كنت أريد أن أكتب عن الشيخ إيهاب يونس فى ظرف أفضل من هذا الظرف، لكن للأسف يضطرنا القبح أحيانا إلى فعل ما لم نفعله بسبب الجمال، فمنذ أن سمعت الشيخ «إيهاب يونس» مع الموسيقى العبقرى «باسم درويش» وفرقته «كايروستبس» وأنا ممتن له ولرفقته فى الفرقة من أجل هذه اللحظات السعيدة الحانية التى عشتها بسببهم، فهذا الرجل «إيهاب يونس» هو أحد أدلة الكون الحية على عدم جفاف أرض مصر من الجمال، على وعى جمالى راسخ فى هذه الجينات، على حالة كونية فريدة من امتزاج الدين بالنغم بالروح الجامحة بالمتعة الراقية بالموهبة الضخمة بمصر، لكن على ما يبدو فإن هذا لم يعد من الأشياء التى تروق للأزهر الشريف أو لوزارة الأوقاف.
أوقفت وزارة الأوقاف الشيخ إيهاب يونس عن الخطابة وإقامة الشعائر فى المساجد، والجريمة؟ غنائه لأغنية السيدة أم كلثوم «لسه فاكر» مع الإعلامية المتألقة شريهان أبو الحسن فى برنامجها الراقى «ست الحسن» لم يغن فى خمارة القط الأوسط، ولم يترنم بكلمات خليعة مثل التى نسمعها يوميا، بل على العكس تماما، منحنا «يونس» جرعة أمل بأن للإسلام وجوها أخرى غير تلك الوجوه الإرهابية التى اعتاد العالم رؤيتها، منحنا بهجة وبصيرة، منحنا معرفة حقيقية بأسرار النغم وأسرار الحب وأسرار الرقة الإنسانية، منحنا تسامحا نريده وعفوية نفتقدها.
إيهاب يونس من هذا النسل الشريف، نسل الشيخ على محمود الذى علم الجميع سحر الغناء، نسل الشيخ درويش الحريرى الذى تتلمذ على يديه غالبية ملحنى عصر ازدهار الموسيقى العربية ومن ضمنهم ملحن أغنية لسه فاكر التى أدين بسببها «يونس» نسل الشيخ أبو العلا محمد الذى علم أم كلثوم صاحبة «لسه فاكر» كيف تجعل حب البشر من حب الله، نسل الشيخ زكريا أحمد الذى كان عضوا ببطانة الشيخ محمود على، نسل الشيخ على القصبجى والد الشيخ محمد على القصبجى، ونسل الشيخ محمد السنباطى والد الشيخ «رياض السنباطى» بلبل المنصورة كما كان أهل بلده يطلقون عليه بسبب اشتراكه مع والده فى إقامة ليالى المدح والإنشاد، نسل الشيخ مصطفى إسماعيل والشيخ عبدالباسط عبدالصمد والشيخ محمد عمران، ذرية شريفة راقية لا تتسع القوائم لتضمها، ذرية التحقت بالأزهر ولبست العمة والكاكولة ولم يتخيل أحد أنها تسىء إلى هذه المؤسسة التى كانت أكبر وأقوى وأكثر وعيا وإدراكا.