أكرم القصاص - علا الشافعي

عبد الفتاح عبد المنعم

أمريكا واستراتيجية «الاحتواء والردع» بعد تفجيرات 11 سبتمبر 2001

الخميس، 31 أغسطس 2017 12:00 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
من بين «المرشحين» الكثيرين لتهديد الولايات المتحدة الأمريكية، ظهر عدو جديد هو «الدول الخارجة على القانون» أو «دول محور الشر» كالعراق وكوريا الشمالية وإيران وسوريا وليبيا منذ مطلع التسعينات. فلقد غير انتهاء الحرب الباردة كل التوازنات، فأصبحت الولايات المتحدة الأمريكية فى حاجة لإيجاد أهداف لاستخدام القوة الأمريكية من أجلها، ولتبرير استمرار الدور الأمريكى فى الشؤون الدولية بصورة توازى دورها إبان الحرب الباردة، ومن هذه النقطة تواصل الباحثة مروة محمد عبدالحميد عبدالمجيد كشف المستور فى دراستها التى حملت عنوان «التغير والاستمرار فى استراتيجية الأمن القومى الأمريكية بعد أحداث 11 سبتمبر»، حيث قالت الباحثة إن الفكر الاستراتيجى الأمريكى اعتمد طوال حقبة الحرب الباردة والتسعينيات من القرن العشرين على عقيدة عسكرية تعتمد على ثلاث مقومات هى استخدام النيران القوية كبديل للقوة البشرية، حيث يتم توظيف نتائج الثورة العلمية والتطورات التكنولوجية والقدرات الصناعية فى تطوير نظم تسليح تعطى الأولوية للحفاظ على حياة الجنود الأمريكيين من خلال الاعتماد المتزايد على قوة النيران بديلا عن القوة البشرية، حيث إنها لا يجب أن تضحى بحياة أبنائها للدفاع عن الآخرين أو لحماية مصالح خارج أراضيها، فمنذ أن أصبحت الولايات المتحدة الأمريكية قوة عظمى فى النظام الدولى اضطرت أن تحارب بعيدا عن أراضيها فى الحربين العالمتين والحرب الكورية وحرب فيتنام وحرب الخليج الثانية، وكان اعتمادها على قوة النيران حلا مناسبا للقتال من أجل حلفائها بدون أن تضحى بكثير من أبنائها من أجلهم، إلى أن جاءت هجمات سبتمبر وأصبحت الولايات المتحدة هى نفسها الضحية وهدفا للتهديد، فكان لابد أن يعاد النظر فى القاعدة القديمة، حيث إن خصوم الولايات المتحدة استطاعوا التكيف مع العقيدة العسكرية الأمريكية القائمة على استخدام النيران القوية والخوف من استخدام العنصر البشرى، واتخذوا مسارا مختلفا أثناء تنفيذهم هجمات 11 سبتمبر من خلال استخدامهم نمط الحروب الغير تقليدية حيث الذى قام بتحديتها هو عدو ليس له عنوان يمكن الوصول له، ولكن العدو هو مجموعة من الجماعات التى امتلكت بعض الإمكانيات، واستطاعت تحدى إرادة الولايات المتحدة الأمريكية.
 
كما قامت أيضا الاستراتيجية الأمريكية على مفهومى الردع والاحتواء، فالردع يعنى تحييد العدو بتخويفه اللجوء إلى أعمال عدائية ينجم عنها توجيه إجراءات مؤلمة ضده، تجعل الثمن المقابل الذى سيدفعه باهظا وقد تكون هذه الإجراءات سياسية أو اقتصادية أو عسكرية ببعديها التقليدى وفوق التقليدى، لذلك لا بد من توفير مصداقية عالية للردع من خلال تبليغ «رسالة ردعية» واضحة يتيقن من خلالها أن وسائل الردع التى سوف تستخدم ضده متاحة بالفعل وليست وهما.
 
أما الاحتواء فهو يعنى محاصرة عدو فى شكل دولة بهدف إحكام الخناق حوله لكسر إرادته، وذلك بأنواع مختلفة من الحصار والمقاطعة، منها الحصر البحرى والجوى على موانيه، ومقاطعته سياسيا واقتصاديا، وفرض مناطق حظر جوى عليه فوق أراضيه، وفرض عقوبات دولية، والتحكم فى التصرف فى ثرواته الوطنية. فنجد أن استراتيجيتى الردع والاحتواء قد تمكنت من تحييد قوة الاتحاد السوفيتى والحفاظ على السلام بين الولايات المتحدة والاتحادالسوفيتى خلال فترة الحرب الباردة، إلا أنهما قد أصبحا عديمى الفائدة بعد هجوم 11 سبتمبر فإذا كان الردع والاحتواء هما أهم سلاحين تقليديين قد تم استخدامهما للمحافظة على السلام بين الدول واستقرار العلاقات الدولية، إلا أنهما أصبحا غير مفيدين فى تأمين أهداف الأمن القومى الأمريكى طبقا لرؤية إدارة بوش، لذلك قامت الولايات المتحدة الأمريكية بإعادة رسم الاستراتيجية الدفاعية على أساس تطوير التدخل الانتقائى فأعلنت استراتيجية جديدة قائمة على مفهوم الضربات الاستباقية والوقائية وطبقتهما على أرض الواقع عندما وجهت ضربة وقائية ضد طالبان فى أفغانستان 2001، وضربة استباقية ضد العراق 2003، حيث إن مبدأ هذه الضربة الاستباقية يتمحور حول التحول من صد هجوم فعلى إلى شن حروب وضربات وقائية لمنع هجمات متوقعة، فالحرب الوقائية تعنى قيام دولة بشن هجوم مدبر على دولة أخرى بينهما صراع لتحقيق هدف من أهدافها السياسية، فهذا الهدف يرتبط بتخطيط سياسة الدولة العليا، وتعنى الحرب الاستباقية هى تلك الهجمات التى تشن كمحاولة لدفع أو منع عدوان وشيك أو لتحقيق فائدة استراتيجية فى حرب قريبة الوقوع لا يمكن تجنبها والهدف من الاستباق هو كسب زمام المبادرة وإيقاع الضرر بالعدو فى لحظة ضعف أو عدم استعداد منه.
 
و«الاستراتيجية الاستباقية هى إستراتيجية دفاعية للولايات المتحدة فى القرن الحادى والعشرين، تركز الاهتمام على الأخطار التى إذا ما أسيئت إدارتها يمكن أن تتحول إلى أخطار من النوع (أ) التى تهدد الوجود الأمريكى فى السنوات المقبلة، وهذا يختلف عن الردع اختلافاً جوهرياً، فهو إستراتيجية سياسية عسكرية واسعة، تعتمد على كل أدوات السياسة الخارجية، السياسية والاقتصادية والعسكرية، ولكن لوزارة الدفاع الدور المحورى فيها.
 
ولقد اعتمدت الدراسة على المنهج التحليلى لاكتشاف المستقبل الذى تتطلع إليه الولايات المتحدة للانتقام من الإرهاب الاسود الذى ضربها فى 11 سبتمبر 2001، وهو ما سنواصل الكشف عليه فى الأيام المقبلة إن شاء الله تعالى.









مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة