إيمان رفعت المحجوب

ما بالنا عدنا نسب ناصراً

الإثنين، 18 سبتمبر 2017 10:00 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لن أتكلم عن ناصر ولكن سأضرب بفرنسا التى انتقلت من حقبة تاريخية إلى حقبة تاريخية أخرى مختلفة تماما مثلاً، تخيلوا فرنسياً يسب الثورة الفرنسية ويختزلها فى أنها عصر الإرهاب والإرهابى ماكسيميليان روبسبيير واليعاقبة الذين حصدت المقصلة على أيديهم أربعين ألف رأس منها زعامات شعبية للثورة نفسها! بينما كان بالباستى على عهد لويس السادس عشر نفسه الذى قامت عليه الثورة سبع مساجين فقط.
 تخيلوا لو أن فرنسياً معاصرا يبكى فرنسا الملكية ويتحسر على القصور والملوك والأمراء والإقطاع والنبلاء و الفخامة والأبهة والوجاهة الملكية التى ضاعت وحل محلها حكم عامة الشعب. تخيلوا لو أن فرنسيا يسب نابليون ويختزله فيقول ازاح المديرين ليقيم امبراطورية وعاد وفتح الكنائس بعد غلقها ليخدر الناس ثانية بالدين، أو يقول عنه انه ترك فرنسا مفلسةً محتلة، وأنه بسببه وسبب الهزيمة والاحتلال وعودة الملك بعث التطرف من مكمنه، حتى أنهم اخرجوا جثمان ڤولتير من قبره بالكنيسة لانه لايليق ان يدفن لانه فى نظرهم كافرٌ والقوا به حيث لا احد يعلم، وتظل فرنسا هكذا على حالها من الثورات لا تستقر مئة عام اُخَرى.
 
 وعندما استعيد احداث رواية فيكتور هوجو "البؤساء" عن فرنسا ما قبل الثورة وكم البؤس الذى كان و منظر الناس وقد يَبُسَ جلدهم من شدة الجوع لا يجدون قطعة خبز يسدون بها جوع أطفالهم ويسجنون فى رغيفٍ من الخبز، فى حين ربا وسمن و كثر شحم لويس السادس عشر وزاد فى الجسم والحجم والوزن كما تظهر لنا صوره فى أواخر ايامه، أو أتذكر رواية تشارلز ديكينز " قصة مدينتين" واتصور مشهد الناس فى سانت انطوان وبرميل النبيذ الذى تهشم فسال كل ما كان يحويه من نبيذ على الطريق، والناس يتمرمغون فى الوحل كى يصيبوا لعقةً من نبيذ مغمسة بالطين، أو آخر كلمات كوليت عن زوجها الذى سحله المركيز من كثرة ما كلفه من عمل حتى مات من الجوع والعطش والتعب..
 
 عندما نقرأ هذا مؤكد نرى الفارق الذى أصبح عليه عوام الفرنسيين اليوم عما كان عليه عوام الفرنسيين وقت الإقطاع و الملكية والتفاوت الطبقى، فرنسا من الدول التى طبقت نظاماً وسطا بين الاشتراكية والرأسمالية، ففى فرنسا تعليم مجانى حتى الجامعة وعلاج مجانى، فى فرنسا اعانة بطالة اذا ما كان هناك بطالة. 
 
هذا بينما لم تكن الملكية تهتم بتعليم الشعب ولا علاجه وكانت اغلبية الشعب الفرنسى وقتذاك اميةً جاهلة لا نصيب لها من التعليم، ولكن من المسجل تاريخياً ان ببواكير الثورة زادت نسبة توزيع الجرائد وزاد إقبال الناس على الكتابة والمسرح وزادت نسبة المطبوعات ، وبينما عزف الناس عن الذهاب لقداس الآحاد اصبحوا يبحثون عن روسو و ديدرو و منتسكيو و ڤولتير و الكونت دو ميرابو يستقون منهم الفكر و التنوير ، الفكرة ان هذا يلخص اسباب ارتقاء الشعوب، فالشعوب لا ترقى بزيادة غنى طبقة أو طبقات عن باقى الشعب و تمتع هذه الطبقة وحدها بكل الامتيازات ( الحكم و رأس المال و التعليم و العلاج و .... و .... ) و لتمت باقى الطبقات !! هذه معادلة خاسرة تعجل بالسقوط الى الهاوية فالدول لا ترقى هكذا ! فلا دولة راقية بدون مجتمع راق ... 
 
هذه جولة تفقدية سريعة فى تاريخ شعب من اكثر شعوب العالم رقياً و حضارةً و وعياً ، من المؤكد ان حال كل فرنسى اليوم مئات المرات افضل من حاله أيام الملكية، وكذلك حال فرنسا نفسها فلنسأل انفسنا كيف تحقق للشعب الفرنسى ولفرنسا كل هذا ؟ أكان لتغير النظام عن الرأسمالية هذا الأثر العظيم ؟ 
هذا بمناسبة عودة مواصلة الحملة الضارية على ناصر ؛ بعد هدنة لم تدم طويلا ! فهل لعودة جلد ناصر بعد ما يقرب من خمس عقود على رحيله دلالة معينة ؟ ام هل يسَوِّغ هذا النقد لشىء !
ليفهم الكل ان المجتمع إما أن يرقى جميعاً أو يسقط جميعا ...
 









مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة