كشف المستشار عبدالمعز إبراهيم، عضو لجنة الانتخابات الرئاسية السابق، العديد من الكواليس، من أجل توثيقها للتاريخ – كما قال- سواء عن الانتخابات البرلمانية والرئاسية التى شارك فى إدارتها، أو القضايا التى كانت محل إثارة للجدل كقضية التمويل الأجنبى، التى اتهم فيها بالتواطؤ مع الأمريكان.
كما تحدث عضو لجنة الانتخابات الرئاسية السابق عن تاريخ صدام جماعة الإخوان مع القضاء، كاشفًا عن كواليس تشكيل تيار الاستقلال فى عهد مبارك، مؤكدا أن التيار ورموزه ما هم إلا جماعة تابعة لجماعة الإخوان الإرهابية. ولم يقف الحوار عند التاريخ، بل امتد لرؤيته للمنظومة القضائية فى مصر، وكيف يمكن تطويرها تحقيقًا للعدالة الناجزة، التى يأملها الجميع ..
وإلى نص الحوار..
هل تتابع أعمال البرلمان فيما يتعلق بقانون الإجراءات الجنائية؟
لم أطلع على نص القانون الجديد المقترح، ولكنى أرى أنه يجب أن يتضمن القانون المزيد من الإجراءات لتحقيق العدالة الناجزة، واختصار درجات التقاضى، فمثلا يجب إلغاء المعارضات فى الجنح، لأن الجنح تنظر ثم يتم معارضتها، ثم استئنافها ثم معارضة استئنافية، وهذا كلام فارغ وتضييع للوقت والجهد، لذا يجب أن يكون التقاضى على درجتينن فقط «جنح وجنح مستأنف»، ويكون الحال كذلك بالنسبة للجنايات، وتفصل محكمة النقض فى القضايا دون إعادتها مرة أخرى للمحاكم.
ولماذا عارضت القانون الخاص بطريقة اختيار رؤساء الهيئات القضائية؟
لم أعارض القانون الجديد. بل العكس، كنت من أوائل من نادوا بوضع ضوابط وضمانات تتعلق باختيار رئيس مجلس القضاء الأعلى، وأن يكون من بين أقدم ثلاثة نواب لرئيس المحكمة، وهو اقتراح لا يختلف كثيرًا عما تم إقراره، ولكنى فقط اعترضت على توقيت إقراره.
الهيئات القضائية ذاتها رأت أنه يمس استقلال القضاء ويعتبر تدخلًا فى أعماله؟
القانون الجديد لم يمنح رئيس الجمهورية سلطة مطلقة فى اختيار رؤساء الهيئات القضائية، يختار فقط واحدا من بين ثلاثة مرشحين من الهيئات، ولا يعد ذلك تدخلًا فى أعمال القضاء ولا يمس استقلاله، كما أن منصب رؤساء الهيئات القضائية، لها طابع سياسى إلى حد ما، ورئيس الجمهورية هو رئيس منتخب من قبل الشعب كله، ورئيس للدولة، وكان يجب أن يكون له رأى فى اختيار رؤساء الهيئات القضائية، فربما كان يأتى رئيس للهيئة القضائية ويحمل ميولا سياسية لا تتفق مع اتجاهات الدولة، أو يعانى من مرض مزمن لا يمكنه من القيام بمهام المنصب، والقانون الجديد عالج هذه الأمور، وأنا على يقين أن رئيس الجمهورية لن يتوسع فى استخدامه.
البعض توقع أن يتم إثناء المستشار يحيى دكروى عن رئاسة مجلس الدولة؟
لن أقول لك سوى إنه يجب أن يكون القاضى بعيدًا عن «العنتريات» «مش ححكم الحكم عشان الناس تقول عليا أنا حكمت بكذا».
ما أسباب تورط عدد من القضاة مؤخرًا فى قضايا فساد ورشوة وتجارة مخدرات؟
هذه كارثة كبرى حلت على القضاء حديثًا، وترجع لعدة أسباب، أولها سوء الاختيار، فى السابق كان يتم التدقيق فيمن يعين بسلك القضاء، ويتم متابعته مراقبته طوال مدة خدمته، فهو موضوع تحت المراقبة، فنيًا ومسلكيًا، كما أن تدنى الأحوال المادية للقضاة، وتدنى مستوى الرعاية الاجتماعية والصحية المقدمة لهم، ومعظم القضاة ليس لديهم مصادر دخل أخرى، وإنهم كباقى البشر لهم تطلعات وطموحات، من الممكن أن تجعل البعض يسلك مسلكًا آخر، لذا يجب تشديد المراقبة عليهم، وأتذكر فى عام 1962، أحد أعضاء النيابة العامة تزوج من خادمته، فتم فصله من القضاء، لأنه لا يجوز للقاضى أن يتزوج من خادمة.
ألا ترى أن هذا شبيه بتصريح لوزير العدل الأسبق الخاص بـ«ابن عامل النظافة»؟!
لا يجوز للقاضى أن يتزوج من خادمته «مين حيكون حماه؟ ومين حيكون أخوال أولاده؟ هى أمور يرفضها القضاء».
وهل توجد معايير وضوابط واضحة للتعيين فى الجهات القضائية؟
يجب أن يتدخل المشرع لوضع ضوابط وقواعد موضوعية تكفل الحقوق لأصحابها، كتعيين عدد معين من كل جامعة على حدة حسب التقديرات والدرجات، إلا إذا تبين للمجلس عدم صلاحية المتقدم لأسباب أخرى كشرط حسن السمعة.
وما رأيك فى ندب القضاة فى الجهات والهيئات الحكومية؟
أقولها لك صراحة، الندب يفسد القاضى إفسادًا صريحًا ومباشرًا، ويجب إلغاؤه تنفيذا للدستور.
هل ترى أنه أصبح من الضرورة إعادة النظر فى قانون السلطة القضائية بأكمله؟
فى البداية القاضى لا يستطيع تحقيق العدل إلا إذا كان ثوب العدالة، والمتمثل فى قانون السلطة القضائية، نظيفًا خاليًا من البقع، فالقانون الحالى يحتاج لتعديلات جوهرية، فهو يمنح السلطة التنفيذية المتمثلة فى وزارة العدل الكثير من الصلاحيات، التى تبين مدى سيطرتها على السلطة القضائية، كسلطات الندب وانعقاد المحاكم وتأليف دوائر استئنافية وإنشاء محاكم جزئية، وغيرها من الصلاحيات، التى تتدخل فى العمل القضائى بشكل مباشر، ويجب أن يضم مجلس القضاء الأعلى، رئيس نادى قضاة مصر ونائبه، أو الوكيل الأول، لأن نادى القضاة هو المؤسسة الوحيدة، التى تجمع جمعيتها العمومية نحو تسعة أعشار ممن تتكون السلطة القضائية فى مصر، كما أنهم منتخبون من أعضاء الجمعية العمومية ويعبران على القضاة، ولم يأتوا بالأقدمية كما هو الحال فى مجلس القضاء الأعلى بطريقة تشكيله الحالية.
كما لا يوجد عدالة التمثيل فى مجلس القضاء، فمحكمة النقض عدد قضاتها 500 قاض تقريبًا، يمثلهم 3 قضاة، وعدد قضاة محاكم الاستئناف أكثر من 4 آلاف قاض يمثلهم 3 قضاة، وإذا قلنا إن الاستئناف امتداد طبيعى للمحاكم الابتدائية وعدد قضاتها أكثر من 5 آلاف، كما أن النيابة العامة كلها يمثلها عضو واحد.
هل تؤيد حالة الثورة التشريعية التى يقول مجلس النواب: إنه يقوم بها حاليًا؟
المشكلة فى مصر ليست مشكلة تشريع، لدينا آلاف من التشريعات، وأطالب الرئيس السيسى، بتشكيل لجان من المستشارين المحالين للتقاعد، كل فى مجال تخصصه، لمراجعة القوانين، التى عملوا بها، وتتعلق بعملهم، كل حسب تخصصه، ووضع مشروعات القوانين لدى وزارة العدل.
ولكن هل لدينا مجلس النواب يستطيع أن يقوم بهذه المهمة؟
مجلس النواب ليس لديه الخبرة الكافية لكل القوانين، واللجنة التشريعية عدد أعضائها محدود، والاستعانة بالمستشارين والقضاة السابقين، لا يعد تدخلا فى عمل مجلس النواب، أو افتئاتا عليه، ولكن رأيها سيكون استشاريا لاقتراح القوانين المتعلقة بمنظومة العدالة والقضاء، سواء فى المدنى والتجارى والجنائى والإدارى، ثم تعرض على وزارة العدل وبدروها تسلمها لمجلس النواب، صاحب السلطة التشريعية.
وما رأيك فى مطالب البعض بتعديل دستور 2014، ومد فترة الرئاسة؟
دستور 2014 وضع على عجل، وبه العدد من الهفوات.. ولكن مصلحة البلد تقتضى عدم تعديله الآن، لأن أمورنا لم تستقر بعد، وكما ذكر الرئيس نحن مازلنا فى حالة حرب، و«لو مدينا إيدينا لتعديل الدستور حيبقى الدستور لعبة»، ويفقد قدسيته المطلوبة، لأن الدستور أبو القوانين، ويوضع للعمل به لعشرات السنين، «تعديل الدستور كل شوية لعب عيال»، ويثير القلق والجدل والخلافات حول مدة الرئيس وغيرها، ونحن فى غنى عن هذا الكلام، حتى تنتهى الأمور وتستقر الظروف الاقتصادية، مازلنا فى حالة حرب، والسيسى يحارب بمفرده.
ماذا تقصد بأن الرئيس يحارب بمفرده؟
مصر محاصرة من كل الاتجاهات، ولدينا أعداء فى الداخل والخارج، والسيسى يحارب بمفرده، والحكومة ليست على نفس سرعته فى الأداء والإنجاز، والشعب أيضًا، يجب أن نتحول لـ«90 مليون» منتج، الرئيس يلف بلاد العالم شرقًا وغربًا وشمالًا وجنوبًا، أقترح عليه تعيين نواب له، مثلا يكون لديه نائب رئيس جمهورية للدلتا، ونائب للصعيد، ومهتهم الإشراف على تنفيذ كل ما يتعلق بالدلتا والصعيد، ومسؤولين بشكل مباشر أمام الرئيس.
وهل نحتاج لمزيد من القوانين لمواجهة الإرهاب؟
لدينا قوانين تم إقرارها بالفعل لمواجهة الإرهاب، وهى كافية، ولكن يجب إنجاز المحاكمات بشكل أسرع، وتنفيذ الأحكام القضائية.
من واقع خبرتك فى الإشراف على الانتخابات.. ما رأيك فى فكرة تشكيل الهيئة الوطنية للانتخابات؟
كان الأفضل أن يستند رئاسة الهيئة لمحكمة الاستئناف، وليس محكمة النقض، لأن الطعون على نتائج الانتخابات تنظرها محكمة النقض، كما أن رئيس المحكمة الدستورية العليا كان يترأس لجنة الانتخابات الرئاسية، لما لها من أهمية وحساسية شديدة، وكان ذلك الأفضل.
وهل تؤيد إلغاء الإشراف القضائى الكامل على الانتخابات؟
أؤيدها بشدة، القاضى مهمته تحقيق العدالة من فوق المنصة، «مالى أنا ومال الانتخابات!» مهمتى نظر الطعون ومراقبة العملية الانتخابية لتتفق مع صحيح القانون والدستور، لكن ليست مهمة القاضى الإشراف على كل صناديق الاقتراع، اعفوا القضاة من الانتخابات من الآن.
ولكن الكثير يرى أن الإشراف القضائى الكامل هو الضمانة الحقيقية لنزاهة العمليات الانتخابية؟
«يعنى هو الشعب مفيهوش ناس أشراف ويتمتعون بالنزاهة غير القضاة»، من الممكن الاستعانة بالشباب، للإشراف على الانتخابات، بعد تأهيلهم وتدريبهم، والاستعانة بموظفى الدولة، وإسناد مهمة الإشراف على اللجان العامة للقضاة.
مؤخرًا تم الكشف عن محاولات تشكيل بعض الجبهات لدعم مرشح فى مواجهة السيسى؟
من حق أى مواطن الترشح للانتخابات الرئاسية، ولكنى أود أن أقول إنه يجب وضع مصلحة مصر أولًا وأخيرًا قبل كل شىء، ومصلحتها فى الاستقرار، والاستقرار يأتى باختيار الرئيس السيسى لفترة رئاسية جديدة، لاستكمال المشروعات والخطط التى بدأها.
وسمعت عن هذه الجبهة، ولو عمرو موسى حط إيده فى إيد هشام جنينه، فى نفس الجبهة «يبقى اتجنن»، أنا لا أدافع عن السيسى لأن أعماله تدافع عنه، والشعب شايف، صحيح نحن نعانى من أزمات اقتصادية طاحنة، وتاهت الطبقة الوسطى مع الطبقة الدنيا، وكلنا نعاني، ولكننا فى حالة حرب، وحالنا أفضل بكثير، نحن أفضل حالا ممن هم فى سوريا، وممن هم فى العراق، وممن هم فى اليمن، وممن هم فى ليبيا، وممن هم فى السودان، ونجحنا بشكل كبير فى مواجهة الإرهاب.
وهل تتوقع أن يترشح هشام جنينة لمنصب رئيس الجمهورية، كما ردد البعض؟
لا يحق له الترشح لأن زوجته أجنبية، فهى فلسطينية وتنتمى لحركة حماس، وتم ضبط أسلحة فى قطعة أرض تملكها، وجنينة ادعى أن زوجته ليس لها صلة بها.
ولماذا رفضت التوقيع على قرار إعلان فوز مرسى، رغم كونك أحد أعضاء اللجنة، التى أشرفت على الانتخابات الرئاسية وقتئذ؟
فى البداية.. ترأست اللجنة العليا للانتخابات البرلمانية، التى أسفرت عن برلمان 2012، وكانت أنزه عملية انتخابية شهدتها مصر، والجميع أكد على ذلك.. وبالنسبة لعضويتى فى لجنة الانتخابات الرئاسية، فأنا أفتخر بين أحفادى أننى رفضت التوقيع على وثيقة فوز مرسى، وأرددها دائما لهم، أن «جدكم موقعش على قرار فوز مرسى»، وكانت اللجنة تتشكل من 5 برئاسة المستشار فاروق سلطان، رئيس المحكمة الدستورية العليا وقتئذ، وبعد إجراء جولة الإعادة بين مرسى وشفيق، اكتشفنا وقعتين وقفت عندهما أنا وأحد أعضاء اللجنة وهو المستشار أحمد شمس الدين خفاجى، النائب الأول لرئيس مجل الدولة وقتها، الأولى خاصة بعدم تمكين الأقباط من التصويت فى الانتخابات ومنعهم من الوصول للجان، والثانية خاصة بظهور بعض بطاقات التصويت تم تسويدها لصالح مرسى، قبل إجراء عملية التصويت، وطالبنا التحقيق فى الواقعتين وإعادة الانتخابات فى الدوائر التى شهدت تلك الانتهاكات، ولكن المستشار حاتم بجاتو الأمين العام للجنة قال إن فارق الأصوات بين مرسى وشفيق يقترب من المليون صوت، وأن إجمالى عدد تلك الدوائر لن تؤثر على النتيجة بفوز مرسى، وصدر القرار بالإعلان عن فوز مرسى، فرفضت أنا والمستشار خفاجى التوقيع على وثيقة فوزه.
ولماذا لم تخرج للرأى العام وتعلن موقفك، واعتراضك على إعلان النتيجة وقتها؟
أنا قاض، وما يحدث فى المداولات يجب أن يظل سريًا، وبين أعضاء اللجنة فقط، وفضلت الصمت وتسجيل الموقف بعدم التوقيع على وثيقة الفوز، كما أن القرار سليم بالأغلبية، والأغلبية وافقت، ولا يمكن أن أفرض رأيى.
وهل عدم توقيعك أنت والمستشار خفاجى يبطل الإعلان عن الفائز؟
لا، فالقانون يسمح بتوقيع ثلاثة على الأقل من أعضاء اللجنة، واللجنة كانت مشكلة من 5 أعضاء، رفضت أنا والمستشار خفاجى التوقيع، بينما وقع عليها كل من المستشار فاروق سلطان، رئيس اللجنة، والمستشارين عضوي اللجنة ماهر البحيرى النائب الأول لرئيس المحكمة الدستورية العليا، ومحمد ممتاز متولى، النائب الأول لرئيس محكمة النقض، وأود أن أشير إلى أننى أدليت بشهادتى فى التحقيقات، التى أجريت بشأن تزوير الانتخابات الرئاسية وقلت للمحقق إننى لم أوقع على فوز مرسى.
هل معنى كلامك أن مرسى لم يكن هو الفائز؟
لم أقل هذا، وشرحت لك أسباب عدم توقيعى على وثيقة فوز مرسى، تمسكت بأن تكون كل الإجراءات صحيحة وسليمة، لأننا كنا لجنة مشكلة على أعلى مستوى قضائى، ولكن الأغلبية حسمت الأمر.
دعنا نعود قليلا لما قبل جولة الإعادة.. البعض أبدى اندهاشه وقتها من عدم تمكن شخصية بحجم عمر سليمان من جمع التوكيلات المطلوبة مما تسبب فى استبعاده، وثارت أقاويل عدة.. ما حقيقة الأمر؟
عمر سليمان، قدم أكثر من 48 ألف تأييد، متجاوزًا بذلك الـ30 ألفا التى نص عليها القانون وقتها، ولكنه افتقد شرطا جوهريا من شروط الترشح، فرغم تجاوز الـ30 ألف تأييد على مستوى الجمهورية، إلا أن هذه التأييدات جاوزت الألف فى 14 محافظة فقط، وكان النص الدستورى يستلزم تجاوز الألف تأييد فى 15 محافظة، وفرقت معه 31 صوتا على المحافظة المتبقية، مما حال دون ترشحه فاتخذت اللجنة قرار استبعاده.
اللجنة تعرضت للتشكيك والتطاول طول فترة عملها، ولكننا صممنا على مواصلة العمل لإنجاز العملية الانتخابية، فحازم صلاح أبو إسماعيل، خرج وأكد مئات المرات أن والدته لم تحمل الجنسية الأمريكية، رغم أننا تأكدنا بنسبة مليون فى المائة أنها حملت الجنسية الأمريكية، كما أن حمدين صباحى ادعى فى أحد طعون أنه تم استخدام آلاف من جنود الجيش والشرطة فى التصويت لصالح شفيق وهو ما ثبت عدم صحته.
كيف ترى الصراع الدائم بين الإخوان والقضاة على مدار التاريخ؟
صراع الإخوان مع القضاء قديم ومنذ تأسيس الجماعة نفسها، لأن القضاء مهمتهم تطبيق القانون، والإخوان ماهم إلا جماعة خارج القانون وتخالفه منذ تأسيسها، ولهذا تكن كل العداء للقضاء.
وهل تمكن الإخوان من التسلل لمؤسسة القضاء خلال السنوات الماضية؟
مرسى وجماعته حاولوا هدم مؤسسات الدولة، خاصة مؤسسات الجيش والشرطة والقضاء، ولكنها صمدت فى وجههم، والإخوان تسللوا لمؤسسة القضاء قبل أن يحكم مرسى، تحت ما أسموه بـ«تيار الاستقلال» فتيار الاستقلال عبارة عن مجموعة تابعة لجماعة الإخوان المسلمين، وكان على رأس هذا التيار، كل من حسام الغريانى وأحمد ومحمود مكى، وهشام جنينة وزكريا عبدالعزيز، وغيرهم من رموز هذا التيار ما هم إلا تابعون لجماعة الإخوان.
ولكن تيار الاستقلال كان يتمتع بسمعة طيبة بين المصريين خاصة عند وقفتهم فى انتخابات 2005؟!
رموز هذا التيار استغلوا اسم المستشار الجليل الراحل يحيى الرفاعى، وادعوا السير على منهجه، وكانت بواعث هذا التيار سليمة وشريفة فى الظاهر، يدعون لاستقلال القضاة، ولكن تبين فيما بعد أنهم يقولون شيئا ويفعلون شيئا آخر، حتى انكشفوا على حقيقتهم، وهى تبعيتهم لجماعة الإخوان المسلمين، فعند تولى الإخوان السلطة مواقف رموز هذا التيار تبدلت وخلعوا القناع وتحولوا لأبواق لنظام الإخوان، وحصلوا على مناصب بالدولة لا يستحقونها، فتم تعيين المستشار محمود مكى، نائبا رئيس الجمهورية، وتعيين شقيقه أحمد مكى، وزيرًا للعدل، وخلفه المستشار أحمد سليمان، وأصبح المستشار هشام جنينة رئيسًا للجهاز المركزى للمحاسبات، ومحمود الخضيرى رئيسا للجنة التشريعية بمجلس الشعب المنحل، وحسام الغريانى رئيسا للجمعية التأسيسية لوضع الدستور ورئيسا للمجلس القومى لحقوق الإنسان، وقتئذ، كما أن تيار الاستقلال عمل بنفس نهج جماعة الإخوان، فالإخوان كانوا يتمتعون بسمعة طيبة قبل أن يصلوا للسلطة، إلى أن ظهرت حقيقتهم «يا نحكمكم يا نقتلكم».
ولكن أحدهم وهو المستشار محمود مكى استقال من منصب نائب رئيس الجمهورية؟!
محمود مكى هرب، لأنه كان يملك بعد نظر، ووجد نفسه نائبًا لرئيس لا يملك القرار، ولا يؤخذ برأيه، ويحكمه مكتب الإرشاد، فتقدم باستقالته، وهو الآن مقيم فى قطر، ومعه المستشار هشام البسطويسى.
وبرأيك لماذا لم يتم محاكمة أحد ممن ذكرت أسماءهم من رموز هذا التيار؟
يسأل فى ذلك من بيده سلطة الاتهام والمحاكمة الآن.
وهل المستشار حسام الغريانى، له صلة مباشرة بجماعة الإخوان؟
الغريانى أثناء رئاسته لمجلس القضاء الأعلى، أرسل للدكتور محمد بديع المرشد العام لجماعة الإخوان، وقبل إعلان اللجنة عن فوز مرسى، ومن ضمن ما جاء به «يسرنى أن أهنئ فضيلتكم وأكون أول من يزف الخبر السار والسعيد بقرب إعلان اسم أخونا الكريم الدكتور محمد مرسى رئيسًا للجمهورية، هذا الحلم الذى تحقق بفضل الله تعالى وبفضل سماحتكم ورجالاتكم الأخيار والمخلصين والأوفياء، نهنئ فضيلتكم وأنفسنا جميعًا فى مصر والعالم العربى والإسلامى على هذا الإنجاز العظيم، الذى طالما انتظرناه طويلًا وبذلنا من أجل تحقيقه كل الجهد وخبرة السنين، كما أرجو وآمل من الله وسماحتكم أن أكون قد وفقت وأوفيت بما قطعته على نفسى من وعود..». ولا نعرف حتى الآن من أين عرف بقرب الإعلان عن فوز مرسى، وما هى طبيعة العلاقة بينه وبين المرشد، وما هى الوعود والعهود التى قطعها على نفسه، وهى أسئلة كان يجب أن يتم التحقيق فيها.
وما أسباب الخلافات بينك وبين الغريانى فى تلك المرحلة؟
الغريانى أحد رموز تيار الاستقلال الإخوانى، وكانت أحد أسباب الخلاف، فى أول جلسة لمجلس القضاء الأعلى، الذى كنت عضوا فيه برئاسة الغريانى، علمنا أن الغريانى كلف وزير العدل وقتئذ المستشار أحمد مكى بإعداد قانون للسلطة القضائية، وأبديت اعتراضى وقلت إنه ماكان ينبغى على المستشار الغريانى القيام بذلك الإجراء دون أخذ رأى وموافقة مجلس القضاء.
كما أنه غضب منى حينما رفضت تخصيص 10 ملايين جنيه لمحكمة النقض، حيث أرسل لى خطابا بصفتى رئيس اللجنة العليا للانتخابات البرلمانية، طلب فيه 10 ملايين جنيه لمحكمة النقض، بحجة أن قضاة المحكمة سينظرون الطعون، ولكن اللجنة رفضت منحه ذلك المبلغ، على أساس أن فصل المحكمة فى الطعون عملًا قضائيًا لا يحتاج لمنح ومكافآت استثنائية عليه.
إلى أى مدى ترى أن صدام الإخوان مع القضاة أحد أسباب سقوطهم؟
الإخوان أطاحوا بالقوانين والدستور وتجاوزا الخطوط الحمراء وسعوا إلى إحلال الجماعة محل الدولة، وكان الوطن بالنسبة لهم «حفنة من تراب نجس»، كما قال إمامهم سيد قطب، ومرسى كان يشكك فى القضاء وأحكامه واستباح القضاة بالإعلان الدستورى، وأعطى الضوء الأخضر لمحاصرة المحكمة الدستورية، وأصدر قرارا باطلا بعودة مجلس الشعب. وحاولوا تمرير قانون بخفض سن تقاعد القضاة للإطاحة بأكثر من 3500 قاض، الضربة القوية فى نوفمبر 2012، عندما أصدر مرسى ما سماه بالإعلان الدستورى، وتحصين قراراته من التقاضى، وإقالته للنائب العام الأسبق عبدالمجيد محمود، وتحصين مجلس الشورى والجمعية التأسيسية، وكان هذا اعتداء غير مسبوق على السلطة القضائية، وهذه ليست تصرفات حاكم، ولكنه سلوك بلطجة وفوضى.
وأتذكر أن محمد على بشر، القيادى فى حزب الحرية والعدالة المنحل، زار المستشار عبد المجيد محمود فى منزله، وعرض عليه صفقة للموافقة على إقالته من منصب النائب العام، إلا أنه رفض وقال: إن الأمر يتعلق باستقلالية السلطة القضائية وأنا لا أملك التنازل أو التفاوض فى شىء، كما أن الغريانى اتصل به وأبلغه صراحة ضرورة الرحيل من منصب النائب العام وأنه فى حل من إبلاغه بالأسباب، وقال له «المتظاهرون من الممكن أن يتوافدوا على مكتبك وأن يقوموا بالاعتداء عليك كما حدث مع السنهورى».
لكن القضاء استعصى على الإخوان، ووقفنا يدا واحدة ضد كل محاولاتهم للنيل من العدالة، لأنهم كانوا يريدون قضاء مسيسًا.
هل مازال للإخوان خلايا داخل السلك القضائى؟
الإخوان مازلوا متغلغلين داخل القضاء، كغيره من باقى مؤسسات وأجهزة الدولة.
بعد مرور ما يقرب من 5 سنوات.. هل ترى أن الوقت أنصفك فى قضية التمويل الأجنبى؟
البعض خلق واقعة من العدم، طالتنى اتهامات عدة، وتجاوزات فى حقى وحق أسرتى، لكن الجميع تأكد أننى لم أتواطأ مع أحد، ولم أتدخل لاتخاذ قرار بعينه مع المتهمين فى هذه القضية وقتها، والمستشار عادل عبدالحميد، وزير العدل الأسبق، أكد أنه سأل المستشار محمد شكرى هل تدخل المستشار عبدالمعز فى القضية أو طلب منك اتخاذ موقف معين، فكانت إجابة المستشار محمد شكرى صريحة وقاطعة «نفيا».
كما أننى سبق ورفضت دعوة السفيرة الأمريكية فى القاهرة وقتها آن باترسون، لزيارة الولايات المتحدة، وأخطرت المجلس العسكرى ووزير العدل بذلك، فما أثير وقتها كان الهدف منه إثارة البلبلة حولى من قبل رموز تيار الاستقلال الإخوانى، «ولو مسكوا عليا غلطة كان زمانهم «علقونى».
وما تقييمك لثورة 25 يناير، وما شهدته من أحداث؟
25 يناير، ليست ثورة ولكنها «هوجة» ولم تكن عفوية، ولكن تم الإعداد لها منذ سنوات، وتم تشكيل شبكات منفصلة للتجهيز لها من قبل الولايات المتحدة الأمريكية، كشبكة جماعة الإخوان، والتيار الإسلامى، والتيار الليبرالى من شباب 6 أبريل وغيرهم، والأحداث التى شهدتها ما هى إلا مخطط إخوانى تم الإعداد له على مدى سنوات طويلة، وتم تنفيذه بمساعدة الأمريكان والأتراك والقطريين، وحركة حماس، وتحقيقات النيابة العامة فى الكثير من القضايا، كشفت عن ذلك وأكدته، كقضايا التخابر المتهم فيها قيادات جماعة الإخوان الإرهابية، وعلى رأسهم الرئيس المعزول.
برأيك.. هل يحق للقاضى أن ينشغل بالسياسة؟
على القاضى ألا ينجرف إلى بريق السياسة، حتى يظل قاضيًا بلا هوى، السياسة هى الانحياز والمراوغة والقضاء هو الحياد والوضوح ولا يوجد تلاق بينهما.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة