جيلان جبر

تحرك سياسى = تهديدات اقتصادية

الخميس، 28 سبتمبر 2017 08:00 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
واجهت الجميع ونفذت حكومة إقليم كردستان تهديداتها وإعلانها إجراء استفتاء للانفصال عن العراق فى 25 سبتمبر الجارى ولم تتوقف أمام المعارضة الدولية الواسعة، حيث إن هذه الخطوة تفتح الباب أمام تطورات أخرى فى دول عربية وأخرى إقليمية تحقق الهدف من تفتيت الدول وتفتح نافذة وباب من النزعات الانفصالية للأكراد وغيرهم من الأعراق فى دول أخرى بالشرق الأوسط، وهو ما قد يسبب تصاعد حالة من التوترات الأمنية بالمنطقة كلها، ويتزامن ذلك مع ظهور بعض الاتجاهات التى ترجح تنافس الحكومة المركزية فى بغداد وكردستان للسيطرة على كركوك، المنطقة الغنية بالنفط، مما يجعلها بداية للنزاع، كما أصدرت وفود العراق وإيران وتركيا إلى الأمم المـتحدة بيـانا مشتركا نشرته وزارة خـارجية بغـداد نص على اتخاذ «إجراء عدم دستورية الاستفتاء الذى تنوى حكومة إقليم كردستان العراق إجراءه، لأنه سيسبب صراعات فى المنطقة من الصعب احتواؤها». وهنا نسأل، لمصلحة مَن كل هذه اللقاءات والتفاهمات لإنعاش العنصرية وتأجيج الكراهية، وإشعال حروب طروادة فى المنطقة؟ وهذا ما تَطلب، أمريكيا، تبريد جبهة الخلاف السياسى والمالى والأمنى والإعلامى بين أربيل وبغداد، فى انتظار ما سيكون عليه الحال بعد إنهاء الوجود العسكرى لداعش فى العراق ووضوح مصير الوضع السورى. ولكنْ لإسرائيل، خاصة للصقور من حكامها، خطط مغايرة وأهداف مختلفة لا تتطابق مع المصالح أمريكا فى المنطقة.
 
وفى محاولة استباقية للحد من تحقيق الاستقلال السياسى والاقتصادى لهذا الإقليم، دعت العراق المجتمع الدولى إلى عدم التعامل مع حكومة الإقليم بشكل منفرد فيما يتعلق ببيع النفط بالأسواق الدولية، وهو ما قد يلقى قبولاً ربما حتى الآن لدى البعض من القوى الدولية التى تؤيد حتى الآن جزءا من سياسة العراق فى توقيت وموعد فتح قضية استقلال كردستان، بشكل يمكن أن يؤدى إلى تجميد الصادرات الرئيسية للإقليم من النفط للعالم.
 
اتجهت إيران إلى غلق مجالها الجوى أمام الإقليم بناءً على طلب من الحكومة المركزية فى بغداد، وفرضت تركيا، فى خطوة أولى، قيودًا شديدة على حركة التجارة مع الإقليم عبر المعابر الواصلة بين أراضيها وكردستان، وفى ضوء التطورات السابقة، يبدو أن الاقتصاد الكردستانى مقبل على صدمة ستتوقف شدتها قد تمتد من مجرد فرض حصار اقتصادى عليه إلى تبنى إجراءات أمنية ضده، وهو أكثر السيناريوهات خطورة بالنسبة لكل الأطراف، حيث لن تقتصر تداعياته على الأوضاع الأمنية والاقتصادية فى كردستان فقط، وإنما ستمتد إلى باقى دول الجوار.
 
وهناك عقبات متعددة وصعوبات أمنية واقتصادية لإقليم كردستان بعد الاستفتاء أوردها مركز الدراسات المستقبلية بأبو ظبى ومنها:
 
1 - صعوبات لوجيستية: فرضت وبعض القيود على حركة اتصال الإقليم بالعالم وذلك قبل يوم واحد من إجراء الاستفتاء، حيث أعلن المجلس الأعلى للأمن القومى الإيرانى أن قرار إيقاف جميع رحلات الطيران من وإلى كردستان العراق جاء بطلب من الحكومة المركزية فى بغداد. وعلى غرار الإجراء السابق، واجهت حركة البضائع والأفراد بين كردستان وتركيا قيودًا شديدة، ورغم أنه يمكن تفسير هذه الإجراءات كاحتراز أمنى من قبل الدول المجاورة، إلا أنها تعتبر فى الوقت نفسه إشارة واضحة بأنه بإمكان الدول المجاورة تهديد وإنذار.
 
2 - تعليق صادرات النفط: تأكيدًا لسيادتها على موارد كردستان، ناشدت العراق المجتمع الدولى مجددًا بعدم التعامل مع حكومة الإقليم بشكل منفرد فى مجال بيع النفط بالأسواق الدولية، إلا أن إقليم كردستان كان يجد تركيا منفذًا له لتصدير النفط بشكل مستقل بعيدًا عن الحكومة المركزية عبر خط الأنابيب الواصل بين أراضيه وميناء جيهان التركى. لكن مع نجاح الاستفتاء فى التمهيد لاستقلال كردستان، سيجد الإقليم نفسه أمام مأزق كبير فى تسويق صادراته من النفط، والبالغة 650 ألف برميل يوميًا فى الخارج، حيث من المتوقع أن تشدد دول العالم، وبما فيها تركيا، من رقابتها على استقبال النفط الوارد من كردستان، وبما يعنى احتمال كبير لتجميد صادراته.
 
3 - عقوبات محتملة: فى إطار ضغوطها على حكومة الإقليم هددت دول الجوار أيضًا باتخاذ إجراءات عقابية أخرى ضدها. وفى هذا الصدد، صرح رجب طيب أردوغان، قبل أيام: «أن مجلس الوزراء ومجلس الأمن فى تركيا سيدرسان الخيارات المتاحة»، وعلى الأرجح سوف تشمل هذه العقوبات ليس فقط تقييد حركة التجارة مع الإقليم التى تمثل الجانب الأعظم من تجارته، وإنما أيضًا إلغاء تسهيلات الاستثمار التى منحتها تركيا للإكراد، وكذلك خطوط الائتمان، بشكل سيكون بمثابة بداية لتأزم أوضاعه المالية والاقتصادية.
 
وعلى أقل تقدير فإن هذه المخاطر ستتسبب فى تراجع بعض المكاسب التى حققتها صناعة النفط الكردستانية على الأخص فى الفترة الأخيرة، بالتزامن مع إحراز قوات البيشمركة الكردية انتصارات نوعية على تنظيم «داعش» بالقرب من حدود إقليم كردستان التى تمثلت فى تسوية جزء من ديونه لدى شركات النفط الدولية، بالإضافة إلى إبرام صفقات استراتيجية مع شركات نفط روسية.
 
ولكن اتجاه دول الجوار إلى تنفيذ تهديداتها الاقتصادية والعسكرية ضد حكومة إقليم كردستان، سيُعرِّض الاقتصاد الكردستانى، من دون شك، إلى الخراب أو ربما على الخيارات التى ستتبناها الدول المجاورة حيال مساعى حكومة الإقليم لتحقيق الاستقلال الفعلى، سواء كانت خيارات اقتصادية أو أمنية، ولكنها على أية حال ستكون مكلفة للجانب الكردستانى، وبحساب المكاسب والخسائر لكل الأطراف، فالأرجح أن تتبنى دول الجوار مزيجًا من الإجراءات الاقتصادية والأمنية والعقابية المحدودة النطاق التى قد توقف فى المستقبل القريب تقدم كردستان نحو تحقيق الاستقلال الفعلى نسبيًا بدلاً من الخيارات الجذرية التى ستتسبب فى خسائر اقتصادية وأمنية لكل الأطراف.
 
وفى الوقت نفسه، تدرك الدول المعارضة أن كردستان استثمرت شراكتها مع روسيا فى المجال النفطى بشكل جيد وفى وقت ملح، حيث إن امتداد تعاونهما النفطى ليشمل تسويق النفط وتطوير الحقول وبناء خط أنابيب سيمنح الإقليم قدرة على المناورة الاقتصادية، والإبقاء على حيوية صناعته النفطية فى مثل هذه الأوقات الصعبة. وفى الوقت نفسه، لن تتخلى روسيا عن الحفاظ على هذه المكاسب الواسعة فى كردستان على غرار الوضع فى سوريا، ولذلك نحن لا نعتقد أننا بصدد الشروع فى مغامرة»، وهناك بذلك الدراسات تؤكد أن مساعى إقليم كردستان لتحقيق الاستقلال تحمل من المخاطر الاقتصادية فى الفترة المقبلة، إلا أن كلمة سيناريو العزلة الاقتصادية التامة يبدو مستبعدًا، لاسيما فى ظل هذه الآثار السلبية الواسعة التى ستطال كل الأطراف.









مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة