يضم مبنى البرلمان الألمانى "البوندستاج" الكثير من الأسرار والحكايات التى قصها علينا السيد فاجنة فولكر مسئول العلاقات العامة فى البرلمان، خلال جولة صحفية ضمت مجموعة من الصحفيين المصريين لبرلين، لكن أكثر هذه القصة مأسوية وربما ما تفسر حرص الألمان على الدفاع عن المبادئ الديمقراطية، هى قصة العمة "كاترينا"، التى تعرضت للاغتصاب على يد الجنود السوفيت بعد سقوط النازية، ولكنها ظلت تعتقد بأنها مستحقة لهذه الجريمة البشعة.
جدران الجنود السوفيت
فخلال تجولنا داخل البرلمان لفت انتباهنا حوائط تحمل أسماء وتواريخ تعود إلى عام 1945، هذه الجدران ترمز إلى انتصار الجيش الأحمر السوفيتى على النازية. ويروى فاجنة أن عام 1933 كان هتلر رئيس الحكومة الألمانية وبعد 4 أسابيع من توليه الحكم اندلع حريق ضخم فى هذا المبنى، داخل البرلمان، وادعى أنصاره وقتها أن شخص هولندى من قام بإشعال الحريق احتجاجا ضد النازية حيث استغلها النازيون وقتها للظهور بمظهر الضحية وتصوير المعارضين على أنهم مجرمون، لكن حتى الآن يعتقد كثير من الأوروبيين أن النازيين هم من قاموا بأنفسهم بإشعال الحريق.
جدار لتوقيعات الجنود السوفيت
ولأن إضرام النار كان علامة البداية للحقبة النازية- رغم عدم وجود أدلة ملموسمة على الحقيقة- لكن أصر الزعيم السوفيتى ستالين وقتها على أن النازيين هم من أضرموا النار وفى نهاية الحرب قال أن هتلر قام بهذا العمل هنا وسيفعل الجنود السوفيت نفس العلامة فى نفس المبنى وكعلامة على الانتصار حيث رفع الجنود السوفييت علمهم على قبة البرلمان، وبعد انتهاء الحرب قام الكثير من الجنود السوفييت بكتابة أسمائهم على بعض الجدران ستخدمين البقية المتفحمة، باعتباره تخليدا لانتصارهم.
جدار يحمل توقيعات الجنود السوفيت
لكن لماذا يخلد الألمان ذكرى هزيمة دولتهم؟
يقول السيد فاجنة، الذى ينتمى إلى أسرة برلينية عريقة، إن "كاترينا" عمة والده كان لديها 40 سنة عندما انتصر السوفيت وقد تعرضت وقتها للإغتصاب من قبل 6 جنود سوفييت. وعندما بلغ عمرها 80 عاما قصت عليه تلك الحادثة الوحشية بينما كانا يقفان أمام هذه الجدران.
غير أن العمة "كاترينا، التى كانت تنتمى للديمقراطيين الاشتراكيين، كانت ترى أنها مستحقة للاغتصاب، قائلة "بلى أنا المذنبة"، ويروى فاجنة: "قالت لى إن ألمانيا هى التى بدأت بالهجوم على السوفيت، فالجنود الألمان كانوا عنيفين تجاه النساء السوفيت وأجدادنا لم يتكلموا عن هذا الشئ كانوا يقولون فقط أن السوفيت هم الذين إغتصبوا الألمانيات.. لكن كان هناك أيضا الوجه الآخر".
ويضيف: "قالت لى أنا مذنبة لأننى لم أفعل أى شئ لإيقاف هتلر.. أنا لم أعارض، لم أحتج .. لذلك كان يتوجب عليا أن أدفع الثمن". ويضيف: "سألتها لماذا لم تعارضى هتلر.. صمتت ولم تتكلم وتكلمت همسا: كانت أمنيتى أن أعيش كان أكبر من شجاعتى أن أقاوم وأعترفت أنها قامت بخطأ ووافقت بالديكتاتورية". وختم مسئول العلاقات العامة فى البرلمان قصة عمته بقولها "أحترم الديمقراطية ودافع عنها قبل أن تأتى الديكتاتورية وإلا سيحدث لزوجتك ما حدث لى".
اللوحات الفنية
بالإضافة إلى هذه الجدران التاريخية، هناك الكثير من اللوحات الفنية التى تملء أروقة وغرف مبنى البوندستاج، كما يضم مكتبة ضخمة معلق بها لوحة كبيرة تخلد ذكرى المحرقة اليهودية. وقال فاجنة أن البرلمان الألمانى يخصص 2% من تكاليف إنشاء المبانى الحكومية للوحات الفنية وقد تم إعادة ترميم مبنى البرلمان، بعد إتحاد الألمانيتين الشرقية والغربية عام 1990، حيث تم إنفاق 2% من ميزانية اعمال الترميم التى بلغت 300 مليون يورو على اللوحات الفنية.
وشىء واجب فى ألمانيا أن يكون فى المبانى الحكومية لوحات فنية والتقليد الألمانى هذا حذت حذوه العديد من الدول الأوروبية الأخرى. ورئيس البرلمان هو المسئول عن إدارة هذه العملية عبر لجنة فنية مختصة، وخلال إعادة ترميم المبنى تم دعوة أفضل الرسامين فى ألمانيا لتقديم أعمالهم ورسم صور تحكى تاريخ البلاد.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة