فى دقائق معدودة وبعبارات مقتضبة ، وبلغة جسد تشى بالكثير من الغضب المكتوم ، التقى الرئيس الأمريكى دونالد ترامب فى الساعات الأولى من صباح اليوم أمير قطر تميم بن حمد ، الراعى الأول للإرهاب فى الشرق الأوسط ، ليرفض الرئيس الأمريكى فى نهاية لقاءهما مصافحة ضيفه الثقيل على هامش أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة ، فى مشهد يعكس الكثير من نفاذ الصبر ، وموقف يبرهن أن الدوحة باتت قاب قوسين أو أدنى من الانضمام للقائمة الأمريكية للدول الراعية للإرهاب.
أمير #قطر تميم بن حمد اعتقد ان الرئيس ترمب يريد مصافحته اثناء اجتماعهما في نيويورك. من المقابلات القليلة التي لا يصافح فيها الرئيس. pic.twitter.com/I4R2a4D9Bk
— Zaid Benjamin (@zaidbenjamin) September 19, 2017
الرئيس الأمريكى دونالد ترامب
ترامب الذى رفض مصافحة تميم بن حمد أمام الكاميرات عكس فى عفوية لا تكترث كثيراً للبروتوكول ما يعانيه من قيود وانقسامات داخل إدارته التى أتمت قبل أيام شهرها الثامن داخل البيت الأبيض ، وكشفت ما يعانيه من انحياز بعض المنتمين للدولة العميقة والمؤسسات الموالية للحزب الديمقراطى وأولئك الذين تربطهم علاقات ما وراء الستار بإمارة قطر وأمراءها ومسئوليها.
فمن أذرع إعلامية موالية للمرشحة الخاسرة هيلارى كلينتون والرئيس الأمريكى السابق باراك أوباما، إلى وزير الخارجية ريكس تيلرسون الذى تربطه علاقات مشبوهة بمسئولين ورجال أعمال قطريين، وصولا إلى اشتعال الصراعات داخل فريق المستشارين ومجلس الأمن القومى الأمريكى توالت الأزمات التى واجهتها مساعى الرئيس الأمريكى دونالد ترامب لإدراج قطر على قوائم الدول الراعية للإرهاب، خاصة منذ تصدى الدول العربية لدور نظام تميم بن حمد فى دعم وتمويل الكيانات الإرهابية، وإعلان الرئيس الأمريكى انحيازه لهذا التحرك.
ورغم تلك القيود ، إلا أن مشهد "ترامب ـ تميم" فى الأمم المتحدة عكس أن إدراج قطر على قوائم الدول الراعية للإرهاب بات وشيكاً ما لم يرضخ تنظيم الحمدين الإرهابى للمطالب العربية الـ13 والتى يأتى فى مقدمتها وقف دعم وتمويل الإرهاب، وتسليم المطلوبين أمنيا والمدانين بجرائم إرهاب، وإنهاء التواجد الإيرانى داخل الإمارة ، وقبل ذلك كله وقف بث قناة الجزيرة المشبوهة التى توفر منبراً إعلامياً وغطاءً سياسيا للكيانات والتنظيمات المتطرفة.
تيلرسون
كواليس الصراعات الخفية بشأن ملف قطر داخل البيت الأبيض كشفها ستيفان جوركا، المستشار السابق للرئيس ترامب، الذى استقال من منصبه فى البيت الأبيض قبل أقل من شهر، بعدما أكد وجود ما أسماه بـ"عملية إقصاء" تجرى داخل البيت الأبيض لأصحاب التوجه المحافظ الصارم فى مكافحة الإرهاب، محذرا من عرقلة جهود ترامب لمواجهة التنظيمات المتطرفة وفى مقدمتها جماعة الإخوان، والدول الراعية لها ومن بينها قطر.
تميم بن حمد
وأوضح جوركا، فى مقابلة مع موقع واشنطن فرى بيكون، الأمريكى، أن أجندة الرئيس ترامب تم عرقلتها من قبل تيار من البيروقراطيين الحكوميين وبعض المعينين السياسيين المعارضين للسياسات الصارمة فى مكافحة الإرهاب واتباع نهج جديد فى مواجهة الحرب الاقتصادية الصينية.
وأشار إلى أن المعركة بشأن التصدى لقطر وجماعة الإخوان كانت حامية لكنها تراجعت وسط الضغوط السياسية لأنصار الجماعة وقطر داخل الوكالات الحكومية والكونجرس والإعلام الأمريكى، واصفا الجماعة الإرهابية بأنها "الجد الأكبر" لجميع الجماعات الإرهابية.
وقال جوركا فى المقابلة: "لماذا استقلت؟ ببساطة، جئت إلى البيت الأبيض لأننى كنت أؤمن بجدول أعمال الرئيس بإعادة المجد لأمريكا، وكان جزء من ذلك اتخاذ موقف وطنى واضح جدا بشأن التهديد الذى تمثله الجماعات الإرهابية والدول الراعية لها لهذه الأمة"، مشيرا إلى أن المؤمنين الحقيقيين بهذا تمت الإطاحة بهم تدريجيا من مجلس الأمن القومى والبيت الأبيض.
ورفض جوركا ذكر أسماء أشخاص داخل البيت الأبيض والإدارة الأمريكية ممن يعارضون جدول أعمال الرئيس. فى الوقت الذى تشير فيه العديد من التقارير الإعلامية الأمريكية إلى وزير الخارجية ريكس تيلرسون الذى تربطه علاقات قديمة برجال أعمال ومسئولين قطريين خلال فترة توليه رئاسة شركة إكسون موبيل النفطية، والتى شغل من خلالها مقعدا فى مجلس الأعمال الأمريكى ـ القطرى.
وعلى مدار أكثر من 200 يوم هى عمر ملف قطر داخل البيت الأبيض، انتقلت العلاقات بين واشنطن والدوحة من الجفاء إلى المواجهة الصريحة حينما أعلن ترامب انحيازه للمطالب العربية المشروعة التى قررت من خلالها كل من مصر والمملكة العربية السعودية والإمارات والبحرين التصدى لممارسات تنظيم الحمدين الإرهابى الذى يؤوى جماعات إرهابية متطرفة من بينها الإخوان والقاعدة وداعش وطالبان.
ومنذ ذلك الحين، وعلى الرغم من الدور المشبوه الذى يلعبه وزير الخارجية الأمريكى ريكس تيلرسون، عضو مجلس الأعمال الأمريكى ـ القطرى السابق، والتحريض الممنهج الذى تمارسه وسائل الإعلام الموالية لهيلارى كلينتون والحزب الديمقراطى، إلا أن العديد من مراكز الأبحاث والصحف الأمريكية الكبرى بدعوات جادة لمراجعة العلاقات بين البلدين لما تمثله قطر من تهديد على الأمن القومى الإقليمى والدولى.
وقبل ما يقرب من شهرين، عقد الكونجرس جلسة تاريخية لمناقشة دور قطر فى دعم الإرهاب والكيانات المتطرفة، حيث طرحت إيلانا روز ليتنين، رئيسة لجنة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا المنبثقة عن لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ الأمريكى، أثناء جلسة اللجنة، تساؤلات جديدة بشأن مدى ملائمة قطر لاستضافة القاعدة الجوية الأمريكية "العديد" فى ظل فشلها فى التحرك ضد ممولى الإرهاب، موضحة أن دور نقل تمويل للإرهابيين أو فشلها فى منع الآخرين من إرسال أموال للجماعات المحظورة، يجب أن يثير تساؤلات بشأن استمرار الوجود العسكرى الأمريكى فيها.
ورغم فشل ترامب فى ترجمة الأقوال إلى أفعال على مدار ما يزيد على 200 يوم فى ملفات قطر والإخوان والحرب على الإرهاب، داخل أروقة البيت الأبيض ، إلا أن العديد من المؤشرات تعزز موقف الرئيس الأمريكى فى ظل تأكيد العديد من المصادر المطلعة فى الإدارة الأمريكية لوسائل وشبكات إعلامية كبرى من بينها "سى إن إن"، أن ريكس تيلرسون الذى يقود الجناح الداعم للنظام القطرى داخل الإدارة يعتزم التقدم باستقالته مطلع العام المقبل لكثر الخلافات القائمة بينه والرئيس ترامب.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة