ضمن سلسلة "كتاب اليوم" صدر حديثًا عن دار "أخبار اليوم"، كتاب "خطاب الشارع.. تحولات الحياة والموت فى مصر"، للدكتور محمد شومان، أستاذ الإعلام، والعميد المؤسس لكلية الإعلام بالجامعة البريطانية، وخبير إدارة الأزمات والدراسات المستقبلية، والحاصل على جائزة الدولة فى التفوق فى العلوم الاجتماعية.
يتكون الكتاب من 6 فصول، تبدأ بالفصل الأول والذى يتناول مشكلة الزحام من خلال "صراع السلطة وتناقضات الشارع المرورى"، فيما يتناول الفصل الثانى "الرصيف القاهرى" بكل مشكلاته وصراعاته، ويلفت الفصل الثالث النظر إلى "الفوضى والتشوه المعمارى" الذى تعانى منه مدن مصر حالياً.
بينما يناقش الفصل الرابع الخطابات التى تحملها "أزياء المصريين" التى أصبحت بلا هوية بعد اختفاء الزى الوطنى، ويأتى الفصل الخامس تحت عنوان "توتر الكلام والصمت" ليتناول بالتحليل كلام ولغة الناس فى المحروسة ودلالاتها الطبقية والثقافية والاجتماعية، ويختتم المؤلف الكتاب بفصل عن "خطاب الموت"، والذى يرى أن له شأن آخر ووجود متميز يختلف عن خطاب الموت فى أى بقعة أو مدينة فى العالم.
وفى الفصل الأول، وعنوانه "صراع السلطة وتناقضات الشارع المرورى"، يرسم المؤلف صورة مختلفة لحركة الناس والسيارات فى شوارع القاهرة، مؤكداً أنها تجسد خطاباً بالغ التنوع والتفرد والتعقيد، يعكس حال المجتمع والناس فى مصر والعلاقات التى تربط بينهم من ناحية، وتربطهم بالسلطة من ناحية أخرى. فما بين الضجيج والفوضى، والتحايل على سلطة القانون والدولة، هناك خطاب متناقض ومتصارع إلى أقصى حد، يشارك فيه الجميع.
وفى الفصل الثانى، وتحت عنوان (خطاب الهامش "الرصيف القاهري")، يتناول الكاتب مشكلة الاعتداء على الرصيف أو المجال العام، والذى أصبح سلوكاً يمارسه معظم سكان المحروسة فى كافة الأحياء والشوارع، وبغض النظر عن مستوى سكانها الاجتماعى والاقتصادى. فالأرصفة فى كثير من الشوارع لا وجود لها، وإن وجدت فهى غير متاحة للمشاة، حيث احتلها البائعون وأصحاب المحلات، وأصبح السير على الرصيف يتطلب منك الحرص والتدقيق لموضع قدميك، وأن تسيير كبهلوان حتى لا تقع فى حفرة، أو تصطدم بشجرة أو عمود إنارة أو محطة أتوبيس أو إعلان قبيح عن شيء تافه لا معنى له.
أما الفصل الثالث الذى يتحدث فيه المؤلف عن الفوضى والتشوه المعمارى، فيؤكد أن العشوائية المعمارية أصبحت منتشرة وضاربة بجذورها فى كل أحياء المحروسة، بل صارت جزء من ثقافة وخطاب الناس، وبنظرة خاطفة منك لأى عمارة من عمارات المحروسة، وفى أى حى من أحيائها، ستجد العشوائية تسكنها، فلا انتظام فى شكلها الخارجى، أو مدخلها، أو سطحها.
ويتناول المؤلف فى الفصل الرابع أزياء الناس كخطاب مشبع بالدلالات والمعانى الطبقية والثقافية والنفسية، مشيراً إلى أن بعضها أصبح بلا هوية أو معنى حقيقى، ويتطرق فى هذا الإطار إلى أسلمة الملابس وما يطلق عليه زياً إسلامياً سواء للمرأة أو الرجل، واختفاء الزى التقليدى للمصريين سواء "الجلباب" المصرى أو"الملاية اللف"، كما يلفت النظر إلى استخدام الزى للتماهى مع أصحاب السلطة.
وينظر الفصل الخامس فى كلام الناس وأحاديثهم العادية فى المحروسة، باعتبارها خطابًا عفويًا، غير رسمى، وكاشف للكثير من جوانب الثقافة والحياة فى المجتمع المصرى. ويرصد الكاتب 7 سمات لكلام الناس فى المحروسة ما بين التدين المصطنع، والميل للمزاح والتنكيت، والاهتمام بالأحاديث الجنسية، وتعظيم الذات، ورفع الصوت أثناء الحديث، وتعدد لهجات الحديث بين الأحياء والطبقات المختلفة، وشبابية وحيوية الكلام وتحولاته السريعة.
أما الفصل الأخير والذى جاء تحت عنوان "خطـاب المـوت"، فيتناول كل ممارسات الموت مثل مظاهر الحزن، وطقوس الدفن والعزاء، ونعى المتوفى فى صفحات الوفيات، ومعمار المدافن وزخرفتها والكتابة عليها، والحياة فى المقابر، وزيارة الموتى وتوزيع الصدقات. ويؤكد المؤلف أن ثقافة وخطاب الموت هى من أكثر عناصر الثقافة والشخصية المصرية استمراراً وديمومة، فرغم تغير العصور والأجيال يظل معنى الموت وطقوسه، بل وعلاقته بالإيمان ويوم الحساب، أموراً شبه ثابتة مع وجود تحويرات وتبديلات يمكن فهمها وردها لأصلها الأول الفرعونى.
الكتاب يقع فى حوالى 135 صفحة، من القطع المتوسط، ويقدم من خلاله المؤلف قراءة شاملة لخطاب الشارع والناس فى مصر، معتمدًا على مناهج تحليل الخطاب النقدى، والتحليل السميولوجى، وتحليل المحادثة "الاثنوميثودولوجيا".
دكتور محمد شومان
غلاف الكتاب
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة