يتأجج الوضع الأمنى فى شبه الجزيرة الكورية، يومًا بعد يوم، بسبب أزمات كوريا الشمالية فى المنطقة، حتى بلغ تأزم الأوضاع حدوده القصوى، بعدما استفاق العالم، اليوم الأحد، على تجربة نووية سادسة لـ"بيونج يانج"، أجرت خلالها اختبار قنبلة هيدروجينية، ما أحدث انفجارًا كبيرًا بالقرب من الموقع الرئيسى الكورى الشمالى للاختبارات، أدى إلى هزات أرضية عنيفة ضربت كل من الصين واليابان.
التصعيد الكورى الشمالى، ينذر بتطورات عسكرية فى المنطقة، وتصعيد مقابل من دول النزاع "أمريكا واليابان وكوريا الجنوبية والصين"، وهى دول المواجهة والمعارضة الأشد للبرنامج النووى لكوريا الشمالية، إضافة إلى إمكانية فرض عقوبات اقتصادية جديدة على "بيونج يانج"، التى تضرب بعرض الحائط كافة التوصيات والعقوبات الدولية المفروضة عليها من قبل مجلس الأمن الدولى التابع للأمم المتحدة أو العقوبات الأحادية.
كوريا الشمالية تبدأ تطوير صواريخها الباليستية أواخر سبعينات القرن الماضى
التطورات الميدانية الأخيرة فى شبه الجزيرة الكورية، بعد إعلان بيونج يانج، اختبارها بنجاح قنبلة هيدروجينية فى سادس تجربة نووية تجريها منذ 2006، تجعلنا نرصد المحطات الأساسية فى تطور برنامج كوريا الشمالية النووى والباليستى فى إطار سعيها لامتلاك صاروخ نووى قادر على إصابة القارة الأمريكية، والتى بدأتها فى أواخر سبعينات القرن الماضى، حيث عملت كوريا الشمالية، على نموذج من صاروخ "سكود بى" السوفيتى (مداه 300 كم)، الذى أجرت تجربته عام 1984.
وفى الفترة ما بين عامى "1987 – 1992"، طورت بيونج يانج، صواريخ من طراز "سكود سى" 500 كم، و" رودونج 1" 1300 كم، و"تايبودونج 1" 2500 كم، و"موسودان 1" 3 آلاف كم، و"تايبودونج 2" 6700 كم، أما العام 1998، وتحديدًا فى شهر أغسطس، أجرت كوريا الشمالية، تجربة صاروخ "تايبودونج 1"، فوق اليابان، وقالت بيونج يانج – حينها - إنها تهدف إلى وضع قمر اصطناعى فى المدار، بينما أكدت الولايات المتحدة، انها تجربة صاروخية، وفى العام التالى مباشرة - سبتمبر 1999 - أعلنت كوريا الشمالية، تجميد تجارب الصواريخ البعيدة المدى بالتزامن مع تحسن العلاقات مع الولايات المتحدة.
ورغم توتر العلاقات بين أمريكا وكوريا الشمالية، إلا أنه كان هناك محاولات دبلوماسية لإيجاد حلول للأزمة النووية فى بيونج يانج، إلا أن المحادثات التى جرت بين الولايات المتحدة وكوريا الشمالية حول الصواريخ، فى يوليو عام 2000، فشلت بعدما طالبت "بيونج يانج"، بمليار دولار مقابل وقف صادراتها من الصواريخ.
وكانت المحطة اللاحقة للأزمة الكورية الشمالية، فى مارس عام 2005، عندما أنهت "بيونج يانج"، تجميد التجارب الصاروخية البعيدة المدى مبررة ذلك بالسياسة العدائية لإدارة الرئيس جورج بوش تجاهها، وفى يوليو 2006، أجرت تجربة على 7 صواريخ بينها "تايبودونج 2" البعيد المدى الذى انفجر فى الجو بعد 40 ثانية.
أولى التجارب النووية للشطر الشمالى عام 2006
ومع تطور الأحداث، جاءت أولى التجارب النووية لكوريا الشمالية، فى أكتوبر عام 2006، والتى أجرتها تحت الأرض، وبعد مرور 3 سنوات، تحديدًا فى أبريل 2009، أطلق الشطر الشمالى، صاروخ بعيد المدى حلق فوق اليابان وسقط فى المحيط الهادى، فيما وصفته بيونج يانج، بأنه محاولة لوضع قمر اصطناعى فى المدار، أما الولايات المتحدة، واليابان، وكوريا الجنوبية، فقالت، إنها تجربة مقنعة لصاروخ "تايبودونج 2"، ولم تتوقف التجارب النووية لكوريا الشمالية، حيث أجرت تجربتها الثانية تحت الأرض، والتى كانت أقوى بعدة مرات من التجربة الأولى، وذلك فى مايو عام 2009.
بدأت كوريا الشمالية، عهد جديد فى برنامجها النووى، برئاسة زعيمها الجديد "كيم جونج أون"، الذى تولى منصبه فى 28 سبتمبر 2010، وبعد عامين فقط من صعوده على رأس الدولة، أطلقت "بيونج يانج"، ما قالت إنه صاروخ بعيد المدى لوضع قمر اصطناعى فى المدار، لكنه تفكك بعد إطلاقه عقب انفجار أدى لسقوطه فى المحيط، وفى ديسمبر 2012، أجريت تجربة ناجحة لإطلاق صاروخ لوضع قمر اصطناعى فى المدار لرصد الأرض.
"كيم جونج أون" يبدأ عهده بالتجربة النووية الثالثة لبلاده
"كيم جونج أون"، لم يتخلف عن مسار سابقيه من زعماء بلاده فى إجراء التجارب النووية، بل إن عهده كان له النصيب الأكبر من تلك التجارب، حيث أجريت التجربة النووية الثالثة تحت الأرض، فى فبراير عام 2013، وفى يناير عام 2016، تلتها التجربة النووية الرابعة تحت الأرض، وقالت كوريا الشمالية، إنها لقنبلة هيدروجينية، ولكن معظم الخبراء شككوا فى ذلك.
وبعد مرور شهر واحد من التجربة النووية الرابعة، وتحديدًا فى فبراير عام 2016، أعلنت كوريا الشمالية، نجاح ثانى عملية إطلاق لصاروخ وضع قمرا اصطناعيا ثانيا فى المدار، تلى ذلك إعلان زعيم كوريا الشمالية، فى مارس 2016، نجاح بلاده فى تصغير رأس نووى حرارى.
كوريا الشمالية تطلق صاروخ باليستى من غواصة
وتستمر رحلة كوريا الشمالية فى تطوير برنامجها النووى والباليستى، ففى أبريل عام 2016، أجرت تجربة إطلاق صاروخ باليستى من غواصة، الأمر الذى كان مردوده، إعلان الولايات المتحدة، وكوريا الجنوبية، فى يوليو عام 2016، عن خطة لنشر منظومة الدفاع الصاروخية (يو اس ثاد"، إلا أن رد الشطر الشمالى، سريعًا، ففى أغسطس عام 2016، وللمرة الأولى، أطلقت كوريا الشمالية، صاروخا باليستيا مباشرة باتجاه المياه الإقليمية اليابانية.
ومع توتر الأوضاع لم تتوقف كوريا الشمالية عن تصعيداتها المتتالية، بل أجرت التجربة النووية الخامسة فى سبتمبر 2016، كما أطلقت فى مارس 2017، 4 صواريخ باليستية، قالت إنها تجربة لمهاجمة القواعد الأمريكية فى اليابان، الأمر الذى دفع الولايات المتحدة، لنشر منظومة "ثاد"، فى كوريا الجنوبية، فى ذات الشهر.
كوريا الشمالية تختبر صواريخ طويلة المدى تهدد الأراضى الأمريكية
وفى أوج تصاعد وتيرة الأزمة بين كوريا الشمالية، وأمريكا، فى أبريل 2017، وعقب عرض عسكرى كبير شمل نحو 60 صاروخا، أجرت "بيونج يانج"، تجربة إطلاق صاروخ، قال الأمريكيون، والكوريون الجنوبيون، إنها فشلت، لم يتوقف الأمر هنا، بل أطلقت كوريا الشمالية، صاروخ اجتاز 700 كم قبل أن يسقط فى بحر اليابان، رجح الخبراء أن يصل مداه إلى 4500 كم، وأن يكون قادرا على بلوغ القواعد الأمريكية فى "جوام".
وفى يوليو 2017، تم إطلاق صاروخ اجتاز 930 كم، ورجح الخبراء، أن يصل مداه إلى 6700 كم، وأن يكون بإمكانه بلوغ ألاسكا، واعتبرت "بيونج يانج"، التجربة تاريخية، لصاروخ "هواسونج 14"، الذى وصفته بأنه عابر للقارات، لكن الجيش الروسى، قال إنه متوسط المدى، وتكرر الأمر فى الشهر ذاته، حيث أطلقت "بيونج يانج"، صاروخا يبلغ مداه 10 آلاف كيلو متر، ما يعنى أنه يهدد جزءًا كبيرًا من القارة الأمريكيةن وفى الشهر الذى تلاه، أطلق الشمال، 3 صواريخ باليستية قصيرة المدى، كما أطلقت فى نفس الشهر، صاروخا حلق فوق اليابان، قبل أن يسقط فى المحيط الهادى، وقالت كوريا الجنوبية، أنه قطع 2700 كم على ارتفاع حوالى 550 كم.
وتأتى المحطة الأخيرة، حتى يومنا هذا، بإعلان "بيونج يانج"، اختبارها بنجاح قنبلة هيدروجينية فى سادس تجربة نووية، بعدما ذكرت هيئات عدة لمراقبة الزلازل أنها رصدت زلزالًا شدته 6.3 درجات بالقرب من الموقع الرئيسى الكورى الشمالى للاختبارات.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة