بدأ الرئيس عبد الفتاح السيسي، زيارة دولة الإمارات العربية المتحدة، وذلك فى إطار متابعة التشاور والتنسيق المستمر بين الدولتين الشقيقتين، وتعد هذه الزيارة هى الخامسة التى يقوم بها الرئيس للإمارات، والتى تميزت بطبيعة خاصة اتساقا مع العلاقات بين البلدين. ففى 3 مايو من العام الجارى، زار الرئيس عبد الفتاح السيسى الإمارات، حيث استقبله الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولى عهد أبو ظبي، نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة الاماراتية، وبحث الجانبان مستجدات الوضع الإقليمي فى ضوء الأزمات التي تشهدها سوريا واليمن وليبيا، والتحديات التي تواجه الأمة العربية وعلى رأسها خطر الإرهاب، وتدخل بعض القوى الخارجية للعبث بأمن واستقرار الدول العربية.
وفي 2 ديسمبر من العام الماضى، أجرى الرئيس عبد الفتاح السيسى زيارة للإمارات للمشاركة في احتفالات الدولة باليوم الوطنى الـ 45 والتقى الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولى عهد أبو ظبى، حيث تطرقت المباحثات إلى سُبل تعزيز العلاقات الثنائية في مختلف المجالات.
بينما قام الرئيس السيسى، فى 27 أكتوبر عام 2015 بزيارة لدولة الإمارات واستقبله الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، حيث تطرق اللقاء إلى أهمية متابعة الجهود المشتركة لمكافحة الإرهاب وتدارس الأوضاع الأمنية فى عدد من الدول العربية.. وبحث الجانبان عدداً من القضايا الإقليمية ذات الاهتمام المشترك، ولاسيما فيما يتعلق بالأزمات فى سوريا، وليبيا، واليمن، وسبل التعامل مع تداعياتها على الأمن العربى الجماعى.
وفى 18 يناير 2015 قام الرئيس السيسى بأول زيارة له إلى الإمارت كرئيس للجمهورية، للمشاركة فى أعمال "القمة العالمية لطاقة المستقبل"، استقبله خلالها الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، والشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولى عهد أبوظبى، حيث بحث الجانبان مجمل الأحداث والتطورات على الساحتين الإقليمية والدولية وسبل تعزيز وحدة الصف العربي، لمواجهة التحديات السياسية والاقتصادية والأمنية، وأهمية تضافر الجهود الدولية للقضاء على العنف والإرهاب، وتسلم الرئيس السيسى جائزة زايد الفخرية لطاقة المستقبل، من الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم.
وكان السيسى قد زار دولة الإمارات عندما كان وزيرا للدفاع والانتاج الحربي في 12 مارس 2014 ورافقه عدد من كبار قادة القوات المسلحة، حيث التقى خلالها كبار المسئولين وشهد المرحلة النهائية للمناورة المصرية الإماراتية "زايد 1".
تاريخ العلاقات بين البلدين
ويرجع تاريخ العلاقات المصرية ـ الإماراتية إلى ما قبل عام 1971 الذي شهد التئام شمل الإمارات السبع في دولة واحدة هي دولة الإمارات العربية المتحدة تحت قيادة له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، والتى دعمت مصر إنشاءها وأيدت بشكل مطلق الاتحاد الذي قامت به دولة الإمارات.
وتُعد مصر من بين أولى الدول التى اعترفت بالاتحاد الجديد فور إعلانه ودعمته دوليًا وإقليميًا كركيزة للأمن والاستقرار وإضافة قوة جديدة للأمة العربية
ويسجل التاريخ للشيخ زايد أنه الرجل الذى غرس التوجه نحو مصر بكل الحب والتقدير وتعهد العلاقات الإماراتية – المصرية بالرعاية والعناية ونسج علاقات بالغة التميز والخصوصية معها . وهناك العديد من المشروعات التى اقامها على أرض مصر ، ومن أهمها مدينة الشيخ زايد وهي احدى المدن الجديدة التي انشئت عام 1995 بتمويل صندوق ابوظبي للتنمية. كذلك حي الشيخ زايد بمدينتي السويس والاسماعيلية، وهما من الأحياء التي قدمها زايد للمصريين كمساهمة جادة في ازالة آثار العدوان الاسرائيلي على مدن القناة في حرب يونيو عام 1967. ومنها قناة الشيخ زايد بطول ٥٠ كيلومتراً في توشكى، لزراعة 450 الف فدان، وقدمها رحمه الله هدية لمصر... و ترعة الشيخ زايد فى منطقة وادي النطرون، و ترعة الشيخ زايد شرق قناة السويس في قلب سيناء، وتروى 40 ألف فدان، كل ذلك عن ايمان عميق منه بمصر ودورها الحيوى والتاريخى تجاه امتها العربية ، فهو صاحب المقولة الشهيرة ان مصر بالنسبة للعرب هي القلب واذا مات القلب فلا حياة للعرب.
وقبل كل ذلك، يذكر التاريخ بكل الفخر والاعتزاز الموقف العروبى الشجاع للشيخ زايد بن سلطان فى حرب أكتوبر المجيدة، عندما قال إن البترول العربى ليس أغلى ولا أثمن من الدم العربى، وسخر كل إمكانات بلاده لدعم المقاتل العربى فى تلك الحرب ليتحقق النصر أولا، وليضرب ثانيا مثالا رائدا فى التضامن العربى مازال حيا الى يومنا هذا.
اتفاقات دبلوماسية
فى عام 2008 تم التوقيع بين دولة الإمارات العربية المتحدة وجمهورية مصر العربية على مذكرتى تفاهم بشأن المشاورات السياسية بين وزارتي خارجية البلدين. تنص مذكرة المشاورات السياسية على أن يقوم الطرفان بعقد محادثات ومشاورات ثنائية بطريقة منتظمة لمناقشة جميع أوجه علاقتهما الثنائية وتبادل وجهات النظر بشأن القضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك.
وقد ورثت القيادة الاماراتية الحالية هذا الميراث الكبير فى تاريخ العلاقات المصرية الاماراتية، من خلال صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات، إيمانا بحتمية التضامن العربى، وقد تمثل ذلك فى الدعم السياسى الإماراتى لمصر بعد ثورة 30 يونيو، عبر موقفها الذى تجلى في مبادرة الشيخ خليفة بن زايد بالاتصال بالقيادة المصرية الجديدة، معرباً لها عن عزم الإمارات الوقوف إلى جانب مصر ودعم شرعية مطالب شعبها.. تلا ذلك قيام وفد إماراتي رفيع المستوى بزيارة مصر في رسالة سياسية إماراتية شجاعة وعلنية تؤكد للعالم أجمع انحياز الإمارات المطلق لما قام به جيش مصر العظيم من تلبية لمطالب الشعب المصرى فى إقامة نظام مدنى حضارى يعيد مصر إلى دورها العروبى والإقليمى والعالمى من جديد.
كما أكد الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، أن ّدولة الإمارات ماضية في الوقوف بجانب مصر قيادتها وشعبها في تحقيق تطلعاته في الاستقرار والتنمية والبناء، مشيراً إلى دور مصر الحيوي بما تملكه من تاريخ مشرف، وثقل استراتيجى في دعم القضايا العربية. وكانت مصر على الدوام فى صلب الاستراتيجية الإماراتية؛ لكونها دولة عربية محورية، ولذلك ظلت العلاقات بين الدولتين متميزة طوال العقود الماضية.
أمن الخليج .. من أمن مصر القومى
"أمن دول الخليج يعد جزءًا لا يتجزأ من أمن مصر القومي، ومصر لن تسمح بالمساس بأمن واستقرار أشقائها فى الخليج، وهى تقف إلى جانب أشقائها فى الخليج، فى مواجهة أية تهديدات إقليمية أو خارجية".. هذا ما أكده الرئيس السيسى أكثر من مرة.
وتأتى العلاقات العسكرية بين البلدين على رأس ما تشهده العلاقات بين البلدين من تطور وازدهار، فسعيًا وراء الحفاظ على الأمن القومي لجمهورية مصر العربية ودولة الإمارات العربية المتحدة ومن أجل تعزيز الروابط العسكرية بين البلدين ورفع كفاءة الجيشين للتصدي لأى محاولات عدوان محتملة على كلا الطرفين والمساهمة في توفير سبل الأمن والأمان والاستقرار للمنطقة وتحقيق التوازن العسكري فيها، انطلقت فى 2 مارس 2014 على أرض الإمارات المناورة "زايد 1" التى تعد الأولى من نوعها بين البلدين من حيث قوة الوحدات المشاركة وتنوعها من بحرية وجوية وخاصة، وقد أكد هذا التمرين تعزيز أواصر التعاون والعمل المشترك وتبادل الخبرات في المجالات العسكرية، مما يسهم فى رفع القدرة العسكرية القتالية والتأهب لمواجهة التحديات والظروف التي تمر بها منطقة الشرق الأوسط، كما يهدف إلى زيادة التنسيق بين القوات المسلحة فى البلدين، حيث اشتمل على أحدث نظم التدريب العسكري المتقدم والنظريات القتالية في مختلف أنواع التدريب والأسلحة الحديثة المتطورة. كما بدأت فعاليات مناورة "سهام الحق" بين البلدين فى 12 أكتوبر 2014، وفى 31 مارس 2017 اختتمت فعاليات المناورة التعبوية المشتركة المصرية الإماراتية ( زايد 2) والتى نفذت للمرة الثانية على أرض دولة الإمارات العربية المتحدة الشقيقة، وشاركت فيها عناصر من القوات البحرية والجوية والوحدات الخاصة ووحدات التدخل السريع وعدد من العناصر التخصصية من القوات المسلحة لكلا البلدين.
العلاقات الاقتصادية.
تتبوأ دولة الامارات العربية المتحدة المركزَ الأول دوليًا وعربيًا من حيث الاستثمار الأجنبى المباشر فى مصر، حسب البيانات الصادرة من الهيئة العامة للاستثمار فى مصر، حيث ارتفعت إلى 6.2 مليار دولار مقارنة بـ 6 مليارات دولارعام 2016 ".
وتمثلت أهم الاستثمارات الاماراتية فى مصر فى قطاعات اتصالات وتكنولوجيا المعلومات، التمويل، الصناعة، السياحة، الإنشاءات والزراعة.
يأتي قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات على رأس الاستثمارات الإماراتية فى مصر بما يمثل نسبة 45.5 % من إجمالي الاستثمارات الإماراتية في مصر، تمثل 92.3 % من إجمالى الاستثمارات العربية وحوالى 73.9 % من إجمالى الاستثمارات الأجنبية فى هذا القطاع فى مصر.
كما وصلَ حَجْمُ التَبَادُلِ التِجَارى بين البلدينِ فى عام 2016 إلى نحو 3.456 مليار دولار مقابل 2.597 مليار دولار عام 2015 ، ويصل عددُ الشركاتِ الاماراتية العاملة فى مصر فى الوقت الراهن وصل إلى 877 شركة مقارنةً ب819 شركة عام 2016.
وفى 29 أكتوبر عام 2013 قام الدكتور حازم الببلاوي رئيس الوزراء الأسبق، بزيارة للإمارات أسفرت عن توقيع اتفاقية الإطار التعاون الإماراتي ــ المصرى، وهى أول اتفاقية مصرية – عربية منذ ثورة 30 يونيو، والتى تتضمن تقديم الإمارات لحزمة منح تمويلية ومساعدات اقتصادية بقيمة 4,9 مليار دولار منها مليار دولار أودعت لدى البنك المركزي المصرى، وكذلك بناء الإمارات 25 صومعة قمح بسعة تخزين 60 ألف طن للصومعة، وبطاقة تخزين إجمالية ستبلغ 1.5 مليون طن فور استكمال بناء هذه الصوامع ، هذا بالاضافة الى العديد من المشروعات التنموية الكبرى التى تضمنتها الاتفاقية ، وأوضح أن من أهم مميزات هذه الاتفاقية أنها وضعت آليات التعاون المستقبلى بين البلدين.
و في 21 إبريل 2016، قدمت الإمارات مبلغ 4 مليارات دولار، منها ملياران يُوجهان للاستثمار فى عدد من المجالات التنموية، وملياران آخران وديعة في البنك المركزي المصرى لدعم الاحتياطى النقدى المصري. وشكل الدعم الإماراتى عاملاً أساسياً فى الحفاظ على قوة الاقتصاد المصرى الذى عانى كثيراً جراء الأعمال الإرهابية التى شهدتها أرجاء مختلفة من مصر، وخاصة سيناء فى الفترة الماضية.
العلاقات الثقافية
تحظى العلاقات الثقافية بين البلدين باهتمام كبير فى السياق الشامل لدعم العلاقات بينهما، ولا شك أن القبول الإماراتى بما تحمله الثقافة المصرية من مضامين حضارية وفنية مختلفة قد ساعد على أن تصل هذه الرسالة الثقافية المصرية إلى المواطن الإماراتى، وفى هذا الإطار يتم سنوياً تنظيم العديد من الأنشطة الثقافية المصرية بدولة الإمارات سواء على صعيد الفرق الفنية أو المشاركة فى معارض الكتب، فضلاً عن تبادل الزيارات رفيعة المستوى بين البلدين في المجال الثقافى.
أما على صعيد التعاون والبحث العلمى بين الجامعات والمراكز العلمية، توجد اتفاقيات للتعاون بين جامعة الإمارات وبعض الجامعات الحكومية المصرية وجامعة الأزهر، كما تم التوقيع على بروتوكول للتعاون بين مركز بحوث الصحراء المصري والمركز الدولي للزراعة الملحية والصحراوية بدولة الإمارات بهدف التعاون فى مجال تطوير وإدارة الموارد المائية الطبيعية وكذا إجراء الدارسات وتنفيذ المشروعات التنموية في مجالات الزراعة الصحراوية.
كما يحظى الأزهر الشريف بتقدير المسئولين والمواطنين الإماراتيين كمرجع ديني معتدل، كما يرسل الأزهر كل عام في شهر رمضان عشرات من الأئمة والوعاظ لإحياء ليالي الشهر في مختلف إمارات الدولة، إضافة إلى وجود تعاوناً بين الأزهر وجامعته ووزارتي الأوقاف في كلا البلدين لإصدار الكتب الدينية والمطبوعات للأزهر الشريف بدعم من الجانب الإماراتى، كما قامت مؤسسة زايد للأعمال الخيرية بإقامة مركز ثقافى إسلامي في مصر تحت مسمى "مركـز زايد للثقافـة والتكنولوجيـا" تابـع لجامعة الأزهر الشريف، بخلاف موافقة المؤسسة أيضا على ترميم عدد من المعاهد الأزهرية، إضافة إلى قيام الشيخ محمد بن راشد نائب رئيس الدولة حاكم دبى، بتمويل مشروع إنشاء مكتبة للأزهر الشريف يتم بثها على الانترنت، وترميم وحفظ المخطوطات الإسلامية القديمة الموجودة بجامعة الأزهر، إلى جانب قيام الشيخ سلطان القاسمي حاكم الشارقة، بتقديم الدعم لعدد من المشروعات البحثية والعلمية في مصر، منها مبنى دار الوثائق المصرية والمركز العلمي ومكتبة كلية الزراعة بجامعة القاهرة والجمعية التاريخية المصرية وغيرها.
العلاقات الإعلامية
يقدر شعب الإمارت وقيادته الرموز الصحفية والاعلامية المصرية التى قامت وتقوم بالمساهمة فى تطور الإعلام الإماراتى، كما أن هناك تواصلا مستمرا بين الأوساط الصحفية فى البلدين على كل المستويات.
وعلى المستوى الرسمى، يرتبط البلدان ببروتوكول تعاون إعلامى وقع عام 1988 بغرض تعميق وتطوير ودفع التعاون الإعلامي بينهما، يشتمل على تبادل الرسائل الإذاعية والتلفزيونية، والتسويق الإعلامى التجارى، والإنتاج البرامجي المشترك في مجالي الإذاعة والتلفزيون، وتشجيع الزيارات المتبادلة للإعلاميين في البلدين والتنسيق في المؤتمرات والاتحادات، وتبادل الخبرات التدريبية وإقامة الأسابيع والمعارض الإعلامية، بجانب تشجيع التعاون وتطويره بين المؤسسات الصحفية في البلدين.
العمالة المصرية في دولة الإمارات
يعود تواجد العمالة المصرية بدولة الإمارات العربية المتحدة إلى ما يزيد عن نصف قرن من الزمان، أى ما قبل قيام الدولة فى 2 ديسمبر 1971 باتحاد الإمارات السبع أبوظبى، دبي ، الشارقة ، عجمان ، رأس الخيمة ، الفجيرة، أم القيوين.
وظلت العمالة المصرية سواء قبل قيام الدولة أو بعد قيامها وحتى اليوم، المرتبة الأولى من حيث حجمها بين العمالة العربية الوافدة.
وتمتاز العمالة المصرية فى دولة الإمارات بتنوعها الكبير ما بين عمالة بالغة التخصص تشغل مناصب رفيعه فى مجالات القضاء، الصحة ، التعليم العالى، البنوك، البترول، والهندسة، وصولاً إلى العمالة المدربة المتخصصة والعمالة العادية في العديد من القطاعات كقطاع التشييد والبناء، قطاع الحراسات، قطاع التعليم (المدرسين) وقطاع السياحة بالإضافة إلى مختلف المهن الإدارية وأئمة المساجد.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة