قائمة الشركات العملاقة، التى تتعاون مع النظام القمعى فى ميانمار- بورما طويلة ومتنوعة، وتستطيع هذه الشركات العملاقة- وهى تفعل بالتأكيد- التأثير على القرارات السياسية، التى تتخذها الدول التى تنتمى إليها، وكذا الدول التى ترتبط بمصالح اقتصادية معها، لنجد أنفسنا فى النهاية أمام الموقف المخزى للقوى الفاعلة فى العالم تجاه المذابح والإبادة الممنهجة والتطهير العرقى والاقتلاع من الأرض، التى يتعرض لها مسلمو الروهينجا فى إقليم راكان.
قائمة الشركات العملاقة، التى تعمل وتستثمر مليارات الدولارات فى قطاع النفط والغاز بميانمار تضم الأمريكية «شيفرون» والفرنسية «توتال» والصينية «تشاينا ناشيونال»،«بتروليوم كوربوريشن» و«نيبون اويل كوربوريشن» (اليابان) و«دايو انترناشيونال» (كوريا الجنوبية) و«بتروناس» (ماليزيا) و«جيل إنديا» و«أويل آند نيتشورال غاز كوربوريشن» (الهند) وغيرها من الشركات التى تشكل وحدها «أمم متحدة» موازية ومجلس أمن ظل، يستطيعان استصدار أوامر صارمة لقادة الدول الكبرى بإسباغ الحماية على قادة ميانمار السياسيين وعدم إزعاجهم وهم يرتكبون ما يظنون أنه مذابح ضرورية لفرض الاستقرار فى بلادهم الغنية بالغاز الطبيعى والنفط.
هل يعتقد أحد أن قائمة هذه الشركات العملاقة تبالى بقتل مائة ألف من مسلمى الروهينجا أو بتشريد الملايين منهم؟ هل تصدقون أن هذه الشركات يمكن أن تسمح بتأثر علاقتها مع الحكومة القمعية فى ميانمار؟ أو أن تسمح بتهديد استثماراتها ومكاسبها فى ميانمار ؟ الدول التى تنتمى إليها هذه الشركات العملاقة، تلقت الأوامر بالصمت عن أفعال حكومة نيانمار تجاه مسلمى الروهينجا، تقولون لى كيف تجزم بما تدعى؟ وهل يعقل أن تكون مجموعة من شركات الطاقة أقوى من الدول الكبرى ومجلس الأمن والأمم المتحدة؟
وأرد عليكم بالتالى : هل تسمعون صوتا من دول العالم، التى تصفونها بالكبرى فى مسألة مسلمى الروهينجا؟ هل تسمعون صوتًا يبالى بحقوق الإنسان وينتفض لمواجهة المذابح الوحشية هناك؟ هل تسمعون صوتًا فى الأمم المتحدة، ولو حتى يشجب ويندد ويتوعد حكومة ميانمار بما تستحقه؟ هل استصدرت دولة من الخمس الكبار دائمة العضوية بمجلس الأمن قرارًا وفق الفصل السابع يقضى باستخدام القوة ضد جرائم حكومة ميانمار؟ هل استطاعت أغلبية الدول الأعضاء فى الأمم المتحدة مواجهة الدول الكبرى واستصدار قرار بالألبية وفق مبدأ حماية الأمن والسلم الدوليين؟
الإجابة الوحيدة لجميع الأسئلة، التى طرحتها عليكم فى صورة إجابات، هى لا لا لا، لأن الصمت الرهيب هو الأمر الصادر للدول الكبرى من الشركات العملاقة فى ميانمار، ولأن التجاهل التام هو القرار المتخذ فى الأروقة السياسية للحكومات المعنية بالغاز والنفط فى ميانمار أكثر من اهتمامها بالدماء المسالة والحقوق المهدرة والإنسانية المنتهكة هناك.
لابد أن نعلم أن اللغة الأكثر انتشارا فى العالم تحت سيطرة الحضارة الغربية ليست الإنجليزية أو الصينية أو الفرنسية، بل هى لغة المصالح الاقتصادية وتحقيق الأرباح وتساندها لغة القوة العسكرية، ومن يمتلك هذه اللغات الحية والفاعلة فى العالم يستطيع فرض إرادته وحماية نفسه مهما ارتكب من أخطاء وجرائم ضد الإنسانية، ولابد أن نعترف بأن العالم لن يتحرر حتى يزول من أسر الحضارة الغربية المسيطرة رغم تدميرها لكل القيم الإنسانية وللإنسان نفسه، كما لن نستطيع حماية وجودنا فى هذا العالم، ولن يسمع لنا أحد إلا بامتلاك القوة الاقتصادية والقدرة العسكرية.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة