامب إلا أن الرئيس الأمريكى بدا غير مرتاح إلى هذه الحزمة الجديدة من العقوبات، لكنه قال أيضًا إنه يؤيد اتخاذ تدابير صارمة لمعاقبة وردع السلوك السىء من جانب ما وصفها بـ"الأنظمة المارقة فى طهران".
البرنامج الصاروخى الإيرانى
فى تلك العبارة إشارة إلى مؤسسة الحرس الثورى وقوات الجو ـ فضاء التابعة للحرس الثور، خاصة أنها أعلنت فى أكثر من مناسبة عن إنشاء مصانع للصواريخ البالستية تحت الأرض، فضلًا عن إطلاقها 6 صواريخ من طراز ذو الفقار على أهداف فى دير الزور السورية وأهداف أخرى فى الأراضى العراقية يونيو الماضى.
وأكد الرئيس الأمريكى، أن القانون يرسل رسالة واضحة إلى إيران بأن الشعب الأمريكى لن يتسامح مع سلوكها الخطير والمزعزع للاستقرار، وأن الولايات المتحدة ستواصل العمل عن كثب مع كل الأصدقاء والحلفاء للتحقق من وقف الأنشطة الخبيثة لهذا البلد.
وأطلقت إيران عددًا من صواريخ الاختبار التى قال خبراء إنها قد تكون قادرة على حمل رؤوس نووية أو حمل أقمار صناعية بهدف التجسس، وهو ما يعد خطًا أحمر فى الاستراتيجية الأمريكية الكبرى التى تستهدف المحافظة على معاهدة حظر استخدام السلاح النووى.
وفى بيان له، قال ترامب إنه "على الرغم من أننى أؤيد اتخاذ إجراءات صارمة لردع السلوك العدائى المزعزع للاستقرار لكل من إيران وكوريا الشمالية وروسيا، فإن هذا التشريع معيب بدرجة كبيرة"، وأضاف "فى عجلته لتمرير القرار، ضمن الكونجرس القرار عددا من الإجراءات المخالفة للدستور"، ما يشير إلى أن الرئيس يريد غسل يديه من تبعات القرار وتحميل نواب البرلمان الأمريكى مسؤولية تداعياته، وما سيترتب عليه فى العلاقات الأمريكية بالدول التى يعنيها التشريع وعلى رأسها إيران.
بين ترامب والكونجرس
قبل أيام وافق مجلس الشيوخ الأمريكى بأغلبية ساحقة على فرض عقوبات جديدة على إيران، وأقر مشروع قانون العقوبات الجديدة فى وقت سابق من يوليو بأغلبية كبيرة أيضًا.
وبعد موافقة المجلسين، أرسل التشريع إلى الرئيس دونالد ترامب ووقعه وبالتالى واعتبارًا من أمس الأربعاء أصبح سارى المفعول، بالرغم من أن الرئيس الجمهورى كانت لديه سلطة استخدام حق النقض (الفيتو) ضد التشريع غير أنه رأى ضرورة المضى قدمًا فى معاقبة إيران على خلفية برنامجها الصاروخى الباليستى الذى أعلن عنه قادة الحرس الثورى فى أوقات سابقة من يونيو ويوليو الماضيين.
ويفرض مشروع القانون عقوبات غير نووية ضد إيران، وبموجب مشروع القانون، يعاقب الرئيس الأمريكى الحرس الثورى الإيرانى وجميع المسؤولين والنواب والأشخاص التابعين له فى الخارج خلال 90 يوما.
وجاء فى نص المشروع "أن الحرس الثورى الإيرانى هو المسؤول عن تنفيد مشاريع مزعزعة للاستقرار العالمى ودعم الإرهاب الدولى وبرنامج إيران الصاروخى".
روحانى والعقوبات
ومن المرجح أن تكون تلك العقوبات بمثابة مادة سائغة تتيح لخصوم الرئيس روحانى النيل من برنامجه الانتخابى الذى صعد به إلى السلطة للمرة الثانية ومن المقرر أن يتم تنصيبه رئيسًا مجددًا يوم السبت 5 أغسطس الحالى، ولا أدل على ذلك من انتقاد خطيب جمعة طهران المؤقت آية الله كاظم صديقى الخط السياسى للرئيس روحانى فى انفتاحه على الغرب، فى خطبة الجمعة الماضية.
وفقًا لتلك الرؤية فإن العقوبات ستجعل الأوساط الإيرانية أكثر اقتناعا بخط المتشددين والمحافظين المناوئين للرئيس روحانى، المتمسك وإدارته حتى الآن بمخرجات خطة العمل الشاملة المشتركة "الاتفاق النووى".
وبالرغم من كل ذلك يتحمل الرئيس روحانى نتائج هذه العقوبات لأنه وقع فى تناقض بالغ الفجاجة فى الأشهر الأخيرة، إذ انتقد فى المناظرة الرئاسية الثانية سلوك الحرس الثورى، فيما يتعلق بتطوير البرنامج الصاروخى الباليستى، وقال إن "الحرس الثورى ينتهك روح الاتفاق النووى".
لكنه وبالرغم من ذلك بعد أن نجح فى الانتخابات الرئاسية التى جرت يوم 19 مايو الماضى أقر ميزانية جديدة تسمح للحرس الثورى بمواصلة تطوير البرنامج الصاروخى.
واعتمد روحانى ميزانية من جزأين مكونة من 2 تريليون تومان إيرانى؛ للإنفاق على التسليح الصاروخى والإنفاق على نشاطات فيلق القدس وهو الذراع الخارجية للحرس الثورى والمخول بتنفيذ العمليات النوعية على أراضى غير إيرانية فى سوريا والعراق واليمن.
ليس هذا فحسب بل خرج وزير الخارجية محمد جواد ظريف، المحسوب على التيار الإصلاحى، ودافع عن الميزانية الجديدة للتسليح الصاروخى، وقال إن "هذه هى وسيلتنا الوحيدة للدفاع عن أنفسنا".
وعلى هذه النسق، يبدو أن روحانى يتحمل نصيبا كبيرا من تدهور علاقات بلاده بالإدارة الأمريكية، حتى مع الاخذ فى الاعتبار أن الجمهوريين الجدد فى البيت الأبيض هم الذين ناصبوا إدارة روحانى العداء حتى قبل يناير 2017.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة