لا يمكن مقارنة أجواء المسرح بغيره من الفنون.. يظل للمسرح هيبته فهو «أبوالفنون».. لكنه بالفعل تراجع فى السنوات الأخيرة، بشكل كبير، ولم يعد يشغل حيزا من الاهتمام والفضاء العام والشوارع مثلما كان الأمر حتى التسعينيات من القرن العشرين، عندما كانت أفيشات المسرح تحتل الميادين.
اليوم حلت مكانها «اوت دور البرامج والمسلسلات» وحل نجوم التوك شو مكان نجوم المسرح.
طبيعى أن أدوات الاتصال والإنترنت أثرت حتى على السينما، وبعد أن كان الفيلم يظل شهورًا قبل أن يصل للفيديو، وسنوات قبل أن يعرض فى التليفزيون، أصبح من الممكن أن يشاهده جمهور الشاشة بعد أيام خارج قاعات السينما.
ويبقى للمسرح طعمه ولونه، خاصة إذا كان قادرا على انتقاء وتقديم نصوص حية، وفى مصر تراجع المسرح بشكل كبير.
كان كبار النجوم يقدمون عروضا مسرحية، نور الشريف ومحمود يس ومحمد صبحى وعادل إمام. وقتها نافس مسرح القطاع الخاص بأعمال كوميدية حقيقية بعضها لا يزال يحتل مكانة مهمة، منها «المتزوجون وأهلا يادكتور» لسمير غانم وجورج سيدهم، أو أعمال نجاح الموجى وغيره. والأجيال التالية محمد هنيدى والسقا وأشرف عبدالباقى.. لكن كل هذا تراجع ولم يبق منه سوى ذكرى.
وبقى الفنان يحيى الفخرانى من النجوم الكبار حريصًا على تقديم أعمال للمسرح مثل الملك لير، وأخيرا ليلة من ألف ليلة، وهو عمل مسرحى استعراضى من أعمال بيرم التونسى، الراحل قبل خمسين عاما، والعمل التقطه بيرم من ألف ليلة وليلة، وحوله إلى عمل استعراضى غنائى.
كان الفخرانى أعلن أن الملك لير آخر أعماله للمسرح، لكنه عاد مع «ليلة من ألف ليلة»، للمخرج الكبير محسن حلمى.
المسرحية تعيد المسرح الغنائى وهو أمر يبتعد عنه المنتجون لكونه يحتاج إمكانات خاصة إنتاجية وفنية، لكن العمل الذى يقدمه الفخرانى ونخبة من النجوم، يعتمد على أشعار بيرم التونسى السلسة، التى تحمل قدرًا من الكوميديا الطبيعية، التى تتداخل مع الدراما بشكل يخلو من الافتعال.. ومع الفخرانى أداء مبهج للمطرب الشاب محمد محسن والفنانة الشابة هبة مجدى، والفنان يوسف إسماعيل، الذى يحل مكان الفنان لطفى لبيب لمرضه.. وأيضًا الفنانون سلمى غريب، وضياء عبد الخالق، ومحمد العزايزى، ووليد فواز، فى عرض استعراضى مميز.
ظل المسرح القومى كامل العدد طوال أيام العرض، وحققت المسرحية عائدًا جيدًا، بما يشير إلى أن المسرح يمكن أن يكون أداة جذب، بالطبع هناك عدة أعمال مسرحية فى مسارح الدولة، لكن تظل أغلب دور المسرح مطفأة.. ثم أن المسرح هو عرض حى بعيدا عن عالم افتراضى. فالمسرح بأجوائه وإضاءته وديكوراته عالم مختلف بين الواقع والخيال.