ملاحقات مفتوحة ودائرة اشتباه تتسع للجميع فى ظل إجراءات أمنية ترفع كافة درجات التأهب متى كانت الديانة هى الإسلام، بهذا المصير يستقبل أبناء الأقليات المسلمة فى الدول الأوروربية مصيراً مجهولاً ليكونوا وحدهم فى صدارة من يدفعون فاتورة إرهاب داعش وجرائمه فى القارة العجوز.
وبخلاف دوائر الرصد والاتهام التى تفرضها أجهزة الأمن الأوروبية ضد الأقليات المسلمة، يعانى المسلمون منذ منتصف العام الماضى ارتفاع موجة اليمين المتطرف وصعود أسهم أحزابه فى دول من بينها إيطاليا وفرنسا، ومؤخراً ألمانيا التى تستعد لانتخابات مصيرية اليوم الأحد، وما تحمله أحزاب هذا التيار من تحريض واضح ضد الإسلام وأبناء تلك الجاليات.
كشف استطلاع أجرته وكالة الاتحاد الأوروبى للحقوق الأساسية ونشرت نتائجه مساء الجمعة، أن 92% من المسلمين المقيمين فى أوروبا يعانون التمييز بأشكال مختلفة.
وذكرت نتائج الاستطلاع الذى شمل 10 آلاف و527 مسلماً فى 15 دولة أوروبية أن 53 % من المسلمين فى أوروبا، واجهُوا التفرقة العنصرية عند محاولات العثور على منزل بسبب أسمائهم. كما أن 39 % من المستطلعة أراؤهم، عانوا من التمييز العنصرى بسبب مظهرهم الخارجى عند سعيهم للحصول على عمل، وشكلت النساء أغلب تلك النسبة، بنحو 35 %.
كما تبين بحسب نتائج الاستطلاع تعرض نحو 94 % من النساء المحجبات المشاركات فى الاستطلاع لاعتداءات ومضايقات تراوحت بين الجسدية واللفظية. وأن 31 % من أولئك النساء تعرضن للتحرش اللفظى، فى حين تعرضت 39% من المحجبات لإيماءات مسيئة، و22 % لعبارات معادية وهجومية.
وتبين تعرض نحو 2% فقط من المحجبات قيد البحث للاعتداءات الجسدية. وفى المقابل، أفاد الاستطلاع بتعرض 23% من النساء غير المحجبات ضمن عينة الدراسة لمضايقات مختلفة.
وركزت الدراسة على استطلاع آراء المهاجرين من المسلمين وأبنائهم، ممن هم فوق عمر الـ 16، ومضى على تواجدهم أكثر من عام فى إحدى الدول الأوروبية التالية النمسا، بلجيكا، قبرص، ألمانيا، الدنمارك، اليونان، إسبانيا، فنلندا، فرنسا، إيطاليا، مالطا، هولندا، السويد، سلوفينيا، والمملكة المتحدة.
وفى النمسا، أقرت وزارة الداخلية قواعد جديدة تفرض قيوداً على تغطية الوجه (النقاب) بجميع صورها ، حيث قال المدير العام للسلامة العامة فى وزارة الداخلية فى فيينا، ميشائيلا كاردايس، فى تصريحات نشرتها وسائل الإعلام الخميس، إن أى شخص يغطى وجهه علنا فى النمسا، سواء كان ذلك بنقاب إسلامى أو كمامة طبية، قد يواجه دفع غرامة تصل إلى 150 يورو (179 دولارا) اعتبارا من الأول من أكتوبر.
وبعد تمريرها لقانون الاندماج فى وقت سابق من هذا العام، انضمت النمسا إلى فرنسا وبلجيكا ومقاطعة تيسينو السويسرية فى حظرهم للنقاب.
وأمام تلك الإجراءات، قالت ماريسا جايارو، المحللة السياسية الأسبانية فى تقرير سابق بصحيفة "إيه بى سى" إن المسلمين هم أول ضحايا الإرهاب رغم ما يعانون منه من تضييق أمنى فى الوقت الحالى، مستشهدة بأن 87% من الهجمات الإرهابية التى وقعت بين عامى 2000 و2014 جميعها طالت بلدان غالبية سكانها مسلمين.
وفى الوقت الذى تتوالى فيه دعوات التضييق على المسلمين مع منع مظاهر الإسلام من ملبس مثل الحجاب والنقاب، وطقوس دينية وشعائر فى العديد من الدول الأوروبية، قالت جايارو أن هجمات برشلونة وما قبلها أكبر دليل على وجود خلايا إرهابية فى الدول الأوروبية، لكن ذلك ليس مبرراً لأن يتم استهداف المسلمين دون تدقيق، مشيرة إلى أن تنظيم داعش الإرهابى يسعى لضرب أوروبا فى الوقت الذى يشهد تراجعا فى سوريا والعراق، ولتعويض تلك عمد إلى تحريك ذئابه المنفردة لشن هجمات إرهابية فى جميع أنحاء العالم.
ومن الملاحقات الأمنية إلى موجة التطرف اليمينية الصاعدة، رصدت جايارو خطراً جديداً يواجه الأقليات المسلمة فى القارة العجوز، مشيرة إلى أن العديد من الأحزاب اليمينية بدأت تجد مكاناً واضحاً داخل البرلمانات الأوروبية وتتسلل إلى حكومات العديد من تلك الدول، مشيرة إلى دعوات تلك الأحزاب سراً وجهراً لإبادة المسلمين وطردهم من القارة الأوروبية فى خلط واضح ومخل بين الإسلام والإرهاب.
واستشهدت جايارو بالاشتباكات التى وقعت فى برشلونة بين متظاهرين يمينيين ومارة فى الموقع الذى شهد هجوم الدهس الأخير، وحمل بـعض المتـظاهرين لافـتات مرتبطة بحركة الهوية وهى شبكة من جماعات القوميين البيض وتركز على الحـفاظ على الهوية الأوروبية، وكتب على بعض لافتاتهم "دافعوا عن أوروبا" و"أوقفوا أسلمة أوروبا" حيث أدى احتشاد أشخاص من المعارضين للتيارات اليمينية إلى إثارة مواجهة بين الجانبين المتعاديين فى منطقة قريبة من بلاكا كتالونيا بالقرب من الموقع الذى دهست فيه الحافلة حشدا من المارة.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة