هل يختلف من قدم مبادرة للمصالحة مع جماعة الإخوان، عمن اعتلى منصة اعتصام رابعة العدوية، وهدد وتوعد بتحويل مصر إلى بركة من الدماء، فى حال عدم عودة مرسى للحكم، من المؤكد أن الإجابة ستكون لا، وإلا كان من الأولى بمن قدم هذه المبادرات، إذا كان يبتغى بالفعل وجه الله والوطن، تقديم النصح والإرشاد، لمن كلفهم بتقديمها سواء كان التوجيه قادماً من تركيا أو لندن أو قطر، الشواهد منذ 2013 أن جميع تلك المبادرات ذهبت أدراج الرياح، ولم تلتفت إليها الدولة، للعديد من الأسباب فى مقدمتها أنه لا يجوز الجمع بين الدولة وجماعة مارقة فى جملة مفيدة، قائمة الشخصيات نفسها التى تقدمت بتلك المبادرات ليست فوق مستوى شبهات الهوى الإخوانى، ومنهم بالطبع من ارتبط بمصالح مباشرة مع الجماعة، وتنظيمها الدولى، والأهم من ذلك، أن تلك المبادرات لم تخرج عن كونها «مناورات» تمت صياغتها وتغليفها تحت لافتة «مصالحة» وهى كلمة حق يراد بها «باطل»، لتعطيل عملية إحلال وتجديد مفاصل الدولة وتثبيت أركانها، والعودة إلى ما قبل 30 يونيو.
وعلى الرغم من تراجع فكرة طرح المصالحة مع «الإخوان» على المستوى المحلى، إلا أن الأمر لا يخلو فى بعض الأحيان، من دعوات خارجية، وكان آخرها ما طرحه الصادق المهدى، زعيم حزب الأمة السودانى، علما بأن العام الماضى كان للمهدى، رأى مختلف فى الجماعة وأعضائها بسبب الجنوح للإرهاب، واللافت هنا أن الجماعة لم تتراجع عن الإرهاب، أما لماذا تراجع المهدى، عن رأيه، الإجابة عند سيدنا موسى وعصاه «أتوكأ عليها وأهش بها على غنمى ولى فيها مآرب أخرى»، وهو ما ينطبق على معظم المبادرات أو المناورات التى قدمت للوساطة بين الدولة والإخوان.
والملاحظ فى رصد تواريخ مبادرات المصالحة، أنها كانت مرتبطة بأحداث معينة، ولم يقدمها حلفاء الجماعة والمتعاونون معها من الباطن، بشكل عشوائى، وإنما هى ورقة تلجأ إليها الجماعة كل فترة أو أخرى، سواء كان ذلك مرتبطا بأحداث داخل مصر أو خارجها وهو ما ظهر فى المبادرة التى طرحها سعد الدين إبراهيم قبيل الانتخابات الأمريكية الأخيرة، ولوح فيها بأن هناك تنسيقا بين الجماعة، وهيلارى، وهى لن تتخلى عنهم، والملاحظ أيضا أن عجلة المبادرات دارت قبيل أيام من فض اعتصام رابعة، بعدما تأكدت الجماعة من جدية الدولة فى فض هذا التجمع المسلح، بعد استنفاد كل الحلول مع الجماعة التى رفضت ومازالت ترفض ثورة 30 يونيو.
محمد البرادعى
أول ظهور لكلمة المصالحة أو التهدئة بين الدولة والإخوان، كان على لسان الدكتور محمد البرادعى، عندما كان يتولى منصب مستشار رئيس الجمهورية للشؤون الخارجية، فى عام 2013، وطرح البرادعى هذا الأمر قبل أيام من فض اعتصام رابعة والنهضة، وشمل الطرح الذى قدمها البرادعى أيضا أن تفتح الدولة حورا مع جماعة الإخوان وتيارات الإسلام السياسى الداعمة لمرسى.
هشام قنديل
قدم هشام قنديل، رئيس حكومة مرسى، مبادرة التهدئة، من خلال قيام الدولة بالإفراج عن المحبوسين بعد 30 يونيو 2013، والسماح بزيارة مرسى فى محبسه، ووقف القصف الإعلامى، وعقد فترة تهدئة بين جماعة الإخوان والنظام، ووقف عملية تجميد أموال قيادات الجماعة، وبحث خارطة الطريق بين الجانبين ومناقشة تفاصيلها تمهيدا لإجراء الاستفتاء الشعبى عليها.
زياد بهاء الدين
قدم الدكتور زياد بهاء الدين، نائب رئيس الوزراء للشؤون الاقتصادية، فى حكومة الببلاوى، مبادرة عقب فض اعتصامى رابعة والنهضة، تمثلت فى عدم الإقصاء السياسى للإخوان طالما نبذوا العنف، على حد وصفه، والجلوس معهم للوصول إلى نقاط اتفاق، وتضمنت تلك المبادرة، أيضا استكمال خارطة الطريق بمشاركة جماعة الإخوان.
كمال أبو المجد
أما الدكتور أحمد كمال أبو المجد، فقدم فى المبادرة التى طرحها فى شهر أكتوبر 2013، أنه توصل إلى اتفاق مع قيادات جماعة الإخوان، يتضمن نبذ العنف ووقف التظاهرات فى الشوارع والميادين، والتخلى عن عودة الرئيس المعزول مرسى مرسى، مقابل عودة الجماعة للحياة السياسية، فى مقابل أن توقف الدولة المطاردات الأمنية لعناصر الإخوان.
سليم العوا
فى شهر يوليو 2013 طرح الدكتور محمد سليم العوا، المرشح السابق انتخابات رئاسة الجمهورية، محامى مرسى حاليا، والمستشار طارق البشرى رئيس لجنة التعديلات الدستورية فى مارس 2011، مبادرة عقب أحداث رمسيس، تضمنت أن يفوض رئيس الجمهورية سلطاته الكاملة، لوزارة مؤقتة يتم التوافق عليها، على أن تدعو هذه الوزارة لانتخابات مجلس النواب خلال 60 يوما من تشكيلها، وذكر العوا، أن ذلك هو الحل للعودة للمسار الديمقراطى.
طارق البشرى
مرة أخرى جدد المستشار طارق البشرى، فى شهر فبراير 2015 مبادرته للتصالح بين الدولة وجماعة الإخوان، ودعا البشرى، فى حوار مطول أجرته معه وكالة الأناضول التركية، المملكة العربية السعودية إلى رعاية الحوار بين الجانبين، ونوه البشرى إلى أن الإسلاميين فى مصر لديهم تنظيمات شعبية متغلغلة داخل المجتمع، والحوار مهم بين الدولة والإخوان لعودة الجماعة للحياة السياسية.
إبراهيم يسرى
قدم السفير إبراهيم يسرى، رئيس ما يسمى بـ«جبهة الضمير» التى تبين فيما بعد أن مؤسسيها موالون لجماعة الإخوان، وهاربون إلى تركيا، مبادرة للتصالح مع الدولة أهم بنودها عودة مرسى رئيسا شرفيا للبلاد، على أن يتم منح الصلاحيات الرئاسية لحكومة مؤقتة، واللافت أن أول الأصوات التى رفضت هذه المبادرة ما كان يسمى بتحالف دعم الشرعية.
حسن نافعة
فى فبراير 2014 قدم الدكتور حسن نافعة، أستاذ العلوم السياسية، مبادرة «خارطة إنقاذ» المحور الرئيسى فيها تشكيل لجنة حكماء برئاسة محمد حسنين هيكل، لتهدئة الأجواء «الدولة والإخوان»، وعندما فشل نافعة فى التسويق لهذه المبادرة، قدم فى شهر أغسطس من ذات العام مبادرة جديدة بعنوان مختلف «الحوار الوطنى» فى مقدمة شروطها إقالة حكومة حازم الببلاوى، إعلان نبذ العنف من جانب الدولة وجانب الإخوان، تشكيل لجنة تقصى حقائق محايدة تحقق فى جميع أحداث العنف.
محمد العمدة
قدم محمد العمدة، عضو مجلس الشعب السابق، عقب الإفراج عنه فى عام 2014 فى قضية اتهامه بالتحريض على العنف، مبادرة للتصالح بين الدولة والجماعة، أهم بنودها رفع الحظر عن جماعة الإخوان والتيارات الإسلامية، واعتبار فترة رئاسة عبدالفتاح السيسى، رئيس الجمهورية، مرحلة انتقالية، وتعديل الدستور، وإلغاء قانون التظاهر.
عبدالمنعم أبوالفتوح
لم تختلف مبادرة الدكتور عبدالمنعم أبوالفتوح، رئيس حزب مصر القوية، المرشح الرئاسى السابق، عما سبقها من مبادرات خاصة فى الهدف، وهو المساواة بين الجماعة والدولة، وعدم اعتراف الجماعة بثورة 30 يونيو، إذ تضمنت هذه المبادرة تشكيل حكومة كفاءات، وتعيين رئيس جديد للحكومة، ثم تفويض رئيس الجمهورية صلاحياته إلى رئيس الحكومة، والإفراج عن الرئيس المعزول محمد مرسى، وسجناء الإخوان، مع دخول الجماعة فى حوار وطنى مع السلطة.
عماد عبدالغفور
فى نوفمبر 2016 وبعد طول اختفاء منذ سقوط دولة المرشد، ظهر الدكتور عماد عبدالغفور رئيس حزب الوطن، المساعد السابق لمرسى، داعيا لمصالحة جديدة تحت مسمى «المصالحة الوطنية» يدعو الدولة والإخوان إلى تقديم قدر من التنازلات والتراجعات، وقال ضمنيا فى تلك الدعوى ليس هناك ما يمنع بالاستعانة بالقوى الإقليمية لمراقبة التزام كل طرف.
سعد الدين إبراهيم
فى شهر مارس 2016 قدم الدكتور سعد الدين، مدير مركز ابن خلدون للدراسات الإنمائية، مبادرة للمصالحة بين الدولة وتنظيم الإخوان، وتشمل الإفراج عن كل قيادات الإخوان، وعلى رأسهم المرشد والرئيس المعزول محمد مرسى، وأن تتيح لهم العودة للعمل العام مقابل التوبة والاعتذار للشعب ووقف عمليات العنف.
وذكر سعد، أنه قدم هذه المبادرة بناء على بطلب من قيادات الجماعة فى تركيا والولايات المتحدة الأمريكية وقطر.
راشد الغنوشى
فى يناير 2017 كشف راشد الغنوشى، رئيس حركة النهضة، الذراع التونسية لجماعة الإخوان، قدم مبادرة للتصالح بين الدولة وجماعة الإخوان وطلب من السعودية التوسط، على اعتبار أن جماعة الإخوان مكون عريق من مكونات الشعب المصرى ولا يمكن استبعادهم، واللافت أن الغنوشى يمتلك خط اتصال مفتوح مع الرئيس التركى أردوغان، وهناك توجه حاليا لنشر مصطلح جديد سيتم الترويج له فى الفترة المقبلة «الإسلام الديمقراطى» بدلا من «الإسلام السياسى» المرتبط الجماعات الإسلامية.
الصادق المهدى
فى يوليو الماضى، دعا الصادق المهدى، رئيس حزب الأمة السودانى، لمصالحة مع الإخوان، عبر إفراج السلطات المصرية عن قادة الجماعة، مقابل المراجعات الفكرية، وبحسب تصريحات نشرتها وكالة الأنباء السودانية له، اقترح على الدولة المصرية إصدار عفو عن قيادات الإخوان الصادر ضدهم أحكام بالإعدام، لأن اجتثاثهم بالمفهوم الأمنى مستحيل، ويكون مقابل هذا الإعفاء أن تقوم الإخوان بمراجعات فكرية وتقديم تنازلات.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة