عبد الفتاح عبد المنعم

كيف نجحت إسرائيل فى تدمير العلاقات الأمريكية - العربية؟

السبت، 05 أغسطس 2017 12:00 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
إسرائيل هى كلمة السر فى تدمير العلاقات الأمريكية - العربية، وهو الاسم الذى إذا ذكر فى أدبيات العرب فإن مرادفها الوحيد هى أمريكا حتى أننا أصبحنا على يقين أن التحالف الأمريكى - الإسرائيلى يخدم المصالح الأمريكية، هذه الحقيقية بدأت تتكشف منذ اغتصاب دولة لفلسطين لصالح العصابات الصهيونية، وربما ليس خافيا على أحد أن الرئيس الأمريكى الحالى ترامب وقبله الرئيس السابق باراك أوباما كانا من أكثر الروؤساء الأمريكان تدمير للعرب والدليل إيمان كلاهما بما يعرف بالثورات العربية المعروفة لدينا بثورات الربيع العربى أو العبرى، ففى المناظرة الرئاسية الأخيرة فى موسم الحملات الانتخابية قبل لعام 2012، ورد على لسان الرئيس الأمريكى السابق باراك أوباما والحاكم ميت رومنى ذكر إسرائيل نحو 30 مرة، وهو معدل تجاوز ذكر أى دولة أخرى باستثناء إيران. وصرّح كل المرشحين أن الدولة اليهودية «صديق حقيقى» وتعهدا بالوقوف إلى جانبها فى السراء والضراء. وقد انتقد بعض المعلقين السياسيين تصريحات الدعم المسرفة هذه باعتبارها محاولة للاسترضاء، مما يشير إلى أن المرشحَيْن كانا يسعيان ببساطة إلى الفوز بأصوات اليهود وأصوات الموالين لإسرائيل.
 
وتحت عنوان علاقة المنفعة: لماذا يعد التحالف بين الولايات المتحدة وإسرائيل مفيداً لأمريكا؟ كتب كل من مايكل آيزنشتات وديفيد بولوك لكن إن كان الدعم الإسرائيلى فى الواقع من عوامل الفوز السياسى، فيرجع ذلك على الأقل إلى معرفة الناخبين ما الذى هو أفضل «للمصالح الأمريكية»، والتحالف بين الولايت المتحدة وإسرائيل يُسهم الآن أكثر من أى وقت مضى فى صالح تعزيز الأمن الأمريكى، حيث ازداد التعاون الثنائى فى التعامل مع التحديات العسكرية وغير العسكرية خلال السنوات الأخيرة، ولا يمكن أن تكون العلاقة متماثلة، فقد أمدت الولايات المتحدة إسرائيل بدعم دبلوماسى واقتصادى وعسكرى لا غنى عنه بلغ أكثر من 115 مليار دولار إجمالاً منذ عام 1949، لكن الشراكة متبادلة وحققت فوائد جمة للولايات المتحدة، أما التكاليف الأخرى الملموسة بشكل أقل والناجمة عن التحالف بين البلدين التى تتمثل بصفة أساسية فى الضرر الذى لحق بسمعة واشنطن فى البلدان العربية والإسلامية، وهى مشكلة نجمت كذلك عن التدخلات الأمريكية وعقود من الدعم الأمريكى للحكام المستبدين فى الشرق الأوسط، فإنها تتضاءل عند المقارنة مع المكاسب الاقتصادية والعسكرية والسياسية التى عادت على واشنطن.
 
ويرجع التعاون الأمنى بين الولايات المتحدة وإسرائيل إلى ذروة «الحرب الباردة»، عندما كان يُنظر إلى الدولة اليهودية فى واشنطن على أنها حائط صد ضد النفوذ السوفيتى فى الشرق الأوسط ومناهض للقومية العربية. وعلى الرغم من أن العالم قد تغير منذ ذلك الحين، إلا أن المنطق الاستراتيجى للتحالف بين إسرائيل والولايات المتحدة لم يتغير، ولا تزال إسرائيل ثقل موازنة ضد القوى الراديكالية فى الشرق الأوسط، بما فيها الإسلام السياسى والتطرف العنيف، كما أنها حالت دون الانتشار الإضافى لأسلحة الدمار الشامل فى المنطقة عن طريق إحباط البرامج النووية لكل من العراق وسوريا.
 
ولا تزال إسرائيل تساعد الولايات المتحدة على التعامل مع التهديدات الأمنية التقليدية، فالدولتان تشاركان بعضهما البعض المعلومات الاستخباراتية بشأن الإرهاب والانتشار النووى والسياسة فى الشرق الأوسط. كما أن التجارب العسكرية الإسرائيلية جسّدت منهج الولايات المتحدة فى مكافحة الإرهاب والأمن الداخلى، وتعمل الحكومتان معاً لتطوير تقنيات عسكرية متطورة، مثل نظم «ديفيدز سلينغ» للصواريخ المضادة ونظم الدفاع الصاروخية «آرو» التى قد تكون جاهزة بعد فترة قصيرة للتصدير إلى حلفاء الولايات المتحدة الآخرين، كما برزت إسرائيل كمورد مهم لمعدات الدفاع إلى الجيش الأمريكى، حيث زادت المبيعات من 300 مليون دولار سنوياً قبل أحداث/ سبتمبر إلى 1.1 مليار دولار عام 2006، وذلك بسبب الحروب فى أفغانستان والعراق. وقد قاد مجمع الأبحاث والتطوير العسكرى الإسرائيلى العديد من التقنيات المتقدمة التى تحوِّل شكل الحرب الحديثة، ويشمل ذلك الأسلحة السيبرانية والمركبات بدون طيار «مثل أجهزة الروبوت الأرضية والطائرات بدون طيار»، ونظم المجسات وأنظمة الحرب الإلكترونية والدفاعات المتقدمة للمركبات العسكرية.
 
إن التحالف بين الولايات المتحدة وإسرائيل قد مهَّد الطريق أمام الدولتين للتعاون فى مسائل تتجاوز القضايا الأمنية التقليدية، ويرجع ذلك جزئياً إلى العلاقات الأمنية والسياسية طويلة الأجل بين الولايات المتحدة وإسرائيل، ونظراً لذلك يعرف معظم الإسرائيليين الكثير عن الولايات المتحدة ولديهم مشاعر إيجابية تجاهها. فالشركات الإسرائيلية التى تبحث عن أسواق عالمية لمنتجاتها غالباً ما تنظر إلى نظرائها الأمريكيين على أنهم الشركاء المفضلين، ومن ثم فإن الابتكارات التقنية المدنية الإسرائيلية أصبحت اليوم تساعد الولايات المتحدة فى الحفاظ على تنافسيتها الاقتصادية وعلى تعزيز التنمية المستدامة والتعامل مع مجموعة من التحديات الأمنية غير العسكرية.
 
لقد أنشأت عشرات الشركات الأمريكية الرائدة حاضنات تكنولوجية فى إسرائيل للاستفادة من ميول البلاد نحو الحصول على أفكار جديدة، وهذا هو السبب الذى جعل بيل غيتس يذكر فى عام 2006 بأن «الابتكار الجارى فى إسرائيل هو جوهرى لمستقبل عالم التكنولوجيا». وبالمثل، غالباً ما تلجأ الشركات الإسرائيلية عالية التقنية إلى الشركات الأمريكية لتشاركها فى الإنتاج وفرص التسويق المشتركة فى الولايات المتحدة وأماكن أخرى، مما يخلق عشرات الآلاف من فرص العمل للأمريكيين. ورغم أن الإسرائيليين لا يشكلون سوى ثلاثة بالمائة من سكان الشرق الأوسط، إلا أن إسرائيل كانت فى عام 2011 وجهة لـ25 فى المائة من جميع الصادرات الأمريكية إلى المنطقة، وتخطت مؤخراً المملكة العربية السعودية فى كونها السوق الأكبر للمنتجات الأمريكية فى الشرق الأوسط، ونواصل فى المقالات المقبلة الكشف عن أسرار جديدة فى العلاقات الأمريكية -العربية - الإسرائيلية.






مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة