السياسة بالطبع تقوم على المناورات والتخطيط والبحث عن المصلحة، وهذا أمر طبيعى، لكن قطر تنفرد عن باقى أنظمة العالم القديم والحديث، بأنها تمول الإرهاب، طمعا فى توظيف التنظيمات الإرهابية لخدمة أغراضها، وفى نفس الوقت تحتمى بالقوى العظمى.
نشأت التنظيمات الإرهابية ومنها داعش والنصرة بعد غزو العراق بدفع من أجهزة استخبارات وأنظمة، ووجدت فيها دول مثل تركيا وقطر مجالا لحرب بالوكالة.
وفرت تركيا ملاذات وممرات إلى سوريا والعراق، ومولت قطر بهدف توظيف هذه التنظيمات لخدمة أغراضها ودعم طموحها فى دور إقليمى، وانتقاما من بشار الأسد بعد رفضه مرور خط الغاز القطرى إلى المتوسط عبر الأراضى السورية، وهو ما يفسر تقارب قطر مع تركيا وإيران بالرغم من تناقض مصالح البلدين فى سوريا بعد فشل الجيش الحر فى تحقيق أية نتائج واكتفاء قياداته بالمؤتمرات فى أوروبا والبحث عن مقاعد فى جلسات التفاوض.
قطر أنفقت ما يقرب من الـ100 مليار دولار على مخططات تفكيك دول فى المنطقة ظنا منها أنها يمكن أن تحصل على حق استخدام تنظيمات إرهابية لتحقيق نفوذ إقليمى، ولم تتعلم من درس الفشل التركى.
ربما لم تتصور قطر أن الأجهزة التى دعمت داعش والنصرة لها أهداف محددة، وتورط تميم علنا ومن دون الحذر التآمرى التقليدى لأجهزة الاستخبارات العتيقة، ومول تنظيمات داعش والقاعدة بتفريعاتها وبوكوحرام وشباب الصومال بأموال كانت تكفى لبناء قواعد استثمارية واسعة وتقوية مصالح قطر.
لكن الإمارة بفضل عدد لابأس به من خبراء الدين والسياسة، ومرتزقة العمل السياسى، مثل القرضاوى وعزمى بشارة تحولت إلى منصة للتآمر ونشر الشائعات وحولت الجزيرة بعد سنوات إلى منصة لنشر الكراهية والطائفية.
بالطبع من بين مرتزقة الاستشارات من أقنع تميم أنه يمكن أن يوظف التنظيمات الإرهابية لصالحه غير مدركين لحجم تعقيدات علاقات هذه التنظيمات بأجهزة استخبارات دول كبرى ومع أى تغير فى قواعد اللعب تجد قطر نفسها عارية أمام العالم.
و لهذا فقد أصبح موقف تميم دقيقا لكونه يواجه اتهامات بتمويل ودعم الإرهاب، وأيضا يواجه ضغوطا من التنظيمات الإرهابية، ومثليها داخل نظامه، ممن أصبحت لهم مصالح فى قنوات التمويل القطرى وتجارة السلاح، وهؤلاء هم من يضغط على تميم لمنع أى خطوات من شأنها أن تطيح بمصالح المرتزقة فى الإعلام وتجارة السلاح.
ولا يستبعد بعض المحللين أن يواجه تميم ضغوطا من ممثلى هذه التنظيمات وتهديدات بالكشف عن علاقات الدوحة بتمويل ودعم وتسليح داعش والنصرة وهو ما قد يضاعف من محنة قطر. ولهذا لجأ تميم بتوجيه من مستشاريه وممثلى مصالح التنظيمات الإرهابية لمضاعفة الإنفاق على شركات العلاقات العامة لتنظيف ما يلتصق به من شبهات، وفى نفس الوقت ضاعف تميم من حجم ما يدفعه من إتاوات لشراء أسلحة من أمريكا ليس بحاجة إليها أو تقديم تبرعات ضخمة لضحايا الأعاصير والكوارث وتقديم هبات لمنظمات غير حكومية حقوقية أو بحثية بهدف تخفيف الضغط على الدوحة. لهذا تضغط القطاعات المستفيدة من قطر لإبقاء الوضع على ما هو عليه وتخويف تميم ونظامه من أن أى تراجع من شأنه أن يقرب من إمكانية محاكمة أو محاسبة دولية، وكل هذا يفسر التردد الذى يبدو من سلوك تميم فى التصريحات ونفيها ومواقف وعكسها.
هذه المواقف المترددة والمرتبكة لتميم، تعكس مخاوف ووقوع نظام تميم تحت ضغوط مختلفة لأطراف تخشى من أن تخسر اماكنها ومصالحها حال تراجع تميم عن دعم تنظيمات الإرهاب، يترجم هذا فى رسائل وتهديدات لتميم من أنه قد يواجه انقلابا حال تراجعه عن تحالفاته.
وبالتالى فان مصير تنظيمات مثل داعش والنصرة أو منتفعين فى الإعلام سواء بالجزيرة أو القنوات التركية كلها أصبح على المحك، ويواجه هؤلاء مصائر غامضة يدفعهم الخوف منها إلى الضغط لبقاء حلق الإرهاب قائما لحماية مصالحهم.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة