أواصل قراءة كتاب «الموساد فى العراق ودول الجوار» للكاتب «شلومو نكديمون»
اجتمعت العلاقة بين إسرائيل وإيران تحت حكم الشاه على اللعب بورقة أكراد العراق طبقا لمصالحهما، ويذكر المؤلف أنه بعد مرور شهر من زيارة «بدير خان» إلى إسرائيل تم اتخاذ قرار بتكليف الموساد برئاسة «مائير عاميت» بمعالجة القضية الكردية، وفى شهر مايو وصل «عاميت» إلى إيران وتعرف على نظيره رئيس جهاز السافاك «فقرفان».
يحدد المؤلف أهداف الطرفين من هذا التعاون، فحسب وصف مسؤول إيرانى «نتعامل مع التمرد الكردى فى العراق كفرصة لا تعوض، ورغم ذلك وبسبب الأقلية الكردية الإيرانية، وبسبب علاقتنا مع تركيا، لا نستطيع تأييدهم علنا، فنحن لم نكن نرغب فى أن يتطور التمرد كى يصبح دولة»، ويضيف «نكديمون»، أن مسؤولا إيرانيا رد على سؤال لشخصية إسرائيلية حول الوضع الكردى فى العراق: «نحن نرغب فى استمرار لهيب التمرد الكردى فى العراق، شريطة ألا يتحول هذا اللهيب إلى حريق كبير»، فى المقابل فإن إسرائيل وكما يقول المؤلف: «اعتبرت القضية الكردية فرصة لا تثمن بالذهب ليس فقط للاعتبارات الأخلاقية، وإنما لإضعاف مخالب الجيش العراقى، وعدم تمكنه من إرسال قوات إلى سورية والأردن ضد إسرائيل».
فى هذا السياق يكشف المؤلف عن قصة لقاء تم فى العاصمة الفرنسية يوم 30 يونيو عام 1963 بين موظف إسرائيلى رفيع المستوى ونظيره الإيرانى، وفيه قال المسؤول الإيرانى للإسرائيلى: «الأكراد يطلبون مساعدتنا ومصلحتنا تقتضى أن نقدم لهم الدعم، لكن لن نقدم على ذلك إلا بموافقتكم»، وقدم الموظف الإسرائيلى تفاصيل المحادثات التى أجراها «بدير خان» فى زيارته لإسرائيل، وأسفر هذا اللقاء اتفاقية بين إيران وإسرائيل لتقديم المساعدات للأكراد تحت اسم «عملية أثينا»، ويؤكد المؤلف أن هذا الاسم وهمى، أما الاسم الحقيقى مازال طى الكتمان»، وبمقتضى هذه الاتفاقية وحسب قول «نكديمون»: «تم تشكيل بنية وجهاز ديناميكى من المستشارين الإسرائيليين والإيرانيين مكون من ضباط ومستشارين فنيين، للعمل بصورة دائمة فى خدمة قيادة مصطفى البارزانى، وكان على هؤلاء المستشارين البقاء فى قيادته لفترات محدودة، ثلاثة أشهر، حيث يقوم مسؤولو الموساد فى طهران بزيارتهم بصورة دورية، هذا إضافة إلى الزيارات التى كان يقوم بها الموظفون الإسرائيليون الآخرون، بما فيها نائب وزير وضباط برتبة لواء من الجيش الإسرائيلى وكان جميع هؤلاء الضباط والمسؤولون، وكذلك الأسلحة والمعدات تمر عبر إيران».
وتطبيقا أيضا لعملية أثينا، تم فى يوليو 1963 تدريب أول كردى كفنى راديو، وأطلق عليه «المهندس» وفى يوم 18 من نفس الشهر وصلت أول إرسالية سلاح إسرائيلية لكردستان، وكانت مؤلفة من عشر رجمات بازوكا وذخيرتها.
يؤكد«نكديمون»، اتسم التعاون الإسرائيلى الإيرانى بالكثير من حالات المد والجزر، وعمد الإيرانيون مرات عديدة على معاقبة الأكراد، جراء اتخاذهم خطوات لم ترق لهم، مثل إجراء اتصالات مع جهات عراقية، دون إعلام إيران بذلك»، وكان هذا العقاب يتمثل فى عدم إرسال المساعدات الإسرائيلية، ويقول عاميت رئيس الموساد: «كنا ننقل جميع التجهيزات إلى إيران التى كان بدورها تقوم بنقله إلى المناطق الكردية، إذا أرادوا ذلك، وإذا لم يريدوا كان يحتجزونها لديهم»
وصل تعاون «السافاك» و«الموساد» فى هذا المجال درجة عالية، وينقل «نكديمون» عن كتاب «القضية الكردية فى العراق» تأليف الدكتور أدموند غريب، الأستاذ بجامعة «جورج تاون» فى واشنطن: «شكل الموساد والسافاك جهازا مخابراتيا كرديا ذكيا للغاية، لجمع المعلومات عن الحكومة العراقية، والأوضاع العراقية، وقوات العراق، ومن البديهى القول إن هذا الجهاز لم يكن يخفى المعلومات التى يحصل عليها عن الجهازين الإسرائيلى «والإيرانى».. وغدا نتابع..
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة