التمثيل مهنة شريفة، وموهبة كبيرة تمنح من يتمتع بها مزايا عديدة، فهى ربما تكون مصدرا من مصادر الرزق، وربما تصبح أحد أهم عوامل نمو الشخصية وتطورها، وربما تصبح أحد أهم محركات الفكر والوعى، لكن التمثيل يصبح قميئا حينما يخرج إلى خارج الشاشات أو المسارح ويصبح على المشاع، وقتها يتحول التمثيل إلى تزييف، إلى ادعاء، إلى وقاحة غير محتملة، إلى غثيان ملقى على قارعة الطريق.
فى كل عيد أضحى يتجلى هذا النوع من التمثيل فى أكثر صوره فجاجة، وفجأة وبلا مقدمات تتحول فرحة العيد بالأضحية وفرحة الفقراء بأكل ما يشتهونه سببا من أسباب المزايدة غير الشريفة التى لا يبتغى من ورائها سوى المخالفة من أجل المخالفة لا من أجل حقوق الحيوان ولا من أجل مشاعر الإنسان، فلينتقم الله من هذا «الفيس بوك» الذى جعل كثيرين يتخيلون أن الحياة «بوست»، وأن اللايك غايتنا والشير مبتغانا وأن تحقيق هذا المبتغى لا يأتى إلا إذا كان الواحد على قدر كبير من الوقاحة فى إيذاء مشاعر الناس وتكدير العيد العام.
يتخيل الكائن الفيس بوكى المتثقف أنه إذا سب الناس على قارعة التايم لاين سيتحول إلى نجم النجوم، ويلقب بكوكب المشاعر الفياضة، يتقيأ كلمتين عن بشاعة الأضحية وفظاعة ذبح الحيوانات ثم يستعد لاتهام الفتة، يمنح لنفسه حق الاعتراض على سلوك الغير بينما هو أولى بالاعتراض والهجوم، وإذا تحدث معه سيقول لك إنه «نباتى» لا يأكل اللحوم، وفى الحقيقة فإننى برغم احترامى الكبير لاختيارات الناس، سواء كانوا نباتيين لا يأكلون اللحوم أو «عاديين» يأكلون اللحوم، لكنى لا أفهم لماذا يمارس البعض وصاية على الناس، فإن كان البعض يرى فى أكل اللحوم بشاعة فى إزهاق الأرواح، فللنبات أيضا روح، وإن كان مشهد إراقة دماء الأضحية مؤذيا للبعض فقطع النبات أيضا مؤذيا لمن يريد أن يتأذى، وللأسف خلقنا الله «بشرا» نأكل اللحوم والنبات ونشرب الماء والعصائر، ولم يخلقنا ملائكة نسبح فى الفضاء ونتقوت بالنور، وإن كان لدى أحد اعتراض على بشريته فليتعرض كيفما يشاء، بشرط أن يترك غيره منسجما مع فطرة الله عليه، مستمتعا بكونه عنصرا من عناصر دورة الحياة، يعيش ويأكل ويموت فيصبح هو ذاته آكلا لغيره من الكائنات، فيذوب فى الأرض التى خلق مشنها لتكتمل دوره الحياة التى لم يدخل الفيس بوك أبدا فى تكوينها.