فى إبريل عام 2004 وبعد عام على الغزو الأمريكى للعراق كان العالم على موعد مع واحدة من أكبر الفضائح الإنسانية فى العصر الحديث، وذلك عندما كشفت الصور المسربة من سجن أبو غريب الشهير، عن التعذيب والطرق غير الإنسانية التى يتعامل بها جنود الاحتلال الأمريكان ضد سجناء عراقيين، يومها هاجت شعوب العالم لكن فى النهاية لم يحدث شىء ذو قيمة، وبعد هذه السنوات الطويلة قرر بعض السجناء الذين تعرضوا للإهانة وبعض أقاربهم رفع القضية مرة أخرى أمام قاض فيدرالى.. فما الذى سيحدث بعد 13 عاما على وقوع الكارثة؟
ستظل هذه الفضيحة وهذا التصرف غير الأخلاقى دليل قوى على الطابع الوحشى لدى الامريكان، وستظل كذلك سبة فى تاريج جورج بوش الرئيس الأمريكى الذى قاد حربا عشوائية ضد دول إسلامية وعربية، مندفعا وراء غضبه فقط بعد أحداث 11 سبتمر، دون أن ينتبه إلى أى شىء يتعلق بمصير العالم.
وستظل هذه الفضيحة كاشفة للحالة المتدنية التى وصلنا إليها، نحن العرب، فى عدم الترابط وعدم الوقوف يدا واحدة فى وجه أى مستعمر أو معتد على دولة عربية، فلا زلنا نقف فى موقف المتفرج والممتعض والمتعاطف والمتوتر والمرتبك والخائف والمترقب والمستنكر والمدين والباكى والمستعبر لكننا لا نحرك ساكنا فى سبيل المواجهة، كنا جميعا فى انتظار فعل الله سبحانه وتعالى للانتقام من الأمريكان الذين فعلوا بنا الأفاعيل وأذلونا إلى أقسى درجة.
على المستوى الفعلى لم تهتم أمريكا إلا بصورتها التى تأثرت قليلا بهذا الحادث الكبير ورأى رجالها أن ذلك سوف يطعن بعض الشىء فى صورة أمريكا المتبنية لحقوق الإنسان، وحاولت دفاعا عن ذلك أن تربط الأمر على أنه حدث بشكل فردى، وأن من فعلوه يعانون من سادية مفرطة خاصة «جارنر» الذى استطاع أن يؤثر على «ليندى انجلاند» ويدفعها لفعل هذه التصرفات، لكن ما حدث للعراقيين لم يكن يشغل بال الأمريكان بأى شكل من الأشكال، ولك أن تتخيل أن المتهمة الأولى فى هذه الكارثة وهى المجندة الأمريكية ليندى انجلاند بعد سنوات من محاكمتها عسكريا ورغم الحكم عليها بـ أحد عشر عاما من السجن إلا أنها خرجت بعد 3 سنوات فقط، مما يكشف كم الاستهانة التى يتعامل بها الغرب معنا جميعا وليس مع العراقيين فقط.
من المضحكات فى العراق أن جل ما فعله المسؤولون بعد ذلك أنهم غيروا اسم سجن أبو غريب إلى سجن بغداد المركزى، ظنا منهم أن ذلك سوف يمحو ما حدث أو يقلل من أثره متناسين أن الجرح أعمق من ذلك بكثير، وأن كل بيت فى العراق وغيرها قد تأثر بما حدث بشكل كبير على المستوى النفسى والإحساس بقيمة الحياة نفسها، لذا يجب أن تظل هذه القضية مفتوحة بشكل دائم وان يرفع كل مسجون سابق فى أبو غريب قضية على أمريكا وعلى جورج بوش وجيشه.