أسماء مندور تكتب: العنف الصامت

الإثنين، 07 أغسطس 2017 10:00 ص
أسماء مندور تكتب: العنف الصامت صورة أرشيفية

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
تمضى الحياة بنا بكل ما تحمل من أفراح وأطراح، وأحيانا تأتى الرياح بما لا تشتهى السفن، كم من توقعات رائعة وأمنيات مبهجة تحولت إلى غصة فى القلب، البعض تداوى وآخرون رحلوا بحسرتهم والبعض يتجاوز ويجد الفرصة ليبدأ من جديد .
 
احيانا تفاجئنا الأحداث والأقدار، وتارة أخرى يفاجئنا الأشخاص بما لم يكن فى الحسبان، وأكثر ما يصيبنا بذهول هو ذلك العنف الصامت، عنف بلا ضجيج بلا صوت مسموع صوته أنين فى ثنايا النفس، وهو العنف النفسى فسهامه قاتلة للروح ومخيبة للآمال والتوقعات .
العنف بكل أشكاله مرفوض وهو وسيلة يستخدمها ضعيف النفس على طرف أضعف منه. 
 
العنف الشائع هو العنف الجسدى أو اللفظى، ويثير الاشمئزاز ويرفضه الجميع.
 
يوجد نوع من العنف لا يشعر به إلا المُعنف ضده، وهو العنف النفسى وهو غالبا يمارس من الزوج ضد زوجته أو الأب ضد الأولاد، وهو من أخطر أنواع العنف، لأن أثاره ممتدة ويترتب عليها أثار على المدى البعيد، أثار نفسية قاسية .
 
الاعتداء النفسى أو العنف النفسى شكل من أشكال العنف وسوء المعاملة يتسم به الشخص الذى يُخضع غيره بسلوك قد يتسبب له بصدمات نفسية، بما فى ذلك القلق، أو الاكتئاب المزمن أو اضطرابات، و‏تصبح الأشياء باهتة، يتساوى الحزن مع الفرح، لا الفرح يداوى قرحات الزمن، ولا مرور الزمن يداوى الجروح .
 
العنف يجلب مزيدا من العنف، والقسوة أيضا تجلب مزيدا من القسوة، الشخص الذى يكتسب القسوة وتكون رد فعل يكون اكثر قسوة، لأنها تصبح انتقامية،  لكل فعل رد فعل وربما تكون ردود الأفعال أقوى وأعنف من الفعل ذاته.
 
يوجد أشخاص شديدى التأنق فى التعامل مع الناس فى الحياة العامة ومع زملائهم فى العمل، أشخاص راقية ولا تمت للعنف المتعارف عليه سواء البدنى أو اللفظى بأى صلة وهم فى المجتمع مسالمين أصحاب خلق راقى، لكنهم أزواج وأباء ماهرون فى استخدام العنف النفسى مع زوجاتهم وأبنائهم، لثقتهم انهم الطرف الأضعف والأكثر احتياجا .
 
 الصورة الأوضح لذك العنف تتمثل فى الإهمال، وهو لفظ ومعنى يشمل الكثير، إهمال الاحتياجات، الاحتواء، عدم احترام الرغبات والتقليل من أهميتها، وتسخيف الأراء، النظرة الدونية لمعظم متطلبات الأخر والتقليل من أهميتها وربما تصل إلى الاستخفاف والاستهزاء.
هذا النوع من الأزواج أبدا لا يقترن بزوجة قوية الشخصية حتى يستطيع أن يمارس عليها ضغوطه وتسلطه، فهم أشخاص لا يحترمون الطيبة ولا يقدرون أصحابها، الزوجة التى تتعرض للعنف النفسى غالبا ما تصاب بعدم الثقة بالنفس وهى تقوم بجلد ذاتها دائما، تعيش فى حالة صراع داخلى بين رفضها واستمرارها فى الحياة الزوجية مما ينتج عنه حالة من الاكتئاب تحتاج للعلاج النفسى. 
 
أما الأبناء من السهل ممارسة الضغط عليهم بحكم صغر السن والاحتياج ولكن لسن معين، وهو يفرز أشخاصا ضعيفة عديمة الثقة بنفسها حتى لو ظهر عكس ذلك للمجتمع. 
 
هؤلاء الأشخاص يتناسوا أن الحب ليس عقدا على بياض، إنها مشاعر تتغير مع كل موقف يحدث سواء بالسلب أو الايجاب، وأن التراكمات تؤدى إلى الانفجار فى يوم من الأيام، وفى لحظة ما  تتغير المشاعر وتنقلب مائة وثمانين درجة، لأن القلوب ليست تكية ولا هى ملكية خاصة لهم، وأنه سوف يأتى وقت ينبهروا من تحول مشاعر من أحبوهم، تحول سلبى لم يتوقعوه.
 
كثير ما نجد زوجات يطلبن الطلاق بعد زواج استمر عشرات السنين وبإصرار ونتعجب لماذا بعد أن مضى العمر وعاشت كل هذه السنوات تطلب الطلاق، تكون الإجابة لم أعد أتحمل الضغط والإذلال النفسى فهى تحملت من أجل الأبناء وبعد أن تطمئن عليهم تقرر أن تنفصل، شيء مرير ولكنه واقع ويحدث . 
 
عزيزى الزوج زوجتك التى أحبتك ووهبتك عمرها وكل ما تملك وهى على استعداد أن تضحى أكثر مما تتخيل، ولكن حذارى أن تساومها على كرامتها، فى لحظة ما هى على استعداد أن تهدم المعبد على الجميع .
 
قال الرسول عليه الصلاة والسلام (رفقاً بالقوارير) وما أروعه تشبيه فقد شبه الرسول الكريم النساء بالزجاج لأنهن مثله فى رقته، وأيضا فى حدته وقسوته اذا انكسر، فهى مثل الزجاج فى تكوينه تحب أن تعامل باحترام وأن تراعى مشاعرها، فإن أردت أن تملك قلب المرأة وأن تحترمك فعاملها باحترام، ويكفى أن الرسول الكريم عليه أفضل الصلاة والسلام قال (رفقا بالقوارير).









مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة