واضح أن ما يجرى فى العالم الافتراضى يتجاوز أى خيال، ووسط مولد التواصل والاتصال أصبح من الصعب التفرقة بين الحقيقى والافتراضى، وعندما يسقط الحاجز بين عالمى الواقع والخيال، تصبح الكوميديا حقيقة، وتتحول الصراعات لتصل من صفحات «فيس بوك» إلى ساحات المحاكم.
وليس من قبيل الكوميديا أن نجد أمام محكمة الأسرة بالقاهرة الجديدة دعوى خلع أقامتها فتاة عشرينية ضد زوجها، الذى رفض إعطاءها «الباسورد» الخاص بصفحته الشخصية على «فيس بوك».. الزوجة تقول فى دعواها إنها تزوجت بعد قصة حب عنيفة.. واضح طبعًا أنها كانت فى جزء منها افتراضية، شهدت الكثير من اللايكات والتنهيدات والقلوب السابحة فى فضاء الافتراض، لكن بعد الزواج بدأت الزوجة الشابة تشك فى تحركات زوجها فى العالم الافتراضى، وتتابع علاقاته على صفحته الشخصية بـ«فيس بوك»، وتراقب اللايكات والمشاركات، والصور والتشابكات، وطبعًا لابد أن الزوجة صنعت حسابًا رمزيًا باسم مستعار لتراقب تحركات زوجها الحبيب على صفحته، وسلوكه على صفحات الآخرين.
تقول الزوجة فى دعواها إنها اكتشفت خيانة زوجها وعلاقاته ومحادثاته على «الشات»، وتحملت كل هذا التلاعب، وفى إحدى المرات لمحت الزوجة الشابة حسابًا «فيسبوكيا» عليه صورة خارجة، ووجدت من بين الأصدقاء للصفحة «اللعوب» صديقًا مشتركًا هو نفسه زوجها، وعندها قررت الزوجة مواجهة الزوج حول الحساب الخارج، الذى «لا يسلم من الأذى» حتى تراق على جوانبه «البلوك».
أنكر الزوج العلاقة، وأقسم لزوجته أنه لا يعرف صاحبة هذا الحساب، ولا تربطه بها غير العلاقة الافتراضية، لكن الزوجة رفضت تصديقه، وطلبت منه- إثباتًا لحسن النية- أن يعطيها «الباسورد» الخاص بصفحته، لتتأكد من حسن نيته، لكن الزوج اعتبر طلب الزوجة «للباسورد» تأكيدًا على أنها لا تصدقه ولا تثق فيه.. رفض الزوج منحها «الباسورد»، وتمسك بـ«باسورده»، واعتبره جزءًا من كرامته الافتراضية، ولما احتد النقاش، امتدت يده الواقعية لتصفع زوجته، وسارعت الزوجة المصدومة «فسيبوكيا» لترفع دعوى خلع واقعى للتخلص من زوجها الخائن الافتراضى.
وصلت الدعوى إلى محكمة الأسرة، وقدم محامى الزوجة عريضة دعوى واسعة مشفوعة بأدلة عن خيانات الزوج المتعددة، وكررت الزوجة أمام المحكمة قصة شكوكها، وربما بنسخ من الصفحات محل الشك، وأصرت الزوجة على طلبها الخلع من الزوج الخائن. من جهته ترافع الزوج أمام المحكمة، وأكد أنه تزوج عن قصة حب استمرت لسنوات، وأنه عانى من شكوك زوجته منذ اللحظة الأولى للزواج، وأنها كانت تراقب صفحاته وحواراته وتطلب فحص «الفريندز»، لأنها كانت تشك أن «الفريدنز» الرجال هم فى الأصل نساء افتراضيات لعوبات.
الزوج أكد أنه مازال يحب زوجته، وأنه اعتذر لها عن انفعاله، واتهمها بالشك الواقعى والافتراضى، وأنكر أن تكون له علاقة بالحساب محل شك زوجته، لكنه اعترف برفض منحها «الباسورد».
ولا نعرف إلى أين تنتهى علاقة الزوج الافتراضية والحقيقية بزوجته التى تصر على الخلع أو «الباسورد»، لتنضم إلى طوابير من المعارك الزوجية، فى عالم يختلط فيه الحابل بالنابل، و«الباسورد» بـ«اللايك»، وتسقط فيه الحواجز بين الواقع والخيال العادى والافتراضى.. وهل «الفيس» يمكنه أن يحسم هذه العلاقة ويكون أعلم بالحقيقة؟
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة