عمر عزب يكتب: السينما جدلية الصورة والحكاية

الأحد، 10 سبتمبر 2017 07:15 م
عمر عزب يكتب: السينما جدلية الصورة والحكاية فيلم الأصليين

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
وأخيرا بعد مرور ثلاث سنوات على أول تعاون بين المخرج مروان حامد والكاتب أحمد مراد فى فيلم الفيل الأزرق الذى لقى نجاحا كبيرا نتيجة الحبكة الممتازة و الإخراج المتميز يعودان مرة أخرى بفيلم "الأصليين" ، بعد نزول الأصليين فى صالات السينما تراوحت ردود الأفعال بين آراء سلبيه وإيجابية، لكن بعد مرور أول أيام العيد الأراء السلبيه تكاثرت و الأراء الإيجابية تراجعت،  ويأتى السؤال لماذا لم يتفاعل الجمهور إيجابيا مع فيلم الأصليين مثلما حدث مع فيلم الفيل الأزرق؟ و هل هى مشكله جمهور أم مشكلة صناع الفيلم؟ و يأتى السؤال الأهم.. ما قيمه السينما عند المصريين؟
المشاهد المصرى العادى و خصوصا من عمره بين 14 عاما و30 عاما يذهب إلى السينما من أجل الترفيه عن نفسه، عيون المصريين خلال مشاهده فيلم لا تنجذب إلا لشىء مضحك أو ملىء بالأكشن أو ملىء بالإثاره أو ملىء بالحزن أو ملىء بشىء يرضى شهوته، فالمشاهد هذه الأيام لا يتواصل مع السينما، و ما لا ندركه عن السينما أنها لغة فى غاية القوة لأننا نتأثر بما نراه أمام أعيننا، الإنسان بطبيعته يفهم ويتواصل مع من حوله بصريا بنسبه 70%، السينما هى لغه تأثير فى وجدان الناس ومشاعرهم و إدراكهم وتفكيرهم، الناس لا ترى هذه الأيام أن السينما قد تغير حياتهم فهى توسع أفاق عقلك إلى درجة لا نتخيلها.
لهذا السبب فيلم الأصليين ليس للمشاهد العادى وإنما هو يحتاج لمتفرج يرى ويفهم كل أصناف الأفلام، تصنيف الفيلم يذكرنى بأفلام مثل "Blade Runner" و "under the skin" , فهذه الأفلام ذكية جدا رغم بطىء أحداث الفيلم ألا أن غايتها الأولى أن تطرح للمشاهد فكرة أو سؤال فلسفى، عندما تبدأ بمشاهده فيلم" بلايد رانر" للمرة الأولى غالبا ستكره الفيلم كراهية شديدة رغم أنك تعترف بينك وبين نفسك أن هناك معلومات سقطت منك لعدم تركيزك الشديد للفيلم وعندما تراه للمرة الثانية ستتعجب مما فاتك من متعة حقيقية لرؤيتك لأفكار بعيدة عن متناول عقلك البسيط، لهذا السبب الفيلم نمطه بطيء لإعطائك فرصه للتفكير العميق وأيضا إضافة واقعية للأحداث والشخصيات، و هكذا الحال مع فيلم "الأصليين" فهو فيلم لديه فكرة عميقة ستجعلك ترى حياتك بطريقة مختلفة ويأتى السؤال المحورى هل فيلم الأصليين فيلم جيد رغم أنه ليس تماما للمشاهد المصرى العادى؟
الفيلم من بطوله ماجد الكدوانى، خالد الصاوى، منة شلبى، كندة علوش، محمد ممدوح، جميعهم بلا استثناء بذلوا أقصى ما لديهم، رغم نمطية شخصية ماجد الكدوانى وكندة علوش إلا أننا رأينا أبعادا جديدة لهذه الشخصيات و كانت إحدى مفاجآت الفيلم لكن الأداء الأكثر لفتا للأنظار بالطبع يعود إلى "صاحب الليلة الكبيرة" ماجد الكدوانى، إذا كنت شابا فستشعر أنه أبيك و إن كنتى متزوجة ستشعرين أنه زوجك و إن كنتى سيدة كبيرة فى السن ستشعرين أنه ابنك، وبالنسبة لخالد الصاوى فأدؤه أفضل بكثير من فيلم الفيل الأزرق و له تأثير أكبر، سيتم إبهاركم بأداء محمد ممدوح لكن أيضا لا يجب أن ننسى أن الأداء الذى تم فيه بذل أقصى مجهود يعود إلى منة شلبى بالطبع فهى الأكثر تأثيرا فى الفيلم .
فيلم الأصليين يتفوق وبدرجه امتياز فى جميع العوامل الفنية منها موسيقى هشام نزيه والتصوير السينمائى بما فيها اختيار الكدرات و المونتاج لكن فى النهاية نجاح العوامل الفنية وكما ذكرت فإن التفوق فى التمثيل يعود فى النهاية إلى مخرج عالمى و "مخه كبير" اسمه مروان حامد و هو" صاحب الليله الكبيرة " الحقيقى .
نصل إلى النقطة التى بها جدل وخلاف وهو "السيناريو" ، هل نجح أحمد مراد فى كتابة سيناريو الفيلم أم أخفق؟ هناك البعض لفق لأحمد مراد تهمة أغتيال فيلم الأصليين لعدم قدرته على التفريق بين السيناريو و الكتابة الروائية فهل هذا صحيح فعلا؟ فى الحقيقة فإن الإجابة بعد بحث دقيق بالطبع "لا"، بالعكس أحمد مراد هو السبب الرئيسى لتفوق الفيلم، فيلم بهذا التعقيد فى الكتابه ونص فى هذا الذكاء أحيانا يحتاج إلى سنوات من الكتابه والدراسة، فيلم  "Inception" لكريستوفر نولان تمت كتابته خلال 10 سنوات، الأصليين ليس بذكاء هذا الفيلم لكنه أيضا عميق جدا إلى درجة تقاربه، الفيلم فى متوسط ذكاء المواطن العادى. 
مشكله فيلم الأصليين هى القصة لكن الفيلم ليست من أولوياته حكايه قصة إنما إرساء فكرة لكن لا ينفى أيضا أن القصة تحتاج إلى بعض البهارات حتى تصبح أكثر لذة للمشاهد العادى وهذه هى النقطة الوحيدة التى يخسرها الفيلم ما عدا ذالك فكرة الفيلم مهمة جدا للمصريين، أحمد مراد سيناريست رائع و لا ننسى أنه فى النهاية خريج المعهد العالى للسينما ومعظم روياته سينمائية جدا، فكره الفيلم فى منتهى الوضوح و سأذكرها فى نهاية المقالة حتى لا أحرق الفيلم، هناك من ذكر أن الفيلم يتحدث عن الماسونية هذا كل كلام مغلوط وغير صحيح بالمرة .
أنصح بعدم قراءه هذا الجزء لأنه متعلق بفكره الفيلم وسيتم حرق أحداثه، يبدأ الفيلم بجمله أينشتاين الشهيره " الخيال أهم من المعرفة"، شخصية سمير عليوه لا تستطيع التعبير عن نفسها و عما يريده فهو يرمز للشخصية المصرية الانهزامية فى غالب الوقت و يتم فرض عليه كل شىء حتى "الجزر", كل أنواع التكنولوجيا فى الفيلم ترمز إلى "المعرفة" ، ثريا الجلال هى الشخصية الأكثر صدقا عن نفسها و هذا سبب حب سمير عليوة لثريا، فى النصف الثانى من الفيلم ثريا تحكى فى محاضرة عن قصة رمزية عن تقديس شجرة اللوتس كرمز للخيال التى تم تدميرها من الرومان، هذه القصة ببساطة ترمز إلى واقعنا الحالى فنحن أهملنا تراثنا بعد أن تدخلت التكنولوجبا الغربية فى كل مناحى حياتنا وجعلتنا نهتم بالمعرفة بدلا من الخيال،  وعندما اهتم سمير عليوة بمعرفة كل شىء لم يجد إلا الألم، و فى آخر مشهد يرمى سمير عليوة هاتفه من الشباك و أصبح يهتم بأصله و لم يدجن مثل أى مواطن مصرى لغياب الأسوار و أصبح من "الأصليين".









مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة