جيلان جبر

ولاية الفقيه وولاية الأمير

الخميس، 03 أغسطس 2017 10:00 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
سقطت أوراق التوت وأصبح اللعب على المكشوف وبتبجح وإصرار من بعض الأطراف الإقليمية طمعا بالوجود على الخريطة السياسية من خلال التمدد بالنفوذ سواء كان بالإرهاب أو برسم أدوار المظلومية والاضطهاد، فتجد إيران التى تُمارس مع عدد من دول المنطقة تركيا وقطر وغيرها التدخل فى الشؤون الداخلية لعدد من الدول العربية.. فجأة أصبحت تدعم قطر وتسعى من خلالها هى الأخرى للمطالبة بتدويل الحرمين الشريفين، وجعل رعايتهما فى المرحلة المقبلة حقا شرعيا لكل الدول المنتسبة للإسلام وليس للسعودية فقط وضرورة إعطاء الفرصة لتلك الدول للمشاركة فى حراسة الحرمين أمنيا!
 
نعم فجأة مع أزمة قطر تخرج مطالبات وتحليلات سياسية بشكل آخر جديد، والحقيقة هى مطالب إيرانية وطرح لطموح تركى ومن خلال استغلال البوق القطرى، فالأسبوع الماضى أعلنت شركات الحج والعمرة القطرية عدم تسيير حملات حج هذا العام، خوفا على الحجاج القطريين من التعرض لمضايقات من الجانب السعودى، وجاء الإعلان بعد أسبوع واحد من زيارة وزير الثقافة القطرى إلى طهران، حيث صلى فى ضريح الخمينى، فى حين تمت الموافقة الرسمية والإعلان أن أكثر من 86 ألف حاج إيرانى سيكونون على الأراضى السعودية هذا العام، فى حين مازالت قطر تعبر عن تخوفها من المضايقات التى قد يتعرض لها الحجاج القطريون فى الأراضى المقدسة؟ وزعمت أن الشركات لا تضمن سلامة الحجاج من المواطنين والمقيمين، إلى جانب أن سفارة المملكة العربية السعودية فى الدوحة مغلقة تماما.
 
الإعلام القطرى يمهد الرأى العام بأنهم ممنوعون من الحج لأسباب سياسية، وهو ما يمهد الطريق أمام الدوحة إلى الإعلان عن رغبتها فى تشكيل إدارة إسلامية دولية لإدارة شؤون الحج، علما بأن هذا الطلب هو ضمن المطالب الإيرانية المطروحة فى المؤتمرات الدولية وتشدقت به تركيا وأردوغان رئيس منظمة القمة الإسلامية لهذا العام.
 
إذا أصبحت تركيا وإيران وقطر وحلفاءهم هم داخل لوبى إقليمى دولى إسلامى للضغط على دول المقاطعة «السعودية ومصر والبحرين والإمارات»، وعلى الرغم من أن نظام الجمهورية الإسلامية فى إيران يختلف، نظرياً، عن معظم الأنظمة المتعارف عليها فى أدبيات النظم السياسية العالمية، باعتبار هناك مكانة خاصة لموقع المرشد الأعلى للجمهورية أو الولى الفقيه الذى لا يوجد نظير له فى تلك الأنظمة، فإن ذلك لا ينفى فى الوقت ذاته أن أصبح ثمة أوجه تشابه متعددة بين هذا النظام وبعض الأنظمة السياسية الأخرى تفرضها الممارسة الواقعية للسلطات والآليات المستخدمة فى تحديد اتجاهات السياسة الخارجية، وقام مركز المستقبل بالإمارات باعداد دراسة مهمة حول العلاقة بينهما.
 
وتبدو قطر أقرب النماذج المشابهة للنظام الإيرانى، واللافت هنا أن هذا التشابه بدا حتى فى الاتهامات الموجهة للدولتين من جانب قوى إقليمية ودولية عديدة، وذلك نتيجة لتوافق الآليات التى تسعى الدولتان إلى استخدامها من أجل تحقيق أهدافهما، على غرار دعم الإرهاب والتدخل فى الشؤون الداخلية لدول المنطقة وزعزعة الاستقرار فى الشرق الأوسط.
 
ومن هنا ربما يمكن تفسير بعض جوانب الدعم الإيرانى للموقف القطرى فى الأزمة المتصاعدة مع الدول الأربع المضادة للإرهاب، إذ إن إيران ترى أنها ربما تتعرض لضغوط مماثلة فى مرحلة ما، خاصة أن بعض الخلافات القائمة معها هى نفسها التى تتصاعد بسببها الأزمة الحالية مع قطر.
ويمكن تناول أوجه التشابه الرئيسية بين قطر وإيران على النحو التالى:
 
1 - ازدواجية السلطة: النظام السياسى القطرى يشبه نظيره الإيرانى من حيث ازدواجية السلطة، بين المرشد الأعلى ورئيس الدولة، حيث يشبه موقع «الأمير الأب» الشيخ حمد بن خليفة منصب المرشد الأعلى فى إيران، من حيث امتلاك معظم السلطات التى يدير من خلالها شؤون الدولة، ويستطيع عبرها تحديد اتجاهات السياسة الخارجية، فى حين يقترب دور «الأمير الابن» الشيخ تميم بن حمد من منصب رئيس الجمهورية فى النظام الإيرانى الذى يمتلك صلاحيات محدودة تتركز حول تنفيذ السياسات العامة التى يضعها المرشد الأعلى.
 
2 - المحيط المأزوم: أنتجت السياسة الخارجية التى تبنتها كل من قطر وإيران خلال العقود الأخيرة أزمات مستمرة لكلتيهما مع دول الجوار، خاصة أن الدولتين حاولتا باستمرار التدخل فى الشؤون الداخلية لتلك الدول، عبر تأسيس علاقات مع بعض الجماعات المحلية بشكل أثر على حالة الأمن والاستقرار فى بعض تلك الدول.
 
3 - التحالف مع الأضداد: تتبنى كل من طهران والدوحة سياسة مزدوجة فى التعامل مع التطورات الخارجية، تبدو جلية على مستويين: يتمثل أولهما، فى «التحدث بأكثر من لسان» مع الأطراف الخارجية، فى إطار ما يمكن تسميته بعملية تقسيم أدوار، تسعى من خلالها الدولتان إلى توسيع حرية الحركة وهامش المناورة المتاح أمامهما على الساحة الخارجية.
 
وينصرف ثانيهما، إلى فتح قنوات تواصل مع «الأضداد» أو «الخصوم» بهدف دعم الجهود التى تبذلها الدولتان لتعزيز حضورهما فى المنطقة.
4 - دعم الإرهاب: تبدو علاقة الدولتين مع التنظيمات الإرهابية من تجليات تلك السياسة المزدوجة، فعلى الرغم من حرص طهران والدوحة على الترويج لمزاعم مشاركتهما فى الحرب ضد الإرهاب، فإن ذلك لا ينفى أنهما أسستا علاقات وتوصلتا إلى تفاهمات مع تلك التنظيمات، لاسيما تنظيمى «القاعدة» و«داعش».
 
5 -احتضان قوى الإسلام السياسى: حرصت الدولتان على تأسيس علاقات قوية مع جماعات الإسلام السياسى فى بعض دول المنطقة، من أجل استثمارها فى ممارسة ضغوط على تلك الدول، فى ظل التباين المتصاعد بين الطرفين حول التعامل مع بعض الملفات الإقليمية. وبعد اندلاع الاحتجاجات العربية فى بداية عام 2011، سارعت الدولتان إلى استثمار وصول بعض تلك الجماعات إلى السلطة من أجل دعم نفوذها داخل تلك الدول.
ملفات وسياسات متشابهة كلها تعنى فى النهاية أن «ولاية الأمير» تحولت إلى الرقم الأهم ومفتاح اللغز فى تفكيك أسباب العلاقات القوية التى تقترب من درجة التحالف بين «دولة المرشد والرئيس» فى طهران و«دولة الحمدين» فى الدوحة، ومن نعلم كيف يتم التنسيق والترتيب لتصعيد الصراع وتحقيق أهداف تخدم الخصوم والأعداء والعرب يعانون من تفكيك البلاد وتقسيم المقدسات من القدس أولى القبلتين إلى الحرمين الشريفين!









مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة