مازال التيار السلفى يثير بين الحين والآخر الجدل بالفتاوى الشاذة التى يطلقها عناصره بهدف لفت الأنظار وجذب الانتباه، بحثا عن أى شعبية فى الشارع حتى لو "زائفة"، حيث زعم السلفى مفتاح محمد فضل الشهير بـ"أبو يحيى"، أن علماء المسلمين أفتوا بزواج الفتاة الصغيرة التى لم تبلغ الحيض ولم يتم تحديد سن معين لذلك.
وأضاف "أبو يحيى"، فى تصريحات إعلامية: "هذا ليس كلامى بل هو فى كتاب ذات المسير لابن الجوزى.. فى كتاب صحيح البخارى وكلام ابن الحافظ فى الفتح كل هذا يقول إن الاتفاق بأنه يجوز تزويج الفتاة الصغيرة التى لم تبلغ الحيض بعد، وإن لم يحدث وفاق فيتم تطليقها".
ورداً على سؤال المحاور، بشأن السن المحدد لزواج الفتاة الصغيرة التى لم تبلغ الحيض، قال الداعية السلفى: "لا يوجد فى الشريعة سن محدد.. ويجوز فى أى سن حتى لو يوم واحد".
وأوضح أن هناك اختلافا بين زواجى "الدخول والعقد"، وتابع: "الدخول هو أن تنتقل الزوجة إلى بيت زوجها ويحصل بينهما جماع بشرط عدم حدوث ضرر يترتب على ذلك حتى وإن كان عمرها 40 عاما.. أما زواج العقد فهو الكتابة دون دخول".
من جانبهم، رفض علماء الأزهر الشريف ما قاله السلفى مؤكدين أن من يتحدث بهذا لا يفكرون إلا فى المتعة فقط، حيث قال الدكتور حامد أبو طالب، عضو مجمع البحوث الإسلامية، إن زواج الأطفال أو زواج الصغار أمر مرفوض فى الشريعة الإسلامية، حيث إن المكلف بالزواج هو البالغ العاقل، أما الأطفال فلا حاجة لهم فى الزواج، والرسول صلى الله عليه وسلم يقول "رفع القلم عن ثلاث أولهم الصغير حتى يبلغ، لأن البلوغ مظنة وجود العقل، ولذلك يقول الرسول يا معشر الشباب من استطاع الباءة منكم فليتزوج، ولم يقل يا معشر الأطفال، إذا لا زواج قبل البلوغ، بل أن الشريعة الإسلامية تضع معيارا ثابتا للزواج وهو الرشد، حيث قال الله تعالى: "وابتلوا اليتامى حتى إذا بلغوا النكاح فإن آنستم منهم رشدا فادفعوا إليهم أموالهم".
وأضاف فى تصريحات لـ"اليوم السابع"، أن هذه الآية تأمرنا أن ندفع لليتيم ماله ليتصرف فيه فإذا وجدناه رشيدا فى عقله وتصرفه ندفع إليه ماله، وإذا كان هذا بالنسبة للمال فهو يمنع ايضا من دون سن الرشد ان يتزوج، فإذا كان يمنع فى ماله وضرره قليل فخل يسمح له بالزواج وخطره عظيم وضرره كبير ويتعدى ضرره إلى الزوجة.
وتابع: "نقول لمن يقول للبنت أن تتزوج عن عمر يوم أو خلافه دون الثامنة عشرة فهو لا يقدر الواقع وإنما يتحدث بما هو مكتوب فى الأوراق، والمكتوب فى الاوراق لابد وأن يعرض على العقل والعقل يقول كلمته، ويقول الرسول لا تنكح البكر حتى تستأذن ولا الثيب حتى تؤمر فقيل يا رسول الله كيف أنها فقال إذا سكتت، فهنا هذا الحديث يمنع زواج البكر إلا بعد ان تستأذن والصغيرة دون الثامنة عشرة لا تعرف معنى الإذن، ومن ثم فإن هذا الحديث يضع شرط يقول لا تزوج البنت إلا بعد ان تكبر وتستأذن وتأذن.
وأضاف وهل الصغيرة تعرف معنى الإذن فهى لا تزوج إلا بعد بلوغها ورشدها وفهمها معنى الزواج، ولنتحدث بالعقل هل البنت التى عمرها يوم أو سنة أو غيرها تعرف معنى الأسرة والزواج، إن هؤلاء الذين يقولون بجواز تزويج الصغار لا يفكرون إلا فى المتعة ويعتقدون أن المرأة للمتعة فقط وهذا قول مرود عليه لأن الزواج له أهداف اسمى من ذلك.
وفى السياق ذاته، قال الدكتور محمد الشحات الجندى، عضو مجمع البحوث الإسلامية، هذه ليست فتوى بل تشويه للشريعة الاسلامية واغتيال لمقاصد الاسلام والشريعة فى الزواج، لأن الزواج علاقة تكامل بين رجل وامرأة، او فتى وفتاه.
وأضاف فى تصريحات لـ"اليوم السابع"، أن هذا الكلام يطعن مفهوم التكامل بين الرجل والمرأة، كما أنه ضد علاقة المودة والرحمة بين الطرفين، فهذا افتاءات على الشريعة وظلم، فاتقوا الله فى الشريعة والمرأة، فهذا أشبه بوأد البنات فى الجاهلية.
فيما قالت الدكتورة إلهام شاهين، أستاذة العقيدة بجامعة الأزهر، أن هؤلاء الذين يفتون بهذه الفتاوى الآن مغيبين لا يعيشون واقع المجتمعات التى نعيش فيها، وفقدوا شعبيتهم فى المجتمعات الإسلامية ولذا يبحثون عن كل غريب وشاذ فى كتب التراث ليخرجوا به على الناس لعلهم يرجعون إلى دائرة الضوء من جديد.
وأضافت فى تصريحات لـ"اليوم السابع"، وهذا الرأى وأن كان قال به بعض العلماء قديما فإنه كان يصلح فى تلك الأزمان الغابرة وتتقبله المجتمعات غير المتحضرة مع مخالفته الصريحة لأحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم ولشروط عقد الزواج، فالرسول قال لا تنكح البكر حتى تستأذن والثيب حتى تستأمر وقال عن البكر إذنها صماتها.
وتابعت: "كذلك من شروط العقد الإيجاب والقبول، فكيف تأذن الطفلة، وكيف يكون منها الإيجاب والقبول، هؤلاء لا يعملون عقولهم حتى فى النصوص".
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة