طبيعى أن تكون أرقام الضحايا فى حوادث الطرق صادمة، عندما يصحو الناس على خبر مصرع 15 مواطنا فى حادث تصادم على طريق بنى سويف، اصطدم ميكروباس ركاب بسيارة نقل من الخلف، الرقم مفزع، ومثله أرقام ضحايا الحوادث التى تقع يوميا على طرقاتنا، ويتوقع فى حالة عدم السيطرة والمواجهة أن تتضاعف الحوادث، وتتضاعف أرقام الضحايا.
من عقود طويلة نتحدث عن حوادث الطرق وضحاياها الذين تتضاعف أعدادهم. وآخر إحصائية لضحايا الحوادث فى مصر سنويا تصل إلى 25 ألف بين قتيل ومصاب، القتلى حوالى 13 ألفا سنويا، حسب جهاز الإحصاء من بين 1.25 مليون قتيل فى حوادث الطرق عبر العالم سنويا. وهو رقم كبير بالنسبة للحوادث، وخسائر مادية تقدر بـ30 مليار جنيه سنويا.
مصر ليست الأولى فى عدد ونسبة حوادث الطرق، لكنها الأولى تقريبا فى عدد القتلى، وهنا يفترض أن يكون الرقم لافتا، وبالرغم من وجود العديد من التقارير عن أسباب حوادث الطرق، لم توجد حتى الآن طرق لمواجهة الحوادث التى تتضاعف، بل إن الطرق الجديدة السريعة والأكثر اتساعا، غالبا ما تتحول إلى مصايد للموت والحوادث، بسبب غياب الرقابة والمراقبة والرادارات والمرور عموما.
بالطبع هناك أسباب متعددة للحوادث منها الطرق، والعامل البشرى مثل السرعات الزائدة والمخدرات. ولا يعقل ونحن أمام شبكة الطرق فى مصر شرقا وغربا، شمالا وجنوبا تسهل الانتقال وتساعد التنمية والاستثمار، أن تتحول هذه الطرق إلى مصايد للموت، بسبب السرعة الجنونية، وغياب المراقبة، الأمر الذى يضاعف من احتمالات الحوادث وتكرارها وزيادتها.
كل التقارير لجهات مختلفة تشير إلى أن العامل البشرى يمثل أكثر من نصف العوامل التى تؤدى للحوادث، بالإضافة إلى الطرق وإجراءات السلامة، وهنا يأتى دور هيئة الطرق والكبارى والمرور، طبيعى أن إنشاء طرق سريعة وحديثة وواسعة يستلزم توفير أدوات المراقبة الحديثة من رادارات وكاميرات، توفير الخدمات على هذه الطرق، والإرشادات والعلامات الإرشادية، ويلاحظ أن هناك بعض الطرق تفتقد للعلامات الإرشادية والاتجاهات لمسافات طويلة تصل إلى عشرين كيلومترا. والأهم من كل هذا هو توفير المرور والرقابة، تعزيز المرور بأدوات وسيارات حديثة وتطبيق القانون بحسم على مخالفى السرعة، وفى كل دول العالم هناك إجراءات رادعة تتضمن الغرامات الضخمة وسحب الترخيص والمنع من القيادة لمن يكررون المخالفة للسرعة أو كسر الإشارة، بل إن تطبيق القانون يوفر أموالا للصيانة والمراقبة، ناهيك عن حماية الأرواح.
الملاحظ فى أغلب الطرق السريعة هو غياب الرادار، فضلا عن أن لجان المرور غالبا ما تكون فى بدايات الطرق ونهاياتها، وهى مراحل يكون فيها الالتزام واضحا، وكثيرا ما تتحول اللجان إلى مجرد منظر. بينما الطبيعى أن تكون هناك رادارات، تتابعها اللجان وتحرر محاضر وتسحب رخص. بالمناسبة لدينا قانون مرور يتضمن كل هذه العقوبات، لكن لا يتم تطبيق أى منه، وهناك دول كثيرة سبقتنا بسنوات، ومرات نقول إن التكنولوجيا تسهل عمليات مراقبة الطرق ومتابعتها.
نحن ننفق مئات المليارات على طرق حديثة، وتظل الصيانة والخدمات، والرقابة غائبة، وكأننا لا نسطيع إدارة هذه الطرق، الأمر بحاجة إلى تفكير يناسب هذه الطرق.