أكن للدكتور سعد الدين الهلالى كامل المحبة والاحترام، لكنى فى الحقيقة لا أحب شطحاته التى تخرج إلى ما هو أبعد من تخصصه الدقيق ألا وهو الفقه المقارن، ولا أستسيغ أيضا بعض الآراء التى يقول بها خاصة فيما يتعلق بالأحداث السياسية الجارية، فمن وجهة نظرى فإن مهمته فى تجديد الفقه الإسلامى والنبش فى أسراره وخباياه أهم بكثير من المقارنات التى يعقدها بين الحين والحين بين العصور التاريخية وبعضها البعض، وليسامحنى دكتور «سعد الدين الهلالى» إذا قلت له إنه تسبب فى دخولى فى نوبة هستيرية من الضحك حينما سمعته يقول للإعلامى الشهير «عمرو أديب» إن فرعون موسى ليس مصريا بل خرسانيا واسمه الحقيقى وليد، فقد تذكرت على الفور ذلك الإفيه الشهير لمحمد هنيدى فى فيلم «إسماعيلية رايح جاى» حينما قال «دى مصرية ومن شبرا وأخواها اسمه حسن وعليه حكم».
يشاء الله أن يأتى ذكر هذه المعلومات الخاطئة فى الذكرى الـ 195 لإعلان عالم الآثار الشهير «شامبليون» فك رموز حجر رشيد الذى كشف المخفى عن الحضارة المصرية القديمة، وفى الحقيقة فإنى أكاد أرى شامبليون متألما فى قبره، فمن المؤكد أن خياله لم يستوعب أن يأتى رجل مثقف بعد ما يقرب من قرنين من كشفه العملاق ليذكر تلك التخاريف التى لا تعتمد على أى علم أو أى دليل أو أى منطق.
الدكتور سعد الدين الهلالى أستاذ الفقه المقارن بجامعة الأزهر قال فى حلقته مع عمرو أديب إنه قرأ هذا الكلام فى كتاب للفيروز آبادى اسمه بصائر ذوى التمييز فى لطائف الكتاب العزيز وكذلك لبن منظور فى كتابه الشهير لسان العرب والفيومى فى كتابه المصباح المنير، فى هذه المراجع الثلاثة يقولون إن فرعون ليس مصريا بل من خرسان واسمه مصعب بن الوليد أو وليد بن ريان»، وفى الحقيقة لا أعلم كيف يذكر الهلالى هذه المعلومة دون أن يدرك أن الفارق الزمنى بين الفترة التى يحتمل أن يكون فرعون موسى عاش فيها وزمن وجود هؤلاء المؤرخين لا تقل عن 2000 سنة، وأن هؤلاء المؤرخين أو المفسرين لم يعتمدوا على أى بحث علمى أو أثرى أو تاريخى فى تدوين قصصهم وإنما اعتمدوا على القصص التى ألفتها الذاكرة الشعبية والتى لا يمكن وصفها إلا بالخرافات.