"اليوم السابع" فى كواليس أول مسرحية بفريق تمثيل كامل من الصم بمكتبة الإسكندرية.. تختم برقصة على موسيقى بترددات خاصة يسمعها الممثلون.. ويصاحبها أداء صوتى للمشاهدين العاديين.. والنص ليحيى حقى ومنفذوها متطوعين

الثلاثاء، 26 سبتمبر 2017 07:02 م
"اليوم السابع" فى كواليس أول مسرحية بفريق تمثيل كامل من الصم بمكتبة الإسكندرية.. تختم برقصة على موسيقى بترددات خاصة يسمعها الممثلون.. ويصاحبها أداء صوتى للمشاهدين العاديين.. والنص ليحيى حقى ومنفذوها متطوعين من بروفات المسرحية
كتبت سارة درويش

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
على خشبة المسرح الصغير فى مكتبة الإسكندرية وقفت "شروق محمد" طالبة الآداب العشرينية قبل شهور لتترجم بلغة الإشارة ما يدور من حديث خلال إحدى فعاليات مكتبة الإسكندرية التى حرص القائمون عليها أن تترجمها للصم والبكم، ولأنها ابنة لأب وأم من ضعاف السمع فإنها تعتبر نفسها مترجمة بالفطرة وتعشق كل ما يمت لهذا العالم بصلة؛ إلا أنها اليوم الثلاثاء لن تظهر على خشبة المسرح كما اعتادت وستتراجع إلى ما وراء الكواليس لتشاهد بترقب أحداث مسرحية "امرأة مسكينة" التى لن تترجم بلغة الإشارة هذه المرة وإنما تقدم بالأساس للصم والبكم ويتولى فريق للأداء الصوتى ترجمتها لباقى المشاهدين وتقول بفخر "اتعودنا إن كل حاجة تترجم بلغة الإشارة لكن المرة دى المسرحية كلها للصم والبكم وهتترجم للمشاهد العادى كمان".
 
 
من بروفات المسرحية
من بروفات المسرحية
 
 
بالحماس نفسه الذى تحمله "شروق" للمسرحية عمل فريق كامل على هذه المسرحية الأولى من نوعها التى تعرض للمرة الأولى على خشبة المسرح الصغير بمكتبة الإسكندرية اليوم وتعرض للمرة الثانية غدًا، ضمن فعاليات برنامج القراءة الكبرى، حيث يؤدى العرض بأكمله ممثلون من الصم والبكم ويختتمونه برقصة على أنغام الموسيقى التى تم تأليفها وإعدادها بترددات خاصة ليتمكنوا من سماعها.
 
 

بداية الحكاية

ويحكى المخرج "جورج فتحى" لـ"اليوم السابع" عن كواليس التحضير لهذه المسرحية: يقدم برنامج القراءة الكبرى بمكتبة الإسكندرية عرضًا مسرحيًا سنويًا، بدءًا من ورشة لكتابة سيناريو مسرحية وصولاً إلى العرض نفسه، وبطبيعة الحال يطلب مخرجًا لهذا العرض، ولكنه هذا العام أعلن عن طلب 4 مخرجين بينهم مخرج واحد يمكنه التعامل مع الصم والبكم من أجل إخراج عرض خاص بهم بالكامل للمرة الأولى، وهنا وجدت ضالتى فأنا أحب التعامل مع الصم والبكم فى بعض الأنشطة فى الكنيسة، وأحلم من زمن بأن أقدم لهم مشروعًا فنيًا لأننى أؤمن بأنهم ممثلون من يوم الولادة فبينما نعبر عن أنفسنا بالكلام يحتاجوا هم للتعبير عن أنفسهم ومشاعرهم بملامح وجوههم ولغة الجسد وهذا بالضبط ما يفعله أى ممثل محترف.
 
 
جانب من الاوديشن
جانب من الأوديشن
 
 
تقدم "جورج" للمقابلة وتم قبوله ليكون مخرجًا للعرض وبدأت رحلته فى اختيار الممثلين وتحويل النص الذى خرجت به ورشة الكتابة إلى نص يناسب الصم والبكم وقابل للترجمة إلى لغة الإشارة أولاً ثم إلى عرض مرئى يقدم على خشبة المسرح.
 
 
ويقول "جورج": استعنا باثنين من الصم والبكم الماهرين جدًا ومترجمين إشارة هما شروق محمد وصفاء منتصر وراجعنا النص معهم وترجمناه إلى نص يناسب لغة الإشارة لأنه فى لغة الإشارة لا تقال بعض الجمل بنفس طريقتنا العادية فعلى سبيل المثال لا يقولوا ممثلين وإنما يؤدوا إشارة "ممثل" ثم إشارة "الكثير" بالتالى لا تكتب الكلمة "ممثلين" وإنما نكتبها فى النص "ممثلين كثيرين" أو "أكثر من ممثل".
 
 

من النص للأداء الصوتى.. تحديات تغلب عليها الفريق 

الكثير من التفاصيل والمصاعب واجهها فريق العمل على المسرحية الذى يؤكد "جورج" أن جميعهم متطوعين بالكامل وعملوا عليها من دون أى أجر لذا كانوا يواجهون تحديًا فى محاولة الموائمة بين التحضيرات والبروفات وبين أعمالهم الخاصة، لينجزوها فى وقت قياسى حيث بدأ اختيار الممثلين وفريق العمل فى منتصف يوليو الماضى، ويشير "جورج" إلى أن كل فرد من الفريق تقريبًا له أب أو أخ أو صديق من الصم والبكم ولديهم جميعًا خلفية فى التعامل معهم وشغف تجاه الفكرة، وهو ما تؤكده "شروق" التى تقول "والدى ووالدتى صم وبكم علشان كده أنا مترجمة بالفطرة، من يوم ما وعيت على الدنيا بترجم لهم الأخبار والأفلام والمسلسلات والكلام وكل حاجة حتى لو ماليش علاقة بيها بترجمها لهم بالإشارة، فمبسوطة جدًا بالمسرحية ومتحمسة لها جدًا".
 
 
أثناء مراجعة الأدوار
أثناء مراجعة الأدوار
 

أول استعراض راقص للصم وضعاف السمع 

ومن بين كل التحديات التى واجهها فريق عمل المسرحية من إجل إنجازها يرى "جورج" أن المفاجأة الأكبر والتحدى الأهم هو الاستعراض الذى تختتم به المسرحية ويقول لـ"اليوم السابع": بالمصادفة تعرفت على مؤلف موسيقى اسمه عبدالرحمن عادل، وهو شاب شغوف بكل ما يخص الموسيقى ومهتم بعالم الصم والبكم أيضًا، وبينما نتناقش فى إحدى الجلسات اقترح تأليف معزوفة يسمعها الممثلون ويتفاعلوا معها فى المسرحية، وأخبرنى أن الصم والبكم يسمعون ترددات معينة فعلى سبيل المثال إذا انكسر جوار أحدهم لوح زجاجى سيسمعه ويشعر به وأن هذه الترددات أحيانًا ما تكون أقل أو أعلى من الترددات التى يمكننا سماعها والتى تتراوح بين 0 إلى 20 ألف ميجا هيرتز.
 
 
اختبار سمع الموسيقى
اختبار سمع الموسيقى
 
 
ولذلك أجرينا تجربة بمقطع صوتى يبدأ من تردد 0 إلى 20 ألف ميجا هيرتز مع سماعة يضعها كل ممثل على حدا ويخبرنا حين بدأ سماع الصوت ونحن نرصد التردد الذى سمعه، وبعدها اخترنا أكثر مساحة من الترددات يسمعها غالبيتهم وألف عبدالرحمن الموسيقى الخاصة بالمسرحية بهذه الترددات ليتفاعلوا معها أما ضعاف السمع جدًا الذين لن يمكنهم سماع الموسيقى ركبنا إضاءة العرض بحيث تتماشى حركتها مع الموسيقى بالتالى من لا يسمع الموسيقى يمشى وراء الضوء.
 
 
ويشير "جورج" إلى أن الاستعراض الأخير فى المسرحية تصاحبه أغنية "نور" لزاب ثروت وأمينة خليل لأنه يراها معبرة عن قصة المسرحية المأخوذة عن نص للكاتب الكبير يحيى حقى، والتى تحكى عن أرملة يتيمة تواجه تحديات عدة لتربية أطفالها والإنفاق عليهم دون أن تنهزم أمام الظروف. 
 
 
 
المشاركون فى المسرحية
المشاركون فى المسرحية
 
 
أما التحدى الأخير الذى واجهه فريق عمل المسرحية هو كيفية تقديمها للجمهور العادى الذى لا يجيد لغة الإشارة، فيقول "جورج": قررنا أن يصاحب العرض أداء صوتى "voice over" لحوار الشخصيات فاستعنا بفريق آخر من الممثلين الناطقين وبينهم ممثل كفيف وبذل مجهودًا كبيرًا لترجمة مشاعر أشخاص لا يراهم وهم لا يسمعونه. ودربنا الممثلين أيضًا على السرعة لأن هناك تفاوتًا فى السرعات بين الكلام والإشارة، وخلال 4 او 5 أيام حصلنا على النتائج المطلوبة.
 
 
وكان مسرح الطليعة سبق وقدم تجربة مسرحية تخاطب الصم وضعاف السمع فى العام الماضى ولكنها لم تعتمد على فريق كامل من الصم وإنما تضمن الفريق أيضًا 6 من الممثلين المحترفين.









مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة