تكبد تنظيم "داعش"، خسائر ميدانية عديدة خلال الأشهر الأخيرة فى مناطق سيطرته، فى كل من سوريا والعراق، كان أبرزها طرده من مدينة الموصل، فى شمال العراق، التى أعلن منها إقامة خلافته المزعومة، من خلال الخطبة الشهيرة لزعيم التنظيم الإرهابى من منبر مسجد النورى، كما أن التنظيم يوشك على خسارة مدينة الرقة، فى شمال سوريا، فى الوقت الذى أعلنت فيه، القوات العراقية، بدء عملية لطرده من مدينة الحويجة، وهى آخر معقل له فى شمال العراق.
وفقدان تنظيم "داعش"، لمعاقله ومناطق نفوذه فى البلدين المتخامتين حدوديًا، يعكس مدى تراجع قوة التنظيم الإرهابى، وأفول نجمه، وأنه فى طريق الانهيار أمام الضغط المكثف فى المواجهات المسلحة مع الجيشين العراقى والسورى، والقوى المسلحة المعاونة لهما.
وفى ظل التطورات الكبيرة فى ميادين المعركة، تتجلى الخسائر المادية والمعنوية للتنظيم فى مواجهاته الميدانية الأخيرة، ومدى انعكاس ذلك على انخفاض معنويات مقاتليه، الذين بدءوا فى الهرب من القتال فى صفوف "داعش"، فيما يلاحقهم التنظيم، ويقتل من يتمكن من الإمساك به، عقابًا على هروبه.
القوات العراقية تلاحق "داعش" فى أخر معقلين له بالبلاد
وفى هذا السياق، نرصد أبرز المحطات الرئيسية لخسائر "داعش"، والمعارك التى حسمتها أو مازالت تخوضها القوات العراقية والسورية كلًا على أراضه فى مواجهة التنظيم الإرهابى، ففى العراق، أطلقت القوات العراقية، بدعم من التحالف الدولى، الخميس، عملياتها العسكرية لاستعادة مدينة الحويجة، أحد آخر معقلين لتنظيم "داعش"، فى العراق، بعد أقل من شهر من إعلانها بسط كامل سيطرتها على محافظة نينوى فى شمال البلاد.
وتمثل استعادة سيطرة القوات العراقية، على الحويجة، القضاء على تواجد الإرهابيين فى البلاد، باستثناء قضاء القائم، وناحيتى "عنه"، و"راوة"، الواقعة فى الجانب الغربى من محافظة الأنبار، التى تشترك فى الحدود مع سوريا والأردن والسعودية.
وتتولى قيادة العمليات المشتركة العراقية - التى تضم الجيش، وقوات الحشد الشعبى، وقوات الشرطة، وقوات مكافحة الارهاب، ومقاتلين من عشائر محلية - تنظيم وقيادة هذه العمليات.
كما بدأت القوات العراقية، مدعومة بفصائل من الحشد العشائرى، الثلاثاء، عملية استعادة السيطرة على قضاء "عنه"، الذى يشكل أحدى المناطق الرئيسية التى يتمركز فيها الإرهابيون، فى آخر معقل لهم فى غرب العراق، بينما تمكنت القوات العراقية، من استعادة غالبية مدن محافظة الأنبار، التى استولى عليها التنظيم فى العام 2014، فى إطار سلسلة عمليات عسكرية بدعم من التحالف الدولى.
"داعش" يفقد 90% من مدينة الرقة
أما فى سوريا، فشكلت مدينة الرقة، بالشمال، خلال نحو ثلاث سنوات، المعقل الأبرز لتنظيم "داعش"، فى الدولة السورية، لكن التنظيم خسر 90% من مساحتها لصالح قوات سوريا الديمقراطية، المؤلفة من فصائل كردية وعربية مدعومة من واشنطن.
وبعد أشهر من بدء هجوم واسع فى محافظة الرقة، دخلت هذه القوات، فى السادس من يونيو، مدينة الرقة التى شهدت على اعتداءات وحشية نفذها التنظيم منذ سيطرته عليها فى العام 2014، وتخوض منذ ذاك الحين معارك عنيفة ضد الإرهابيين، بدعم مباشر من التحالف الذى يوفر الاسناد الجوى لعملياتها ويمدها بالسلاح والمستشارين.
وحققت هذه القوات، تقدماً سريعاً، لكن العملية تباطأت مع تقدمها نحو المدينة القديمة ووسط المدينة، المنطقة الأكثر اكتظاظاً بالسكان.
وبعد أكثر من ثلاثة أشهر على المعارك، باتت قوات سوريا الديمقراطية، تسيطر على 90% من المدينة بعدما توسعت فى مركزها، بحسب المرصد السورى لحقوق الانسان، وقتل المئات من المدنيين - وفق المرصد - جراء غارات التحالف، وأجبرت المعارك فى الرقة وريفها خلال أشهر، عشرات آلاف المدنيين على الفرار، ولم يبق فى المدينة حتى الآن وفق التقديرات سوى ما بين 10 آلاف و25 ألف مدنى، وكان عدد سكان المدينة سابقا 300 ألف.
الجيش السورى وقوات سوريا الديمقراطية يحاصران داعش فى "دير الزور"
فيما تعد محافظة دير الزور، الغنية بالنفط، والحدودية مع العراق، آخر أبرز معاقل التنظيم فى سوريا، وكان التنظيم، سيطر فى العام 2014، على أجزاء واسعة من المحافظة، وأكثر من نصف مدينة دير الزور ومطارها العسكرى، وتمكن منذ مطلع العام 2015، من فرض حصار محكم على عشرات آلاف المدنيين والجنود السوريين.
وتشكل المحافظة، فى الوقت الراهن، مسرحا لعمليتين عسكريتين، الأولى، يقودها الجيش السورى، بدعم روسى، فى مدينة دير الزور، وريفها الغربى، والثانية، تشنها قوات سوريا الديمقراطية، بدعم من التحالف الدولى، ضد الإرهابيين فى الريف الشرقى.
وتمكنّ الجيش السورى، بعد تقدم سريع فى الريف الغربى، فى التاسع من سبتمبر، من كسر حصار الإرهابيين للأحياء الغربية فى مدينة دير الزور، وفكّ بعد أيام الطوق عن المطار العسكرى المجاور.
وواصل الجيش السورى، بدعم من حلفائه، وبغطاء جوى روسى، تقدمه، وطوق المدينة من ثلاث جهات، قبل أن يعبر إلى الضفة الشرقية للفرات تمهيدا لحصار الإرهابيين داخلها بالكامل، وبات يسيطر حاليا على نحو 70% من مساحة المدينة.
وبالتزامن مع كسر الجيش السورى، الحصار على دير الزور، بدأت قوات سوريا الديمقراطية، هجوما منفصلا فى اتجاه المدينة، أعلنت أن الهدف منه تحرير الضفة الشرقية للفرات الذى يقسم محافظة دير الزور إلى قسمين.
وحققت تلك القوات تقدما سريعا، وسيطرت على أكثر من 500 كيلو متر مربع فى شمال شرق المدينة - وفق التحالف الدولى - ووصلت إلى بعد نحو 6 كيلو مترات من الضفة الشرقية مقابل مدينة دير الزور، وأكدت، منذ بدء الهجوم، عدم وجود أى تنسيق مع روسيا والجيش السورى.
الجيش السورى يضيق الخناق على مقاتلى التنظيم الإرهابى
وفى الوقت الذى يتكبد فيه تنظيم "داعش"، خسائر متتالية فى أكبر معاقله داخل سوريا، لا يزال التنظيم يسيطر على مناطق محدودة فى سوريا، بينها عشرات القرى فى ريف حماة الشرقى وريف حمص الشرقى فى وسط البلاد، بينما يعمل الجيش السورى، بدعم جوى روسى، على تضييق الخناق أكثر وأكثر على مقاتلى التنظيم.
ويسعى الجيش السورى، إلى طرد الإرهابيين من كامل البادية السورية التى بات يسيطر على الجزء الأكبر منها، حيث يتواجد التنظيم المتطرف أيضاً فى أجزاء من مخيم اليرموك، فى جنوب العاصمة، وفى مناطق محدودة فى جنوب البلاد.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة