يومًا وراء يوم، تزداد الأمور تعقيدًا فى منطقة الشرق الأوسط، تتفاقم الأزمات وتشتد الحروب، تشتعل الفتن وتكثر الطائفية، وتبدأ الأقاليم فى الانفصال عن الدول العربية، ويتحقق حلم الأعداء فى تقسيم بلاد العرب.
خريطة إقليم كردستان
إقليم كردستان العراق يعود إنشاؤه، إلى معاهدة الحكم الذاتى فى مارس 1970، عندما وقع الاتفاق بين المعارضة الكردية والحكومة العراقية بعد سنوات من القتال العنيف، وبمغادرة القوات العراقية المناطق فى شمال البلاد عام 1991 بعد حرب الخليج الثانية أصبحت المنطقة تتمتع بحكم ذاتى.
تسعى حكومة كردستان، إلى الانفصال بالإقليم التابع لدولة العراق، من خلال إجراء استفتاء انتخابى فى 25 سبتمبر الجارى، وتعتبر الحكومة العراقية أن هذا الإجراء غير قانونى ومخالف للدستور العراقى، لذلك نشبت معارك سياسية بين الجانبين، ويسعى المجتمع العربى والدولى لحل هذه المعارك السياسية، لم يقف الأمر على المعارك السياسية فحسب وصل الحال فى بلاد الرافدين إلى حد التهديدات العسكرية فى حالة الانفصال بالإقليم وضم مدينة كركوك لكردستان التى من المتوقع أن تندلع حرب ضارية بين سكانها فى المستقبل القريب.
مدينة كركوك العراقية، أو "قدس كردستان" بحسب وصف الرئيس العراقى الأسبق جلال الطالبانى عام 2011، أو المدينة القديمة "ارابخا" والتى يقدر عمرها بأكثر من 5000 سنة، وفق العراقيين، هى أهم المدن التى تمتلك الحقوق النفطية فى بلاد العراق، فهى تنتج نحو مليون برميل نفط يوميًا، ويقدر مخزونها الاحتياطى بـ 10 مليار برميل، يبلغ عدد سكانها الذى يضم خليط من والعرب والسنة والشيعة والتركمان والكرد، حوالى 900 ألف نسمة حسب تقدير عدد السكان لعام 2014، وتحتوى على معالم أثرية مميزة من حصون وقلاع وأضرحة ومساجد قديمة، كل هذا يجعلها مسرحًا للصراع والقتال بين الطامعين فى السيطرة عليها سواء كان من مليشيات الحشد الشعبى أو قوات البيشمركة، فيحث يقبع المال والنفط تندلع الحروب.
قوات الحشد الشعبي
فى أوائل عام 2014 سيطر تنظيم "داعش" الإرهابى على أحياء مدينة كركوك وأهم الحقول النفطية بها وأحتجز كافة الأشخاص العاملين بتلك الحقول، بعد أن انسحبت القوات العراقية أمام مقاتليه الذين يفجرون أنفسهم وسط الآليات الحربية، قبل أن تعود خلال السنتين الماضيتين وتستعيد معظم الأراضى التى خسرتها.
تهديدات الحشد الشعبى لقوات البيشمركة، بالسيطرة على المدينة دفع القوات الأخيرة بنشر بالآليات العسكرية وإرسال جنود إلى المدينة الغنية بالنفط، فحين قالت قيادات الحشد: "الاستفتاء هنا لن يحصل، لن ندعه يحصل، ما الذى يملكه الأكراد هنا؟.. نحن مستعدون للمواجهة حتى الموت".. على الفور اقتحمت قوة عسكرية تابعة لحزب الاتحاد الوطنى الكردستانى، مقر شركة نفط الشمال العراقية فى كركوك، واعتبرته "رسالة إنذار إلى الحكومة العراقية" من أجل التوقف عن إرسال نفط كركوك إلى المحافظات العراقية الأخرى.
قوات البشمركة
تؤكد مصادر عسكرية كردية لـ"اليوم السابع" أن كركوك تابعة للإقليم، ومؤمنة عسكريًا من قبل قواتهم، واصفه المدينة بـ"قلب كردستان"، وقال تلك المصادر ردًا على سؤال حول تهديدات الحشد الشعبى بقتل كل كردى يدخل المدينة: سوف نقاوم حتى الموت أى تدخل ممن وصفتها بـ "جماعات إيران" وسوف نجر طهران إلى حرب طاحنة ونحرقها داخليًا".
رئيس إقليم كردستان مسعود بارزانى
وحسم رئيس إقليم كردستان مسعود بارزانى مصير كركوك المتنازع عليها، بالقول "إنها كردستانية ولابد أن يكون لها وضع خاص فيما اسماها دولة كردستان المستقلة لتكون لجميع المكونات المتواجدة فيها"، فى إشارة الى سكانها التركمان والأكراد والعرب والمسيحيين.
وأكد "أن شعب كردستان سوف يقرر مستقبل كركوك ولا يمكن لأحد أن يفرض أى وضع عليها وأن الإقليم لا يهتم بما وصفها "التهديدات الصبيانية" لإشعال الحرب محذرا من أن من يحاول تنفيذ تهديده فالإقليم سيمارس حق الدفاع عن النفس".
رئيس حكومة العراق، حيدر العبادى
ورفض رئيس حكومة العراق، حيدر العبادى، الاستفتاء ووصفه بـ"اللعب بالنار" وقال: وجهنا أوامر واضحة للمسؤولين فى محافظة كركوك بالحفاظ على أمن المواطنين فى المحافظة، ولن نسمح بأن يكونوا أداة بيد هذا أو ذاك والتهديدات الأمنية فى كركوك غير مسموحة".
من المتوقع أن تصبح محافظة كركوك ساحة للحرب والقتال بين الأكراد من ناحية ومليشيات الحشد الشعبى من ناحية آخر، فهل ستؤول للعراق ويطلق عليها العراقيين كما كان قديًما " أرابخا"، أو سيملكها الأكراد ويطلقون عليها "قدس كردستان" مثلما أطلق عليها جلال الطالباني؟! الأمر متوقف بعد أن يجرى الأكراد استفتائهم يوم 25 القادم.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة