فى هذه الزاوية كتبت مرارا عن أهمية الاستعانة بالأساتذة الأجانب فى الجامعات المصرية، وهو أمر أراه ضروريا بل أراه مصيريا، لما له من آثار إيجابية متعددة على حال التعليم فى مصر الذى لا يخفى على أحد أنه بات فى حاجة ماسة للإصلاح، ولهذا سعدت كثيرا حينما قرأت تصريحات منسوبة إلى الدكتور عثمان الخشت رئيس جامعة القاهرة مؤكدا فيها أهمية الاستعانة بالأساتذة الأجانب، وفى الحقيقة فإنى أرى أن هذا الأمر يكاد يكون الحل الوحيد لتطوير التعليم الجامعى فى مصر، لأن مجرد وجود أساتذة أجانب فى كافة التخصصات سيكون له أكبر الأثر فى خلق مناخ تنافسى بين المصريين وبعضهم البعض من ناحية والمصريين والأجانب من ناحية أخرى.
هنا يجب ألا ننسى أن جميع دول العالم تفعل هذا الأمر، وجميع دول العالم ترحب بالعلماء المتخصصين على أراضيها وتعاملهم معاملة خاصة، وأذكر أن أحد أصدقائى من الأساتذة الجامعيين قال لى إنه فوجئ باحتفاء غير عادى من جانب الجامعة بمجرد وصوله إلى البلد الذى أعير إليه، لدرجة أن وكيل الجامعة بنفسه كان فى استقباله فى المطار وهو الذى اصطحبه إلى منزله الجديد واضعا نفسه فى خدمة رجل فى عمر أبنائه، ولما أبدى صديقى اندهاشه من الأمر قال له وكيل الجامعة إن هذا أبسط ما يمكن عمله لمن يعلموننا، فلولا احتياج بلدنا إليك ما استقدمناك إلينا.
يجب أيضا ألا ننسى أن مصر فى أيام مجدها كانت تفعل نفس الشىء، بل إنى لا أبالغ إذا قلت إن جزءا كبيرا من نهضة مصر التى نتحدث عنها ليل نهار كان بسبب وجود آلاف الخبراء الأجانب فى التعليم والصناعة والزراعة والتجارة والفن، بل إن معظم عمداء الكليات فى بداية الجامعة المصرية كما يؤكد الدكتور حسن نصر فى كتابه «الأجانب فى الجامعة المصرية» الذى نشره المجلس الأعلى للثقافة كانوا من الأجانب وكانت كلية الحقوق تضم نحو 20 أستاذا أجنبيا، أما كلية الآداب فضمت 56 أستاذا أجنبيا وضمت كلية العلوم 8 أساتذة، بينما ضمت كلية الهندسة 40 أستاذا جامعيا، أما فى الفن فحدث ولا حرج، فلولا الأستاذ الإيطالى ناللينو ما كان لطه حسين أن ينبغ مثلما نبغ ولولا النحات الفرنسى «لابلانتى» ما كان لنحات مصر الأكبر «محمود مختار» مثل هذا الحضور العالمى الكبير، وفى الحقيقة فإنى أرى أن «المكابرة» فى هذا الأمر لا تضر أحدا سوانا.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة