تدرك الولايات المتحدة الأمريكية أنه ليس سهلا الحصول على حلفاء فلابد أن يكون هناك خطر مشترك قد أمسهم بالفعل، فنجد أن الدول المجاورة المهددة من جانب الاتحاد السوفيتى قد تحالفت سريعا مع الولايات المتحدة أثناء الحرب الباردة، كما أيضا فى حرب الخليج سعت الدول العربية إلى تكوين ائتلاف مع الولايات المتحدة دون أن تبذل الإدارة الأمريكية جهدا فى إقناع هذه الدول للتحالف معها، ولكن الحرب ضد الإرهاب هو أمر صعب حيث إن العمل الإرهابى للقاعدة تم توجيه فقط للولايات المتحدة، على الرغم أن هذه الهجمات طالت العديد من المواطنين الأجانب، ولذلك فإن الدول التى كانت ضحايا لهذه الهجمات قد استجابت سريعا لمطالب الولايات المتحدة الأمريكية بالمساعدة مثل روسيا والصين والهند، ولكن الولايات المتحدة ترغب فى مساعدة الدول التى من الممكن أن يتعاطف مواطنوها مع القاعدة، ولذا كان عليها أن تفاضل بين العديد من السياسات الخارجية والدفاعية، حيث إنها لن تتمكن من إرضاء جميع الدول التى تكون مساعدتها مطلوبة التى ربما يكون بعضها أطرافا فى صراع إقليمى واحد، ومن ثم لن تستطيع مكافأة أحدهم على حساب الأخرى، لأنها من الممكن أن تعادى حكومات وشعوبا أخرى، وبالتالى يجب عليها أن تجد سبلا تشرح من خلالها لشعوب هذه الدول أن التعاون ضد الإرهاب هو فى صالحهم، ولكن هذا لا يعنى أن الولايات المتحدة الأمريكية تسعى دائما إلى الحصول على دعم من حلفائها، فهى لا ترغب بأن تكون ملتزمة بالعمل بشكل متعدد الأطراف حيث هذا المذهب هو الذى كانت تعتنقه إدارة بوش الذى يقوم على أساس النظر بعين الشك إلى التحالفات الدولية والعمل الدولى المشترك خاصة فى العمليات العسكرية، حيث يرون أن التحالفات أحيانا تشكل مصدر ضرر أكثر من النفع، ومن ثم لا تكون الولايات المتحدة بحاجة لحلفاء طالما هذا الأمر يحقق مصالح الولايات المتحدة، وهذا ما يفسر عدم لجوء إدارة بوش إلى قوات من حلف الناتو فى حربها على العراق وأفغانستان، لأن الأمر سوف يكلفها التعاون مع 18 دولة وهم أعضاء فى الناتو، وأيضا أعلان الإدارة الأمريكية أن الولايات المتحدة الأمريكية لن تتردد فى القيام بعمل عسكرى منفرد ضد العراق إذا كانت مصالحها تقتضى ذلك ونقلت الباحثة مروة محمد عبد الحميد عبد المجيد فى دراستها التى حملت عنوان «التغيير والاستمرار فى استراتيجية الأمن القومى الأمريكية بعد أحداث 11 سبتمبر» عدد من النقاط الأخرى أبرزها وقف انتشار الأسلحة النووية والبيولوجية، وذلك عبر خطة تتضمن الآتى: السعى إلى تحقيق عالم خالى من الأسلحة النووية مما يؤدى إلى زيادة الأمن العالمى، وتكريس الالتزام بمعاهدة منع الانتشار النووى، وبناء التعاون الهادف مع روسيا وعدد من الدول، وقد حققت الإدارة الأمريكية جزءا منه مؤخرا من خلال التصديق على اتفاقية «ستارت» جديدة مع موسكو.
- تعزيز معاهدة منع الانتشار النووى من خلال تبنى معادلة تدفع الدول التى تمتلك السلاح النووى إلى نزعه مقابل تخلى الدول الأخرى عن السعى للحصول عليه، وضمان حق جميع الدول فى الحصول على الطاقة النووية السلمية مع ضرورة الإيفاء بالتزاماتها وفق المعاهدة.
- تقديم خيار واضح لكل من كوريا الشمالية وإيران يمكنها من تحقيق مكاسب سياسية واقتصادية ويدمجها فى المجتمع الدولى إذا تعاونت حول برامجها النووية أو العمل على زيادة عزلتها ودفعها فى النهاية إلى الوفاء بالتزاماتها الدولية.
- تأمين الأسلحة والمواد النووية، ومواجهة التهديدات البيولوجية بما يخدم الهدف الأساسى وهو منع الانتشار والاستخدام الإرهابى أو العسكرى وتعزيز الأمن.
- العمل على تعزيز الأمن الداخلى وذلك سوف يتحقق من خلال ردع الهجمات داخل حدود الدولة وحماية المنشآت الحيوية والموارد الرئيسية، وتأمين الإنترنت، فضلا عن إدارة حالات الطوارى بشكل فعّال من خلال التحضير لمواجهة الكوارث، والقدرة على الرد والتعافى من الحوادث الكبيرة، تشجيع الجاليات على مواجهة التعصب وهى أفضل وسيلة فى مواجهة التطرف تحسين القدرة على التعافى من خلال تعزيز شراكة القطاعين العام والخاص عبر العودة لممارسة الحياة العادية بسرعة، وتعلم الدروس من الكوارث وترجمتها إلى أعمال عند الضرورة.
ومحاربة الإرهاب وقد تتضمنت الوثيقة أهم الآليات اللازمة لمحاربة الإرهاب، وذلك من خلال تفكيك وهزيمة القاعدة، حيث تتم مواجهة القاعدة وفروعها المتطرفة فى كل من أفغانستان وباكستان من خلال مجموعة من الإجراءات منها: منع الهجمات على أمريكا وفى داخلها، وذلك من خلال توظيف كل القدرات الأمنية الممكنة، وتطبيق القانون والتنسيق بشكل أفضل مع الشركاء فى الخارج لتحديد وتعقب الإرهابيين والحد من عمليات تمويلهم ومنع سفرهم تعزيز أمن الطيران من خلال إجراءات التفتيش والتعريف الدقيق بالمسافرين واستخدام تقنيات فحص متطورة. حرمان الإرهابيين من أسلحة الدمار الشامل، ويتحقق ذلك من خلال تكثيف الجهود التى تهدف إلى تأمين كل المواد النووية الممكن الحصول عليها، وحمايتها بشكل كامل بحلول عام 2013، إضافة إلى جهود منع الانتشار النووى، واتخاذ إجراءات لحماية المعرفة والقدرات فى العلوم الحيوية والكيميائية من الاستخدام السيئ، منع القاعدة من تهديد الشعب الأمريكى، وذلك من خلال حرمانها من ملاذها الأكبر فى باكستان، وعرقلة عملها أينما كان وحرمانها من الملاذات الآمنة فى دول مثل اليمن والصومال والمغرب. تطبيق العدالة ومقاومة الخوف من خلال الوقوف، إلى جانب القيم الإنسانية وحقوق الإنسان، وسحب الذرائع التى تسمح للإرهابيين بتجنيد المزيد من المتعاطفين، غدا إن شاء الله نواصل طرح الخطط الأمريكية.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة