أكرم القصاص - علا الشافعي

يوسف أيوب

الملاحة عبر القطب الشمالى وتأثيرها على قناة السويس

السبت، 16 سبتمبر 2017 12:00 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مجدداً عاد الحديث عن فكرة تطوير الممر الشمالى البحرى، الذى يراه البعض منافسا للممر الجنوبى التقليدى «قناة السويس»، بعدما قال الرئيس الروسى فلاديمير بوتين، قبل أيام أن معظم دول آسيا والمحيط الهادئ مهتمة بتعزيز تطوير «الممر الشمالى البحرى»، باعتباره أمرا بالغ الأهمية لهم ولروسيا أيضاً، بوتين قال ذلك خلال زيارة قام بها الجمعة الماضى لمجمع «زفيزدا» لبناء السفن، محتفلاً بالشروع فى بناء أربع سفن مخصصة للجليد ذى السماكة العالية، التى ستصنع بطلب من شركة «روس نفط»، وهو ما جعله يقف متفاخراً أمام الحضور، وهو يقول: «من الضرورى بلوغ الهدف الاستراتيجى الرئيسى فى أقرب وقت، وهو البدء بإنتاج مجموعة كاملة من السفن ذات الحمولة المتوسطة والكبيرة والمعدات البحرية»، القادرة على عبور الممر الشمالى البحرى، وهو ممر بحرى يربط المحيط الأطلسى بالمحيط الهادى عبر المحيط المتجمد الشمالى، وعادة يكون هذا الممر متاحا فقط فى الصيف، لكن عملية الاحتباس الحرارى، التى تسارعت بنهاية القرن العشرين، منحت كاسحات الجليد فرصة للإبحار عبر هذا الممر على مدار السنة، وهو ما جعل البعض يتحدث عن إمكانية استخدامه كبديل لقناة السويس، التى تبحر من خلالها سفن الشحن المقبلة من دول شرق آسيا مثل الصين واليابان إلى أوروبا.
 
فى الصين أيضاً، هناك من يتحدث أنه بفضل الممر الشمالى ستوفر شركات الشحن الوقت والمال، فعلى سبيل المثال تكون الرحلة البحرية من مدينة شنجهاى بالصين إلى ميناء هامبورج الألمانى عبر الممر الشمالى أقصر بـ2800 ميل بحرى عن الطريق المار عبر قناة السويس، كما أن مسافة الرحلة البحرية من ميناء يوكوهاما فى اليابان إلى ميناء روتردام بهولندا عبر الممر الشمالى تبلغ 7300 ميل بحرى، فى حين تصل إلى 12500 ميل بحرى عبر الممر الجنوبى من خلال قناة السويس، وأشارت تقارير روسية إلى أنه فى العام الماضى، تم شحن ما يقارب من 7266 ألف طن عبر الممر الجنوبى من خلال قناة السويس، ومن المتوقع أن يصل الرقم إلى 51100 ألف طن بحلول العام 2030، وأكدت هذه التقارير أيضاً أن تنمية الممر الشمالى تأتى ضمن خطة استراتيجية لروسيا تهدف تطوير القطب الشمالى، المنطقة التى تحتوى على كميات كبيرة من المعادن والنفط الخام والغاز الطبيعى.
 
بطبيعة الحال، فإن مصر تتابع كل ما يقال عن النقل البحرى عبر القطب الشمالى، ومدى تأثيره على الملاحة عبر قناة السويس، وحينما كثر الجدل قبل عام تقريباً على موضوع القطب الشمالى سألت الفريق مهاب مميش، رئيس هيئة قناة السويس عنه، فكان رده أن الملاحة البحرية عبر القطب الشمالى «لا تعمل سوى أربعة أشهر فقط فى العام، كما أن السفن التى تسير عبره تسير بمكسرات للثلج فى مقدمة السفن، وهى عملية صعبة ومكلفة، ووفقاً للأرقام، فإن السفن التى مرت من خلال هذا الطريق خلال الأربعة الأشهر وصلت إلى 46 سفينة، وهو أقل من أعداد السفن التى تمر فى اليوم الواحد بقناة السويس».
 
بالتأكيد هناك دول وشركات تبحث عن بدائل مختلفة للملاحة البحرية، توفر المال والوقت، وسبق أن تناولت هذا الموضوع قبل عام، حينما تداول كثيرون خبرا نشرته مواقع ووكالات أنباء عالمية، مفاده أن الحكومة الصينية تحث شركات الملاحة على استخدام الممر الشمالى الغربى بهدف توفير الوقت والمال، متفادية بذلك عبور قناة السويس، مما سيكون له تداعيات سلبية على مصر، وحاولت أن أبحث عن إجابة للسؤال الذى شغل تفكير الكثيرين، وهو: هل بالفعل الصين ومعها روسيا يبحثان عن بديل لقناة السويس؟ فكانت الإجابة الوافية والمنطقية أيضاً التى سمعتها من دبلوماسى صينى له دراية كافية بالنقل البحرى، وهى أن «مصر نقطة لا مفر منها، ولا أعتقد أن الملاحة فى القطب الشمالى ستكون بديلة لقناة السويس، ومن يردد ذلك، فإنه شخص «سخيف» لأن القناة تتمتع بموقع استراتيجى ولا ينظر لها باعتبارها ممرا تجاريا فقط، فبدونها كيف تنفذ الصين طريق الحرير؟»، وقال: «إن الصين تعتبر رقم 1 فى التجارة العالمية ولديها أكبر أسطول تجارى فى العالم، ومن الطبيعى أن تبحث الشركات الصينية عن خطوط ملاحة جديدة، وهذا الأمر يعد تجاريا بحتا، وليس استراتيجيا، ولا أعتقد أن هناك حاجة للمبالغة فى الأمر».
 
الرد يشير فى طياته إلى أن فكرة تطوير الممر الملاحى بالقطب الشمالى موجود فى استراتيجية هذه الدول، وربما يكون له أهداف أخرى بخلاف الأهداف التجارية، فهناك من يقول: إن روسيا تبحث عن توسيع نفوذها ووجودها العسكرى فى منطقة القطب الشمالى، فى إطار حربها المستمرة مع الولايات المتحدة، وأنها تفكر منذ فترة فى إيجاد ممر مستمر فى هذه المنطقة، وموطئ قدم أيضاً، وهذا لن يتحقق إلا بتنمية المنطقة، وجعلها ممرا ملاحيا تستفيد منه اقتصادياً، وفى نفس الوقت تحقق سياسة الوجود العسكرى.
 
هذا مبرر استراتيجى مهم، لكن المهم بالنسبة لنا هو ألا يؤثر ذلك على الملاحة فى قناة السويس، وأعتقد أن الأمر قد يكون محسوماً، بأن قناة السويس ليست فى مجال للتأثر، والدليل على ذلك أن الصين حينما طرحت مبادرة «الحزام والطريق»، أو طريق الحرير، فإنها تعتمد بشكل كبير على قناة السويس لوصول منتجاتها إلى أفريقيا، وتحديداً منطقة الشمال الأفريقى، وهو ما يظهر من الاهتمام المتزايد الذى تبديه الشركات والحكومة الصينية ليكون لها وجود فى مخطط تنمية محور قناة السويس، فإذا كان الصينيون لديهم أدنى شك فى أن قناة السويس ستفقد ميزتها الاستراتيجية ولو بعد عشر أو عشرين عاماً، ما كانت لتخاطر بضخ استثمارات بالمليارات فى هذه المنطقة، هذا فضلاً عن أمر آخر يجب أن ننظر له بعين الاعتبار، أن مسألة تطوير الممر الملاحى بالقطب الشمالى تحتاج لاستثمارات ضخمة، والغالب أنها لن تحقق العائد المتوقع منها.

 










مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
التعليقات 1

عدد الردود 0

بواسطة:

عمرو

بعيد تماما عن المنافسة

1- الجليد يذوب لأربع أشهر في العام فقط. 2- يجب في بداية كل صيف خروج سفن كسارات لتكسير كتل الثلج لان الذوبان يكون لكتل كبيرة وليس لماء. 3- القناة بعد فتحها لا تستوعب إلا السفن المتوسطة الحجم لان ذوبان الجليد سطحي فبالتالي المياه غير عميقة كقناة السويس. 4- يجب أن يتم بناء سفن خصيصا للسير في الجليد وهي تكلفتها عالية. 5- لا يوجد مواني في المنطقة تستوعب حجم تجارة ضخم، وإنشاء مواني ضخمة لتعمل أربعة أشهر فقط .. فكرة غير مجدية اقتصاديا. 6- روسيا تنتظر من الصين تبني المشروع لأنها أكبر المستفيدين منه، والصين تنتظر من روسيا أن تتبناه لأنه يقع في أرضها. 7- وأخيراً .. الدراسات قالت ان لو دولة تبنت المشروع ده ممكن بعد 5 سنين يقدر يحصل على نسبة 1.5% من حصة السفن اللي بتمر في قناة السويس .. يعني من الآخر كلام فاضي.

اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة