المتتبع لعدد الزيارات التى قام بها الرئيس عبد الفتاح السيسى إلى الصين منذ توليه السلطة فى صيف 2014 وحتى الآن يدرك أهمية بلاد التنين فى إستراتيجية السياسة الخارجية لمصر، خاصة مع تنويع التحالفات الذى بات أحد معالم السياسة المصرية فى السنوات الثلاث الماضيات.
الزيارة الأولى.. 22 ديسمبر 2014
زيارة السيسى الأولى
حرص الرئيس السيسى فى تلك الزيارة التى قام بها بعد شهور قليلة من توليه المسؤولية على توطيد العلاقات المصرية ـ الصينية خاصة مع حاجة البلدين إلى كل منهما فى مجالات التجارة والاقتصاد والسياسية ولذلك أكد الرئيس عبد الفتاح السيسى على دعم مصر لمبادرة الرئيس الصينى، شى جين بينج، لإحياء "طريق الحرير"، ووقتها أشار إلى أن القاهرة تدعم مثل هذه المبادرات الإيجابية التى تستهدف تحقيق التعاون ومصالح الشعوب.
وفى تلك الزيارة التقى الرئيس السيسى بعدد من المستثمرين ورجال الأعمال الصينيين وحثهم على الاستثمار فى مصر، وهو ما سيؤتى ثماره فى الزيارة الثانية الى سيقوم بها الرئيس السيسى فى سبتمبر من العام 2015 بعد الزيارة الأولى ببضعة أشهر.
ولا أدل على أهمية تلك الزيارة من التغطية الكبيرة التى حظيت بها فى وسائل الإعلام الصينية، إذ نشر موقع "شبكة الشعب" مقالاً تحت عنوان "كيف تكبر مصر كعكتها السياحية لجذب الصينيين"، ورأى الموقع أن كثيرا من الصينيين لديهم حلم لزيارة مصر وملامسة الحضارات الفرعونية والإسلامية العريقة، كما أن مصر تتمتع بظروف سياحية مميزة وشهرة واسعة لدى الصينيين، آملا فى أن تقوم بتكبير كعكتها السياحية لجذب المزيد من السياح الصينيين.
فضلا عن ذلك أفردت وسائل الإعلام الصينية مساحات بارزة للحديث عن الاستثمار الصينى فى منطقة محور قناة السويس الجديدة خاصة أن الرئيس السيسى كان قد افتتحها فى 6 أغسطس من العام نفسه.
الزيارة الثانية.. 1 سبتمبر 2015
توقيع اتفاقات بين مصر والصين
فى تلك الزيارة كان الهدف الرئاسى واضحا وهو تعزيز فرص التقارب المصرى مع عدد من الدول الآسيوية الفاعلية وعلى رأسها الصين بطبيعة الحال، خاصة أنه كان واضحا الرغبة العارمة لدى الرئيسى فى ترجمة نتائج الزيارة الأولى، وذلك أكد الرئيس أن الحكومة المصرية سارعت إلى تنفيذ خريطة طريق اقتصادية لإنعاش الاقتصاد الوطنى تضمنت إصلاحات اقتصادية وترشيد الدعم، داعيا الشركات الصينية إلى المساهمة فى مشروعات تنمية اقتصاد مصر.
كما التقى الرئيس السيسى عددا من رؤساء الشركات الصينية التى تستثمر فى مصر بهدف إيجاد فرص مناسبة للتعرف على مدى التقدم فى المشروعات التى تنفذها تلك الشركات فى مصر، والعقبات التى تواجهها، والتأكيد على حرص الحكومة على توفير كافة التسهيلات اللازمة لدعم الاستثمارات الصينية فى مصر.
وأشار السيسى إلى أن اجتماعه مع رؤساء الشركات الصينية اليوم يعد رسالة للشركاء الصينيين تؤكد أن تنفيذ المشروعات الصينية سيتواصل، لافتا إلى أن الشركات الصينية الراغبة فى تشييد مشروعات صناعية فى محور قناة السويس ستحظى بكافة التسهيلات اللازمة.
وفى تلك الزيارة التقى الرئيس عبد الفتاح السيسى، رئيسة شركة هواوى للاتصالات "سون يابانى"، وعددا من مسئولى الشركة، واستغرق اللقاء نحو ساعة ومن بعدها نلاحظ استثمار الشركة الكبير فى السوق المصرية، ما يعنى نجاح جلسة المباحثات تلك التى تم الاتفاق فيها على تنفيذ عدد من المشروعات فى مصر فى مجالات الاتصالات والكهرباء، لاسيما تصنيع العدادات الكهربائية.
الزيارة الثالثة.. 3 سبتمبر 2016
استقبال رسمى رفيع المستوى للسيسى فى بكين
حظت تلك الزيارة بأهمية من نوع خاص، فقد بات الرئيس السيسى السياسى العربى المفضل لدى الدوائر العليا لصناعة القرار فى العاصمة بكين، ولذلك حرصت الصين على دعوته لحضورة قمة مجموعة العشرين بالرغم من أن مصر ليست من أعضائها.
وعكست تلك الزيارة التى تمت فى مدينة هانجتشو الصينية، طبيعة التعاطى الصينى مع مصر، فقد كانت مصر إحدى 5 دول فقط حول العالم تتمت دعوتها للمشاركة فى أعمال القمة من خارج دول المجموعة، وهو ما يعطى انطباعا عن الرؤية الصينية للدور المصرى فى مسائل المال والأعمال والقضايا الأمنية والسياسية الكبرى ليس فى الإقليم فحسب ولكن فى عدد آخر من ميادين الصراع فى العالم.
ويلاحظة من خلال تلك الزيارة تركيز الرئيس المصرى على الجوانب الاقتصادية وحرصه على تعزيز الاقتصاد المصرى من خلال جذب رجال الأعمال، ويتبين لنا ذلك بالنظر إلى مجموعة الوزراء المرافقين له فى تلك الزيارة وهم إلى جانب وزير الخارجية سامح شكرى، عمرو الجارحى، وزير المالية، وطارق قابيل، وزير التجارة والصناعة، وطارق عامر محافظ البنك المركزى.
الزيارة الرابعة.. 1 سبتمبر 2017
لقطة من إحدى زيارات الرئيس السيسى للصين
يمكن ببساطة ملاحظة أن الرئيس السيسى يزور الصينى مرة كل عام غالبا تكون فى سبتمبر، وهى للمفارقة تعكس حالة التصاعد الطردى فى العلاقات المصرية ـ الصينية فى عهد الرئيس السيسى الذى يذهب هذه المرة بدعوة من الصين لحضور أعمال قمة دول مجموعة البريكس (الصين ـ روسيا ـ البرازيل ـ جنوب إفريقيا ـ الهند).
ويعزز البيان الذى أصدره وزير الخارجية الصينى وانج يى، يوم الأربعاء 29 أغسطس، الرؤية التحليلية السابقة التى تم التوصل من خلالها إلى أن مصر هى أهم دولة عربية وشرق أوسطية على الإطلاق من المنظور الصيني، ذلك أن الصين ـ وفقا للبيان الرسمى ـ لم تدع من دول الإقليم إلا مصر فقط.
وقال البيان إن بكين دعت قادة مصر وغينيا والمكسيك وطاجيكستان وتايلاند للمشاركة فى فعاليات قمة بريكس التى ستحتضنها مدينة شيامن بمقاطعة فوجيان الساحلية بجنوب شرقى البلاد الأسبوع المقبل.
وعلى هذا النحو يتضح أنه لا صوت يعلو على صوت الاقتصاد فى زيارات الرئيس السيسى الأربع إلى الصين، فى ظل حاجة الاقتصاد المصرى الماسة إلى جذب رؤوس الأموال والسياحة الصينية، ويعكس حجم ونوعية تلك الزيارة المكانة الكبرى التى تحظى بها القاهرة فى عيون بكين.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة