مع ألم التشبيه، لكن هذه هى الحقيقة المرة، مصر لم تشهد عبر تاريخها الطويل، «كوكتيل» من جماعات وحركات ونشطاء وأدعياء الثورة ونخب ومثقفين، اندثر من صدورهم كل القيم الوطنية والأخلاقية، مثلما تعيشه منذ سرطان 25 يناير 2011، وحتى كتابة هذه السطور!!
«كوكتيل» يبحث فقط عن مصالحه الخاصة، وجمع المغانم، من سفر للجلوس فى المنتجعات الأمريكية والأوروبية والتركية والقطرية، والحصول على التمويلات الضخمة من اليورو والدولار، وأن يكون لهم صوت مؤثر فى مطبخ صنع القرار، وفى توجيه بوصلة السياسات العامة، وتصدر المشهد بقوة الذراع وقلة الأدب وتدشين السفالة والانحطاط، وليس تصدر المشهد عبر الآليات القانونية، سواء من خلال صناديق انتخابات المحليات أو البرلمان أو الرئاسة، وغيرها من الآليات الديمقراطية القانونية!!
هذا الكوكتيل يعى تماما أن تحقيق المغانم، بداية من تصدر المشهد العام، والجلوس فى قصور السلطة، والتأثير على القرار السياسى، وغيرها من جنى المكاسب، لن يتأتى عبر الآليات الديمقراطية القانونية لعدم تمتعهم لا بحب ولا احترام مواطن مصرى واحد، وإنما عبر الفوضى فى الشوارع، وتأجيج الأوضاع، وغياب الأمن والأمان والاستقرار.
نعم، هؤلاء يقتاتون على جثث الأبرياء، ويحققون مكاسب الشهرة، والمال، من فوق أنقاض الخراب والتدمير، وفيضانات الدماء التى تسيل فى الشوارع، بينما الأمن والاستقرار وإعلاء دولة القانون، أمور تتقاطع وتتصادم مع مصالحهم.
فكلما سادت الفوضى، ووجدنا «مولوتوف» فى محمد محمود، وحرائق بالقرب من مقر مجلس الوزراء، وخيام تُمارس فيها كل أنواع الموبقات بميدان التحرير، ومحاولة اقتحام المتحف المصرى لسرقة محتوياته، ومحاولة اقتحام وزارتى الداخلية جناح الأمن الداخلى، ووزارة الدفاع، عمود خيمة الوطن، أو محاولة اقتحام التليفزيون المصرى، رمز إرادة الأمة، ومحاصرة مجلس النواب، أو محاصرة مدينة الإنتاج الإعلامى، ومحاصرة المحكمة الدستورية العليا، ومحاصرة مكتب النائب العام، والتظاهر والاعتصام أمام قصر الاتحادية، وقطع الطرق، وتعطيل مرفق السكك الحديدية، كلما حدث ذلك، حقق «الكوكتيل» مكاسبه السياسية والمادية، وليذهب 90 مليون مصرى للجحيم!!
هذا الكوكتيل، من جماعات وتنظيمات وحركات ونشطاء السبوبة ونشطاء تويتر وفيسبوك وأدعياء الثورية، جميعهم لديهم عقد نقص شديدة، اجتماعيا وثقافيا وأخلاقيا، وتسكن جيناتهم الداخلية أمراض الخيانة، والكراهية، وروح الانتقام من الجميع، مواطنون عاديون، أو الجالسون فى السلطة، لذلك لديهم استعداد للتعاون مع كل أعداء الوطن فى سبيل ممارسة المكايدة السياسية، وأنهم فرسان الرهان لهذا الزمان، فيأمرون والجميع يلبى، ويخشاهم القوى قبل الضعيف!!
هؤلاء تجدهم يتألقون ويعيشون فى رفاهية عند اندلاع الفوضى، ويعانون ويصابون بالجنون فى زمن الاستقرار، ونشر الأمن والأمان، وإعلاء شأن دولة القانون، لإدراكهم أن لديهم قصورا شديدة فى التعليم والثقافة والموهبة، وأن كبيرهم يحمل ألقابا ورقية مزورة من عينة الدكتور، ولا نعرف تخصصه على وجه الدقة، لذلك لا يستطيعون المنافسة العلمية، وإظهار القدرات والفروق الفردية فى مسابقات اختيار من يشغل الوظائف فى البنوك والوزارات المختلفة، فيلجأون للدوشة لتقنين الأوضاع.
بينما هؤلاء يمارسون كل أنواع الخيانة، ويمثلون خنجرا مسموما فى ظهر الوطن، ويقتاتون على جثث الأبرياء، تجد الذئاب المفترسة لا تأكل لحم «الجيفة»، لأنه من فصيلة السباع، وسلالة الملوك، يترفعون عن أكل الجثث المتعفنة.
والذئاب هى الحيوانات الوحيدة التى تتمتع بالوفاء وبر الوالدين، ﺑﻌﺪ ﻭﺻﻮﻟﻬﻤﺎ ﻟﻤﺮﺣﻠﺔ ﺍﻟﺸﻴﺨﻮﺧﺔ، وعدم قدرتهم ﻋﻠﻰ ﻣﺠﺎﺭﺍﺓ ﺍﻟﻘﻄﻴﻊ فى ﺍﻟﺼﻴﺪ، ﻓﻴﺒﻘﻰ الأباء والأمهات فى أوكارهم، ويخرج الأبناء ليصطادوا ويحضروا الأكل لإطعامهم.
كما يتمتع الذئاب بالوفاء النادر، فيكتفى الذكر بزوجة واحدة، والأنثى تكتفى بذكر واحد حتى الموت، ولذلك فإن أبرز خصال الذئاب، أنهم يتمتعون باﻟﺸﺠﺎﻋﺔ وﺍﻟﻮﻓﺎﺀ ﻭﻋﺰﺓ ﺍﻟﻨﻔﺲ ﻭﺑﺮﺍﻟﻮﺍﻟﺪﻳﻦ، على عكس البنى آدمين من النشطاء وأدعياء الثورية، فاقدى كل القيم الأخلاقية والوطنية!!
إذن الذئاب لا تأكل من الجثث العفنة، ولكن تأكل من صيدها، بينما النشطاء وأدعياء الثورية يقتاتون من الفوضى، وجثث الأبرياء، وكلما زادت معدلات الفوضى والتخريب والتدمير، وأصبح وضع البلاد شبيها بما يحدث فى سوريا وليبيا واليمن والصومال والعراق، كلما حققوا مكاسب مادية ومعنوية ضخمة.
فانظر إلى كبيرهم محمد البرادعى على سبيل المثال، لم يأت للقاهرة ويترك ليالى الأنس فى فيينا، إلا فى زمن الفوضى، وبينما كان المولوتوف مشتعلا فى شارع محمد محمود وحول المتحف المصرى، والدماء تسيل، والسلب والنهب والخطف، يجتاح الشوارع، والرعب يسكن قلوب الناس فى البيوت، كان محمد البرادعى يجلس فى فيلته، يجرى حوارات وأحاديث لكبرى القنوات الفضائية العالمية مثل الـ«سى أن أن»، ويجلس أمام كاميرات مجلات وصحف الجارديان والتايمز والواشنطن بوست والإندبندنت، ودير شبيجل، وغيرها من الصحف الأمريكية والبريطانية والفرنسية والألمانية، يتحدث كونه رسول الإنسانية، والحالم بتحقيق المدينة الفاضلة!!
وفى المساء، يأتى له أيمن نور وحمدين صباحى والكتاتنى وحسن نافعة وجورج إسحق وباقى «شلة يناير»، يجلسون لتناول العشاء الفاخر، ثم يبحثون تقسيم ميراث تركة السلطة، ومن الذى يجلس لإعداد الدستور، ومن الذى سيتولى مخاطبة المجلس العسكرى، ومن الذى سيلتقى المشير طنطاوى، ومن الذى سيترشح لرئاسة البرلمان، ومن الذى سيفوز بمنصب رئاسة الجمهورية، ومن الذى سيشكل الوزارة، ثم يختلفون ولا يتوصلون لأى قرار فينصرفون مع الوعد باللقاء قريبا!!
وعقب مغادرة الجميع، ينهض البرادعى مسرعا للاتصال بشقيقه على البرادعى، ليشتكى له، كم هو محبط ومكتئب، لأن الدكتور فلان لا يفهم شيئا، وعلان حمار «بودان طويلة»، ولا يصلح لإدارة مركز شباب، وأن السياسى الكبير، زبالة ولا يدرى ماذا يقول، وأن الوضع مأساوى، وأنه اتخذ قرارا صعبا، بأنه سيكتب «تويتة» يهدد فيها المجلس العسكرى، صباح الغد، ثم يغلق هاتفه، طالبا من «عايدة» زوجته، أن تجرى اتصالا بالأستاذ إبراهيم عيسى، ليأخذ رأيه فى التويتة التى سيكتبها صباح اليوم التالى، مهددا المجلس العسكرى، كما يجرى اتصالا بزياد العليمى، ويطلب منه إقناع الشباب بتنظيم مليونية تهتف يسقط يسقط حكم العسكر!!
وبعد ثورة 30 يونيو 2016، وشعور البرادعى أن البلاد فى طريقها للاستقرار قرر القفز من السفينة، وهرب، إدراكا منه وأتباعه أنه لا يستطيع أن يعيش فى مصر المستقرة الآمنة، التى تخطوا بخطوات ثابتة نحو النمو والازدهار، فمصر الآمنة والمستقرة ليست وطنه، وإنما مصر الفوضى والخراب، هى الوطن والملاذ له ولأتباعه النشطاء وأدعياء الثورية، ونخب العار!!
هل أدركتم أن الذئاب المفترسة، لا تشكل تهديدا على أمن وأمان واستقرار مصر، مثل التى يشكلها النشطاء وأدعياء الثورة؟!
ولَك الله يا مصر...!!
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة