بدعوة كريمة من الأب لوكاس حلمى الفرنسسكانى، حضرت حفل تخرج دفعة ثانوى لمدرسة الفرنسسكان الثانوية، فى أمسية مخملية قضيتها مع طالبات ومدرسين ومدرسات مدرسة الفرنسسكان الثانوية فى حفل التخرج، الناظرة جيهان يوسف تتوسط الطالبات وكأنها منهن، هدى داود تنظم الحضور فى رشاقة وفرح، أما "الدينامو" وصاحبة الفكرة والرؤية كانت الأخصائية شيرين شوقى تتحرك كالفراشة وهى تنتقل بين الطالبات مثلما تنتقل الفراشة بين الزهور.
بدأ الحفل بالسلام الجمهوري، ومر طابور العرض لأربعين خريج وخريجة يرتدون وشاحًا لكل خريج يحمل الاسم والصفة الجميلة التى يتحلى بها من وجهة نظر المدرسة، استمتعنا بأغنية من كورال الخريجين، أفلام تسجيلية عن آراء الطلاب فى المدرسة والمناخ العام، تسليم الشهادت، كلمات الناظرة جيهان يوسف، الأب لوكاس حلمى، وكلمة رئيس مجلس الآباء المستشار كمال عبد الله، وكلمة ختامية لسمير عوض ناظر ابتدائى وإعدادى.
المدارس الفرنسسكانية تأسست 1840 عن طريق المرسلين من الآباء الفرنسسكان، وكانت ابتدائية، ثم تطورت إلى إعدادى وثانوى، وفى عام 1937 بدأت بفصل واحد وحينما اشتد الإقبال على المدرسة استأجرت الارسالية مبنى أكبر، وبدأت المدرسة فى التوسع حتى عام 1954 فى عهد إدارة الأب يوحنا نوير افتتح فيها القسم الداخلى، وبدأت نهضة المدرسة الحقيقية مع الأب عادل زكى فى السبعينيات من القرن الماضى ثم افتتاح قسم الإعدادى مع الاب كيرلس فى ثمانينيات القرن الماضى، يعمل بالمدرسة 180 موظفًا على 1600 طالب وطالبة.
تركتهم وأنا أتذكر تحقيقيا صحفيا أقرب للدراسة قمت به عام 1999 عن مصير العشرة الأوائل من عام 1979 حتى 1989، وجدت 10% لم يكملوا كليات القمة التى دخلوها، و40% منهم لم يستمروا فى التفوق، و30% تفوقوا وتم تعيينهم فى الجامعة، والـ20% تخرجوا وعملوا فى مهن غير تخصص كلياتهم !!
تذكرت أن كل المصريين الذين حصلوا على جائزة نوبل لم يكونوا من المتفوقين، ولم يدخلوا كليات القمة، نجيب محفوظ كلية الآداب، أحمد زويل كلية العلوم، البرادعى الحقوق.
ترى ماذا يخبئ القدر لهؤلاء الذين يسيرون فى طابور التخرج؟ بالطبع أتمنى من كل قلبى أن تكون أيامهم مفرحة مثل ضحكاتهم الجميلة .
كانت آخر أيام عيد الأضحى تنسحب، فجأة أمام مديرية أمن أسيوط شعرت بوجع فى قلبى، تذكرت مذبحة مديرية أمن أسيوط فى مثل هذا العيد، عيد الأضحى، تلك المذبحة التى سقط فيها مئات الشهداء من الشرطة، ووفق شهادات، ففى الساعة السادسة صباحًا وقفت سيارة بيجو لونها الأصلى أبيض مطلية بشكل ردىء باللون الأزرق ملاكى القاهرة.. وسيارة أخرى فيات جديدة ملاكى سوهاج أمام مبنى مديرية الأمن نزل من السيارتين ثمانية مسلحين وفتحوا نيران أسلحتهم الآلية على جنود الحراسة ولم تتح لهم الرد بإطلاق النار من المفاجأة وسقط الملازم أول أحمد وحيد عند مدخل المديرية، ووجدوا العميد شكرى رياض مساعد المدير - وكان مرتديًا بيجامة فى استراحة المديرية - فأردوه قتيلاً، كما قتلوا بالرشاشات ستة عشر سائقًا واثنين وثلاثين جنديًا.. واتخذوا مواقع فوق سطح المبنى واستولوا على ثلاثين بندقية سلاح ومدفعين من طراز "برن".
وتشير شهادة الرائد حسن الكردى الناجى الوحيد من مجزرة مديرية الأمن: فى هذه الأثناء كانت سيارات تجوب شوارع المدينة تحمل مجموعات مسلحة تطلق النار على جنود الحراسة وعلى إطارات وسيارات رجال الشرطة، كما اتجهت مجموعة من المسلحين إلى مبنى مركز شرطة قسم ثانٍ فى شرق أسيوط لاحتلاله وكان موجودًا به مئة وأربعة وسبعون جنديًا وثلاثون ضابطًا فى الساعة السادسة صباحًا شنت مجموعة ترتدى زى عساكر الجيش هجومها على مركز شرطة قسم أول فى غرب أسيوط وكان يضم مئة واثنى عشر جنديًا وأربعة ضباط.. كان المهاجمون فى البداية سبعة مسلحين.. خرج معظم أفراد الوحدة لحراسة المساجد فقاومهم الملازم أول عصام مخلوف ضابط مباحث القسم بطبنجة لا تستخدم إلا كتسليح شخصى للضباط.. وكان من الصعب مواجهة البنادق الآلية بطبنجة فلقى مصرعه فى ثوانٍ.. قتل واحد منهم وأصيب اثنان.. واستمر القتال .
استمر الوجع وأنا أكتب المقال ويسقط ثمانى عشر شهيدًا من رجال الشرطة فى سيناء من غدر الإرهابيين الجدد، يا إلهى الى متى ندفع من دماء أبنائنا، مرت بذاكرتى أن معظم الإرهابيين الذين قاموا بمذبحة مديرية أمن أسيوط من كليات القمة مثلاً الإرهابى عاصم عبد الماجد من كلية الهندسة؟!
تذكرت وجوه الطلاب والطالبات الخريجين تمنيت أن تكون مصر القادمة على أيامهم خالية من الإرهاب، وأن يكون تفوقهم تفوقًا عمليا، وإن تطل ضحكاتهم على كل مصر المحروسة .