الفنانة سهير المرشدى الملقبة بإيزيس المسرح وإيزيس الفن من أكثر فنانات جيلها ثقافة ووعيا، وبجانب أنها ممثلة من العيار الثقيل تمتلك شخصية قوية ووعيا وثقافة فنية وصوتا دافئا ومميزا، وملامحها المصرية الأصيلة تشبه ملامح الملكات عند الفراعنة وقدماء المصريين وبجانب ذلك كله تمتلك روحا مرحة وخفة دم ولذلك تجد ما قدمته من أعمال يحمل الكثير من التنوع والثراء فهى مرمر الشقية فى الفيلم الشهير «حكاية بنت اسمها مرمر» وحميدة المتمردة فى مسرحية «زقاق المدق» وسماسم بنت البلد وبنت الحارة الشعبية العالمة الجدعة فى «ليالى الحلمية» وهى سالومى فى المسرحية الشهيرة.. واليوم السابع التقت بالفنانة القديرة «إيزيس الفن « لتكشف عن تفاصيل رئاستها لمهرجان شرم الشيخ للسينما والفنون والسياحة وعن رأيها فى كرم مطاوع الزوج والفنان وتتحدث عن كيفية النهوض بالمسرح ورأيها بصراحة فى المسلسلات التليفزيونية ..
فى البداية ما آخر التطورات فى الدورة الأولى لمهرجان شرم الشيخ للسينما والفنون والسياحة الذى تتولين رئاسته؟
اعلننا عن بعض تفاصيله، وكان آخرها أن الفنان العالمى من أصل أفريقى «لويس جوست جونيور» وافق على الحضور كضيف شرف الدورة الأولى للمهرجان التى ستحمل شعار «مصر آمنة قادرة على مواجهة الإرهاب» خلال الفترة من 14 إلى 20 سبتمبر المقبل كما سيعرض فى افتتاح المهرجان الفيلم الرومانسى «مملكة متحدة» وهو إنتاج مشترك بين «المملكة المتحدة والتشيك والولايات المتحدة الأمريكية» وكتب القصة والسيناريو والحوار جاى هيبرت وإخراج أما أسانت وهناك تفاصيل كثيرة فى الدورة الأولى سنعلنها قريبا.
الفنانة سهير المرشدي وابنتها حنان مطاوع
كيف يحدث التواصل بين الأجيال فى الفنون خاصة بعد مشاركتك مؤخرا فى مهرجان شرم الشيخ للمسرح الشبابى الذى يرأسه مخرج وفنان شاب هو مازن الغرباوى؟
لابد من إتاحة الفرصة للشباب المبدع وخلق قيادات شابة لتقود المجتمع لأن المجتمع غير منفصل عن بعضه والمجتمعات الجميلة البنائة هى، التى يحدث فيها علاقة بين الشباب وبين الكبار وأى مجتمع تريد تدميره أفصل شبابه عن شيوخه وخبراته فالتواصل بين الأجيال أمر مهم وفى الفنون دائما يتم نقل الخبرات من عملية التواصل وأنا مؤخرا حضرت مهرجان شرم الشيخ الدولى للمسرح الشبابى، وكان المهرجان فاعلا جدا واحتضن به الكبار الشباب فالفجوة بين الكبار والشباب تضرب أى مجتمع لكن المجتمع المتماسك تجده به تواصل دائم والمخرج الشاب مازن الغرباوى الذى يتولى مسؤولية رئاسة المهرجان لديه وعى بهذا التواصل ولذلك فهو يحمل من الذكاء ما يجعله يحدث هذا التواصل المثمر جدا من وجهة نظرى والإرهاب يحارب بوضع الفن والثقافة فى عقول الشباب وهذا أفعله من خلال دورى الاجتماعى من خلال جمعية أنصار التمثيل والسينما التى أترأسها.
هل ظلم كرم مطاوع فى الحصول على حقوقه من التكريمات والجوائز؟
الفنان الراحل كرم مطاوع كرم من قبل كثيرا وهو أحد الذين حصلوا على وسام الثقافة والفنون من الرئيس الراحل جمال عبد الناصر وكرم من قبل كثيرا عندما عاد من إيطاليا وكان واضحا أنه قيمة وقامة فكرية وسياسية وفنية وعندما عاد من بعثته بزغ صيته وقدم روائعه كما كرم من قبل جمعيات ومن بلاد عربية كثيرة جدا ومؤخرا كرمه المهرجان الدولى للمسرح الشبابى بشرم الشيخ.
زواجك من الفنان الراحل كرم مطاوع هل كان مفيدا لك على المستوى الفنى أم كان مضرا؟
كل حالة يتزوج فيها فنان من فنانة لها خصوصيتها وبالنسبة لى كنت أحب الفن جدا ومن أهم الأشياء، التى أعشقها والفنان الحقيقى عندما يكون قيمة كبيرة فهو يتفهم طبيعة عمل زوجته وبالتالى يكون الزواج مثمرا والفنانة عندما تختار مخرج فهى تختار عقل وكرم مطاوع كان لديه عقل إدارى ولديه جانب من الريادة ولكن زواج الفنان من فنانة صعب جدا بسبب الأنا التى تتضخم لدى الطرفين وإذا لم يتسما بالعقل والاتزان فلن تنجح التجربة ولكن لكل حالة من تلك الحالات طريقة تسير بها أمورها تختلف عن الأخرى وأنا وكرم مطاوع جمعنا قيمة الفن فقد رايت فيه المخرج الذى يجب أن يكون وهو من المخرجين القلائل الذين يقدمون مسرح عظيم، ولذلك رأيت فيه «موديل المخرج الهايل» وهو رأى فى "موديل الممثلة الهايلة".
الفنانة سهير المرشدي تتولي رئاسة مهرجان شرم الشيخ للسينما والسياحة
لماذا نستدعى دائما فترة الستينيات عندما نتحدث عن النهضة المسرحية والثقافية فى مصر؟
بسبب القيادة السياسية التى تفهم معنى الثقافة والفن فالإرادة السياسية والقيادة وقتها كانت تدعم الفن والثقافة وكل نهضة فنية نذكر فيها اسم الفنان الذى أحدثها كمثال فترة النهضة الفنية الموسيقية فى عهد سيد درويش نذكر فيها اسم سيد درويش، لكن الوحيد الذى نذكره ونتحدث عن فضله فى نهضة فنية وثقافية، وهو غير فنان هو الزعيم جمال عبد الناصر لأنه بالفعل كان مهتما بالفن وبالثقافة وحدث فى عهده نهضة كبيرة جدا لشعوره أيضًا بأهمية الفن واستخدمه كسلاح وكقوى ناعمة لمصر فنهضة الستينات كانت مناخ عام لمصر فى المسرح والسينما والموسيقى، وكان لدينا كتاب كبار ومخرجين كبار وفنانين عظام وكنا جميعا متجمعين على قلب رجل واحد.
كيف ينهض المسرح المصرى حاليًا؟
المسرح مظلوم لأنه يفتقد عشاقه حاليا ورجالاته فالمسرح ثقافة وهو المنبر الوحيد الحى الذى لابد من وجوده والانسان المصرى فنان بالفطرة ولا تستطيع أن تخدعه، ولذلك عندما يأتى فنان لمصر وينجح فهو ينجح بسبب الذوق العالى لدى الشعب، الذى يكشف الفنان الحقيقى من غير الحقيقى، فالنجار لدينا فنان والمزارع فنان وبداخل أى مصرى نغم حقيقى ويحمل إرث 7 آلاف سنة ومياه النيل لها تأثير حقيقى فى الإنسان المصرى ولذلك ذكر الله فى القرى مصر فى أكثر من موضع.
المسرح حاليا مظلوم والحل الوحيد لعودته ونهضته هو الحب فعندما يحب الفنان المسرح سوف يضحى لأن الجمهور المصرى حاليا لا يعى قيمة المسرح وكسول ومدلع وعايز المسرح يجيله لحد عنده ولذلك فالمسرح حاليا مظلوم ولا يوجد بعثات مثل زمان التى كانت تصنع مبدعين يذهبون للخارج ويعودون ليحدثوا تيار فنى مثلما حدث مع نبيل الألفى وجلال الشرقاوى عندما عاد من باريس وأحمد عبدالحليم وأحمد زكى عندما عادوا من لندن وكرم مطاوع وسعد أردش من إيطاليا ونجيب سرور وكمال عيد كانوا عائدين من بعثات أيضًا.
الفنانة القديرة سهير المرشدي في حوارها مع الكاتب الصحفي جمال عبد الناصر
هل صنعت سهير المرشدى تاريخها الفنى فى المسرح أم فى السينما أم فى التليفزيون؟
فى الجميع فأنا لم أكن ممثلة مسرح فقط ولا سينما فقط ولا مسلسلات تليفزيونية فقط فقد بدأت بالسينما وأحببتها جدا، ولكن خوفت منها أيضا لأنها الأرشيف الحقيقى لأى دولة وعملت من كبار الفنانين فى السينما مثل يوسف شاهين وصلاح أبو سيف وبركات وعلى رضا وسيد عيسى وخيرى بشارة وكان آخر عمل سينمائى قدمته مع المخرج أشرف فهمى، كما عملت مع عاطف سالم، ومع حسام الدين مصطفى وحسين كمال، الذى قدمت معه فيلم البوسطجى ومن خلاله حصلت على جوائز وكانت المرة الأولى، التى أذهب لمهرجانات وأحصل على جوائز فى السينما مع العلم أن دورى كان ضيفة شرف فقد قدمت ما يزيد على 37 فيلما فى السينما.
أما فى المسرح فقد قدمت العديد من الأعمال منها «حدث فى أكتوبر» و«إيزيس» وسالومى «وزقاق المدق» ومسرحية «النسر الأحمر»، لكنى أحمد الله لأننى كنت متنوعة فقدمت نجاحات فى السينما وفى المسرح أيضًا.
ما الدور الذى يجب أن نتوقف عنده عندما نتحدث عن تاريخ الفنانة سهير المرشدى؟
دور «إيزيس» فى مسرحية تحمل نفس الاسم لأن هذا الدور كان علامة فارقة فى تاريخى الفنى ومن خلالها أطلقوا على اسم «إيزيس المسرح الفن» وكان اهتمام الناس كثيرا جدا بهذا الدور برغم أنه أحدث مسافة بينى وبين الناس، وكانت الناس تخاف منى فأصبح لدى عزلة مع الناس ومن زملائى الفنانين، وكانت الناس تبجلنى جدا، ولذلك قررت أن أقدم دورا آخر يكون قريبا من الناس فقدمت بعدها شخصية «سماسم العالم» فى مسلسل «ليالى الحلمية» فأعجبنى الدور ووضعت معه البعد الإنسانى الذى وضعه نجيب محفوظ فى بنات الليل وبنات الهوى فى رواياته فكل سيدة لديها حالة هى التى أرغمتها لفعل ذلك وكونت شخصية سماسم العالمة من شخصيات كثيرة.
شخصية إيزيس أثرت على جدا ولم أستطع الخروج منها، ولكن الذى أخرجنى منها هى شخصية «سماسم العالمة» فى مسلسل «ليالى الحلمية » فهى شخصية شعبوية تختلف عن شخصية إيزيس الشخصية الأسطورية وبالفعل خرجت من ايزيس بشخصية سماسم العالمة وأنا دائما أحب أن أقدم المتناقضات فى الشخصيات التى أمثلها.
ما سر نجاح شخصيات مسلسل «ليالى الحلمية»؟ وما رأيك فى الجزء الأخير الذى قدم؟
البداية فى النجاح تعود للكاتب الكبير الراحل أسامة أنور عكاشة لأنه ليس كاتبا عاديا لكنه مفكر ومؤرخ ومؤلف أيضا فتاريخ مصر هو مسلسل «ليالى الحلمية» وكل جزء تجد فيه فترة من تاريخ مصر وأنا كنت ضد أن يقدم مؤلف آخر ومخرج آخر جزء من المسلسل لأن بصمتهم وإبداعهم ونجاحهم واضح ومن يريد تقديم تاريخ مصر الحديث يقدمه، ولكن من خلال عمل آخر وكان احتراما لهم عدم المساس بالعمل.
اتمني تجسيد شخصية ام شهيد او امراة صعيدة ترفض الثار
لماذا لا تعيش مسلسلات هذه الأيام وبمجرد انتهاء شهر رمضان لا يشاهدها أحد؟
لأنها مثل وجبات «التيك آوى» لأن الفن بجانب أنه متعة وتسلية وترفيه هو أيضا ثقافة فلا يصح أن يكون هناك فن يغير وهو سطحى أو تافه فأى عمل فنى هو بحث علمى من وجهة نظرى يريد مفكرين وفلاسفة وعباقرة، ولكن القص واللصق لا يدخل العقل ونحن نمتلك حاليا حياة سياسية ساخنة وواقع ساخن جدا لكنه يحتاج بعد ثقافى لمن ينهل منه فالفن لابد أن يرتقى والفن ليس متعة حسية فقط، ولكنه متعة نفسية وثقافية وذهنية وكل هذه المتع تحتاج عقليات ودراسة وبحث علمى دقيق.
ما أقرب شخصية للفنانة سهير المرشدى من كل الشخصيات التى قدمتها؟
شخصية «إيزيس» هى الأقرب وأيضا شخصية «مرمر» فى فيلم «حكاية بنت اسمها مرمر» وأحب أيضا أعمال قدمتها مثل «عودة الابن الضال» مع يوسف شاهين.
هل هناك شخصية تتمنين تقدميها حاليا لم تقدميها من قبل؟
نفسى أقدم شخصية أم شهيد بشكل يليق بأم الشهيد وتكون قضية ساخنة تقيم اللحظة وتقننها وتكون أرشيف ونفسى أقدم دور صعيدية لا تنادى بالثأر، بل تقف ضد فكرة الأخذ بالثار لأن «التار» أعتقد أن من تؤججه وتشعله هى المرأة والزوجة والأم والأخت والابنة فهى التى تدفع الرجل للأخذ بالثار.
هل تعتبرين حنان مطاوع امتدادًا لسهير المرشدى؟
أكيد هى امتداد متطور لأنها لم تأت من فراغ فهى نتاج كواليس ساخنة بين أم وأب كانت مناقشاتهم عن الفن والسياسة والمجتمع، وكل ذلك من المؤكد شربت منه وعندما تأخذ برأيى نتناقش وهى مثقفة وجميلة، وأنا أحبها جدا والحياة بيننا ديمقراطية دائما.
الفنانة القديرة سهير المرشدي إيزيس المسرح المصري
