تحت عنوان «التركيز على الشعوب: السعى من أجل السلام والحياة اللائقة للجميع على كوكب مستدام»، تبدأ اليوم الثلاثاء المناقشات العلنية للدورة الـ 72ـ للجمعية العامة للأمم المتحدة بنيويورك التى يغلب عليها هذا ألغام عدد من الموضوعات الساخنة خاصة قضية كوريا الشمالية، فى ظل المساعى الأمريكية الحثيثة لبناء موقف دولى موحد فى مواجهة الممارسات التى تقوم بها بيونج يانج وتحدد بها المصالح الأمريكية فى شرق آسيا، كما تهدد جيرانها خاصة كوريا الجنوبية واليابان.
بجانب كوريا تبقى أزمة معاناة مسلمى الروهينجا لعمليات قتل ممنهجة على يد جيش بورما، وهو ما دفع مصر إلى دعوة مجلس الأمن لمناقشة هذه المجازر، واتخاذ قرار دولى بشأنها، ومن المتوقع أن يستحوذ هذا الملف على اهتمام الدول المشاركة فى الجمعية العامة هذا العام، هناك دول مثل تركيا يحاول رئيسها «ركوب الموجة» بإعلانه تبنى هذه القضية فى الأمم المتحدة، لكن هناك دولا بدأت بالفعل فى الحشد الدولى وعلى رأس هذه الدول مصر التى لا تتعامل بمنطق أردوغان الساعى إلى الشو الإعلامى، حتى وإن لم يحقق شى على أرض الواقع، لكن مصر تتحرك على الأرض وهدفها رفع المعاناة على مسلمى الروهينجا.
كوريا الشمالية ومسلمو الروهينجا موضوعان فرضا نفسهما بقوة على الجمعية العامة قبل أن تبدأ، لكن لا يعنى هذا أن الملفات الأخرى لن تحظى بالاهتمام أو النقاش المسؤول، وأذكر هنا تحديدا فضح السياسات القطرية الداعمة للإرهاب فى المنطقة، وهو الدور الذى سيقوم به الرباعى العربى «مصر والسعودية والإمارات والبحرين»، فدعم قطر للإرهاب أحد الملفات المهمة التى ستكون حاضرة بقوة ليس فقط فى كلمات دول الرباعى العربى، وإنما فى كل تحركاتهم ولقاءاتهم داخل أروقة الأمم المتحدة، ولن يقتصر الأمر على الرباعى فهناك دول أخرى عانت من الإرهاب القطرى، وتتحرك الأمن فى نيويورك لكشف الفضائح القطرية، ووفقا لما علمته فإن الرباعى العربى ينسقون فيما بينهم الآن من أجل إثارة الملف القطرى فى نيويورك، خاصة مصر التى تضع أمامها تداعيات الأزمة القطرية باستمرار ولن تتخلى عن ضرورة تحقيق الدوحة للمطالب المقدمة لها من الدول الأربع المقاطعة لها، وفى ظل وجود وزراء خارجية مصر والسعودية والإمارات والبحرين فى نيويورك، فمن المتوقع عقد اجتماع لوزراء خارجية الدول الأربع على هامش أعمال الجمعية العامة، من أجل استمرار التشاور والتنسيق فيما بينهم.
ومع بقاء القضية الفلسطينية دون حل فإنها ستكون حاضرة بقوة فى الامم المتحدة، وزاد من أهميتها الآن المساعى الإسرائيلية للحصول على عضوية مجلس الأمن، مسلحة بفوز مندوبها الدائم لدى الأمم المتحدة دانى دانون بمنصب نائب رئيس الدورة الـ72 للجمعية العامة للأمم المتحدة، حيث اختارت الجمعية العامة وزير الخارجية السلوفاكى ميروسلاف لاجاك رئيسا لها لمدة عام، وتولى مهامه رسمياً بداية سبتمبر الجارى ليرأس الدورة 72 للجمعية العامة التى بدأت رسمياً الثلاثاء الماضى وتستمر لعام كامل، كما جرى اختيار 21 نائباً بينهم دانى دانون، مندوب إسرائيل الدائم لدى المنظمة الدولية الذى حصل على المنصب بالتزكية، باعتباره مرشحاً عن مجموعة دول أوروبا الغربية، وهو ما اعترضت عليه المجموعة العربية والدول الإسلامية.
إسرائيل تحاول البناء على هذا المكسب الدبلوماسى وتسعى لشغل معقد غير دائم فى مجلس الأمن، حيث تعمل الدبلوماسية الإسرائيلية منذ أشهر وبمساعدة واشنطن على حشد تأييد دولى لهذا الغرض، وقالت وسائل إعلام إسرائيلية إن لدى إسرائيل تقديرات بشأن توجه ممثلى جامعة الدول العربية إلى عدد من الدول لإقناعها بعدم التصويت لصالح منح إسرائيل مقعدا غير دائم فى مجلس الأمن الدولى فى الاقتراع الذى سيجرى فى يوليو 2018، مشيرة إلى أن هناك خطوات وجهود إسرائيلية مضادة لمساعى الدول العربية الرامية لإحباط الجهود الإسرائيلية، وتحاول إسرائيل كسب تعاطف دول العالم بترويج فكرة أنها الدولة الوحيدة فى الشرق الأوسط التى لم تنل عضوية مجلس الأمن، فضلاً عن تعويلها على دعم الولايات المتحدة والكثير من دول أوروبا الغربية، آخذاً فى الاعتبار أن ألمانيا وبلجيكا ينافسان إسرائيل على المقعد الذى تأمل شغله فى مجلس الأمن، الأمر الذى دفع رئيس الوزراء الإسرائيلى، بنيامين نتنياهو، للقيام بزيارات إلى العديد من الدول الأفريقية وأمريكا اللاتينية، آملا بحشد أصوات هذه الدول، كما أجرى نتنياهو اتصالات مكثفة مع زعماء آسيويين وأوروبيين للغرض نفسه.
أحد النقاط المهمة فى هذه الدورة هى الظهور الأول للرئيس الأمريكى دونالد ترامب على منصة الامم المتحدة، الذى ينتظر الجميع كلمته الأولى، خاصة أن ترامب خلال حملته الانتخابية تحدث كثيراً عن ضرورة إصلاح الأمم المتحدة، وأهمية خطابه هذا العام أنه يأتى بعد يوم من أجتماع دعا لعقده أمس الاثنين بالأمم المتحدة مخصص لإصلاح المنظمة الدولية، وهو ما يظهر من مسودة الإعلان السياسى المتوقع صدوره عن هذا الاجتماع، الذى اقتصرت الدعوة له على الدول التى توقع على الإعلان الذى سيصدر، والمصاغ حتى الآن من عشر نقاط حددها الولايات المتحدة، وتدعم من خلالها جهود الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش «لبدء إصلاحات فعالة وجادة»، كما تحدثت المسودة بتأكيدها «أننا ندعم الأمين العام فى إجراء تغييرات ملموسة فى نظام الأمم المتحدة من أجل تحسين نشاطها بخصوص الاستجابة للعمليات الإنسانية والتنمية ومساندة مبادرات السلام، وسنلتزم بتقليص الازدواجية والتكرار والتداخل فى التفويض بما فى ذلك بين الأجهزة الرئيسية للأمم المتحدة».
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة