تناولت صفحات التواصل الإجتماعى للجماعة الإرهابية، بيانات تؤكد أن الوضع المائى فى مصر حرج وأنها تعانى من الجفاف حالياً بسبب نقص المياه فى بحيرة ناصر التى تم سحبها على مدار الفترة الماضية، فيما نفت مصادر رسمية بوزارة الرى شائعات الجماعة الإرهابية.
وتناولت مصادر إعلامية تابعة للإخوان، بيانات منسوبة لوزارة الرى تشير إلى أن النقص فى حصة مصر من مياه النيل، له تأثيرات اجتماعية واقتصادية كبيرة، مشيرة إلى أن سد النهضة سيتسبب فى تبوير مليون فدان، مما يؤدى إلى فقد أكثر من 5 مليون فلاح لمصدر رزقهم، ما سيؤدى إلى زيادة نسبة البطالة وتهيئة البيئة للإرهاب وحالة من عدم الاستقرار الإقليمية.
وتضمنت المعلومات التى يتم تداولها عبر الإخوان، أن مصر سوف تفقد سنويا 25 مليار متر مكعب على مدار ثلاث سنوات هى فترة الملء، وأن البخر فى بحيرة سد النهضة يقدر بحوالى 5 مليار متر مكعب بالاضافة إلى البخر الناتج من رذاذ الماء نتيجة سقوط المياه على توربينات توليد الكهرباء، وأن مصر تعيش 11 سنة من الجفاف وأن السدود المصرية والسودانية تعانى من نقص المياه.
وحاولت "اليوم السابع"، التواصل مع الدكتور محمد عبد العاطى وزير الموارد المائية والرى، للتأكد من صحة ما يتم تداوله إلا أنه لم يجيب على هاتفه.
بينما أكد المهندس عبد اللطيف خالد، رئيس قطاع توزيع المياه، بوزارة الرى، إن الوضع المائى لمصر طبيعى ولكن نتيجة التزايد المستمر لعدد السكان والإستهلاكات المتزايدة لابد أن نتبع سياسة الترشيد، وهذا ما تنتهجه وزارة الرى دون الإضرار بالزراعات والمحاصيل، بمعنى أدق أنه لا مجال لتهدير المياه فى كافة القطاعات المستخدمة لها "شرب وزراعة وصناعة".
وقال الدكتور عباس شراقى، أستاذ الجيولوجيا والموارد المائية بمعهد البحوث الأفريقية، أتفق تماماً فى أن تبوير أى مساحة من الأرض سوف يكون له أضرار اجتماعية واقتصادية، ولكن ما ذكر بعد ذلك من بيانات من مصادر أخرى ينقصه الدقة وبعضها يختلف تماما عن الواقع.
وأضاف شراقى، فى تصريحات خاصة لـ "اليوم السابع" لا أهون من مخاطر سد النهضة فى السنوات الأولى إذا لم يتم التنسيق بين مصر وإثيوبيا، ولكن يجب أيضا ألا نهول من مخاطره حيث أن مصر بها أعرق مدارس الرى فى العالم ولديها أعظم مشروع مائى فى تاريخ البشرية ليس فى مصر فقط بل فى العالم أجمع وهو السد العالى القادر على تخزين 162 مليار متر مكعب.
وأشار شراقى، إلى أنه لم يتم الاتفاق بين مصر وإثيوبيا على فترة الملء الأول من السد حتى الآن، كما أن الدراسات الفنية المتفق عليها والمقرر لها الانتهاء هذا الشهر لم تبدأ بعد، موضحاً أنه من المؤكد أن هناك نقص فى الايراد المائى لمصر فى السنوات الأولى لتشغيل سد النهضة سواء كانت ثلاثة أو أكثر، ومن المتوقع أن تفقد مصر والسودان من 5 الى 10 مليار متر مكعب خلال السنوات الأولى، وطبقا لاتفاقية 1959 بين مصر والسودان فان الزيادة أو النقص فى إيراد النيل السنوى يقسم بين الدولتين مناصفة، وليس معنى انخفاض الإيراد المائى لمصر 5 مليار متر مكعب أن يقابلها تبوير مليون فدان، لأن ذلك يكون صحيحاً فقط فى حالة عدم وجود السد العالى، أما وأن الإحتياطى الحالى فى بحيرة ناصر يصل إلى حوالى 60 مليار متر مكعب غير التخزين الميت 32 مليار متر مكعب (غير قابلة للمرور)، فإننا يمكننا أن نعوض النقص المتوقع من المخزون، وهذا ماحدث فى فترة الثمانينيات عندما ضرب الجفاف منابع النيل لمدة 7 سنوات متتالية (1981 - 1987) واستنفذنا حوالى 120 مليار متر مكعب من المخزون الاستراتيجى، ولم يتبق سوى حوالى 10 مليار متر مكعب، ولم يحدث أن توقفت الزراعة فى مصر فى تلك الفترة حتى زادت الأمطار بعد ذلك وامتلأت بحيرة ناصر عن آخرها أعوام 1998 حتى 2002 لدرجة أننا صرفنا حوالى 40 مليار متر مكعب فى البحر المتوسط ومثلها فى منخفضات توشكى لحماية السد العالى من مخاطر الفيضان.
وأضاف شراقى، أن الحديث بأن مصر تعيش حاليا 11 عاماً من الجفاف غير صحيح، ومن يدعى ذلك لا يخدم مصر أو يخدع إثيوبيا لأن جميع البيانات المائية لجميع دول العالم متاحة للجميع، وأن بحيرة ناصر كبيرة (5 آلاف كيلومتر مربع) ومكشوفة وتصورها الأقمار الصناعية يوميا ونحصل على بياناتها من بعض الجهات الأجنبية، كما أن بيانات الأمطار مسجلة بالدقيقة فى مئات محطات الأرصاد الجوية ومنشورة عالميا، وشهدت مصر فى العام الماضى ايراد للنيل أعلى من المتوسط وشهدت السودان فيضانات شديدة فى حوض النيل الأزرق وبعض المناطق الأخرى، ولا نستطيع بدقة التنبؤ بحالة الأمطار حاليا أو فى السنوات القادمة.
وأكد شراقى أن الحديث عن البخر الناتج من رذاذ التوربينات لا يليق علمياً، لآن التوربينات داخل جسم السد، وأن البخر الحقيقى هو الذى ينتج من سطح البحيرة، علماً بأن منطقة سد النهضة أعلى من منطقة السد العالى بحوالى 500 متر فوق سطح البحر وبالتالى البخر يكون أقل، إلا أن الفقد الأكبر سيكون من تسرب جزء من مياه البحيرة فى التشققات الصخرية الكثيرة التى تنتشر فى جميع الصخور الإثيوبية نتيجة وجود أكبر فالق على سطح الأرض قاسما إثيوبيا إلى نصفين وهو الأخدود الافريقى العظيم، وكان يجب دراسة تسرب المياه جيداً قبل البدء فى تنفيذ بناء السد لأنها لو كانت كبيرة فأن المنطقة حينئذ لا تصلح لبناء السد أو تخزين المياه، وإثيوبيا لم تهتم كثيراً بهذه الدراسة لأن مياه النيل الأزرق تذهب للسودان ومصر ولن تضار إثيوبيا إذا تسرب جزء منها أو معظمها، بل العكس فسوف يغذى بعض الخزانات الجوفية الإثيوبية.
ودعا شراقى المفاوض المصرى على اقتحام الخلافات المصرية الإثيوبية، والإصرار على حلها حتى فى حالة وجود العناد الإثيوبى، وأن تغلب مصلحة الوطن على أى شئ آخر، لأن مرور الوقت فى صالح إثيوبيا ويهمها أن تظل المفاوضات معلقة فى الوقت الذى يرتفع فيه جسم السد دون توقف.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة