مراقبون: الغنوشى يطرح نفسه ومن ثمَّ يجهزها لدور سياسى وموقع جديد فى تونس
مناورات عديدة يقوم بها راشد الغنوشى، رئيس حركة النهضة التونسية، عبر تصريحات عديدة تتضمن تراجع الحركة الإخوانية عن دعم قطر، وتتنصل من التنظيم الدولى للإخوان، حيث يسعى الغنوشى للظهور بصورة تضمن له دورا جديدا فى المنطقة، ورغم أن دوره خلال الفترة الماضية كعراب لفكرة المصالحة مع الجماعة، إلا أنه يصر على الخروج والتنصل منهم، وهو ما يطرح تساؤلات عديدة حول ما هدف الغنوشى من تلك التصريحات؟ ولماذا هذا التراجع فى ذلك التوقيت؟، وكيف يسعى الغنوشى لطرح ملف المصالحة مع الإخوان ويلتقى بهم فى تركيا مثلما كرر فى تصريحات عديدة ثم يتنصل منهم؟.
"الغنوشى" فى حوار مع قناة نسمة التونسية، تنصل من انتماء الحركة للتنظيم الدولى للجماعة، أو أنها تنتمى لما يسمى "الإسلام السياسى، حيث حاول تصوير حركته على أنها حركة مدنية معتدلة، قائلاً: "النهضة حركة متماسكة، ولكنها فى المقابل ليست حزبًا حديديًا، بل حركة ديمقراطية، نحن لسنا من الإسلام السياسى ولسنا من المتطرفين، نحن مسلمون ديمقراطيون وجزء من المجتمع التونسى"، حيث تأتى تلك التصريحات بعد مواقف للغنوشى تؤكد ارتباطه بالإخوان لعل آخرها المحاضرة التى ألقاها فى لندن عن الإخوان وأزمات التنظيم بمصر، ولقاءه بالدكتور عبد المنعم أبو الفتوح لبحث حل أزمة الجماعة وطرح ملف المصالحة.
وحول الدور الذى يسعى الغنوشى أن يلعبه فى الفترة الحالية، يقول هشام النجار، الباحث الإسلامى، إن الغنوشى يطرح نفسه ومن ثم يجهزها لدور سياسى وموقع جديد فى تونس وربما يتم ترشيحه لرئاسة الجمهورية أو على الأقل تشكيل الحكومة وهو يناور ويلبس لبوسًا جديدًا فوق عباءته الإخوانية ليخفيها عن الأنظار وليظهر بصورة السياسى الديمقراطى التعددى النخبوى الحداثى.
ويشير النجار، فى تصريحات لـ"اليوم السابع"، أن الغنوشى يرسل صورته الجديدة تلك للغرب ولدول إقليمية تسعى لإحضار الإخوان فى مشهد السلطة بأى شكل ولو عبر تغيير العناوين والمظاهر ويبقى ما فى القلب فى القلب وتركيا تحديدًا تسعى لنسخة أردغانية مناورة فى الدول العربية، وهى تبدأ بتجريب تونس على أمل مواصلة التجربة فى بلاد أخرى ومنها مصر، والمرحلة القادمة ستشهد مناورات من التنظيم الدولى بالدخول فى مشهد التنافس على السلطة بشعارات جديدة وثياب عصرية تخفى تمامًا العباءة الإخوانية، لحين التمكن والسيطرة استنادًا لنجاح أردوغان فى تنفيذ تلك الخطة فى تركيا.
وفى السياق نفسه يقول طارق أبو السعد، القيادى السابق بجماعة الإخوان، إن الغنوشى الذى يزعم عدم دعمه لقطر التقى منذ أيام برجب طيب أردوغان قبل جولة الأخير للخليج ليطلب منه حل أزمة قطر ومنع مغادرة الإخوان من الدوحة، فالغنوشى ما زال جزءًا من التنظيم الدولى ولم يغادره.
ويضيف القيادى السابق بجماعة الإخوان، أن الغنوشى يخشى غضب الشارع التونسى منه، لذلك يحاول أن يصور للرأى العام أن حركتنه مستمرة بالمبادئ التى أعلنت عنها فى مؤتمرها العام بانفصالها عن الإخوان وأنها لم تعد جزءًا من التنظيم الدولى، ولكن تصرفات الغنوشى ولقاءاته بالإخوان فى الخارج تؤكد أنها مجرد لعبة من رئيس حركة النهضة لخداع الرأى العام.
من جانبه يقول الدكتور جمال المنشاوى، الخبير فى شئون الحركات الإسلامية، إن راشد الغنوشى من أوائل الذين دعوا إلى استقلالية الإخوان فى كل بلد وعدم ارتباطهم بالتنظيم الدولى للإخوان، حيث إن لكل بلد ظروفه الخاصة وكان معه فى هذا الرأى حسن الترابى من السودان وعدنان سعد الدين من سوريا، وعندما تولت النهضة الحكم فى تونس وتأزم الوضع السياسى وجاءت تجربة إخوان مصر تراجع الغنوشى والنهضة واخذوا خطوة للخلف وتركوا السلطة دون دماء ولا اضطرابات، فظهروا أكثر فهمًا وواقعيه من إخوان مصر.
ويشير الخبير فى شئون الحركات الإسلامية، إلى أنه كى يكتمل هذا الموقف وهذه الصورة الذهنية عنهم كان لابد أن يتبرءوا من أى علاقات أو ارتباط تنظيمى من الإخوان بالرغم من الوحدة الفكرية وكذلك التنصل من أى علاقات مع قطر بما فيها التمويل المادى الذى يضعهم تحت طائلة القانون، علما أن التمويل القطرى لا يكون ظاهرًا أو مباشرًا لكن يتم بطرق أكثر سرية وأساليب معقدة.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة