أما أن يحرص البعض على البقاء سيلفى و«اونلاين» على صفحاتهم الخاصة، فهى حرياتهم الخاصة والشخصية، التى تدخل ضمن أعراض عصر السوشيال، حيث السيلفى نفسه يحتاج من المتصور أن يبتسم، وفى نفس الوقت يركز فى المناسك، وعلى كلٍ، فإن التصوير وتسجيل الحدث هو أمر يتعلق بطبيعة شخص يستمتع بنشر تحركاته وحياته واحتفالاته، ليشرك فيها أصدقاءه على الصفحة، يفعلها وهو يلعب وهو مريض وهو حزين أو حتى وهو يستحم إلا قليلا، وهو أمر أصبح عادة أو جزءا من طقوس الناس، وربما هناك من لا يفعل ذلك ولا ينشر، لكنه ينتظر ما يبثه الآخرون عن أنفسهم، ومثلما كان هناك من يستمتع بالنشر، هناك من يستمتع بالفرجة، والتعليق سلبا أو إيجابا.
كل هذا مباح للأفراد وأمر واقع، لكن الأمر يتحول على أيدى بعض الأذكياء إلى تسويق وتجارة وتمثيل، وبالطبع فإن أهم ميزات عصر المعلومات والاتصالات أنه عصر لتسويق السلع والبشر والأدوات والأفكار، ولهذا يظل حرص البعض على الاستعراض والبقاء أونلاين لايف طوال الوقت وهو يأكل و يشرب، ينزل ويطلع أو ينزل، سليم أو مريض، مبسوط أو زعلان، كل هذا جزء من عالم يسعى فيه أفراد لأن ينافسوا ويظهروا ويحصلوا على لايكات و«مشاركات» وينتشروا، وهناك من يبحث عن ملايين المشاهدات، فى عصر يمكن فيه للمواطن العادى أن يصبح نجما ولو لعدة ساعات، ومن أجل هذا يلجأ البعض للبحث عن كل ما هو غريب ولافت ومثير.
وانتقل البحث عن النجومية، من الدنيا إلى الدين، وفى موسم الحج، رأينا انتقال أمراض وأعراض العالم الافتراضى إلى المناسك والفرائض، يتبارى البعض فى نشر صلاته «لايف»، وفى الحج تحول الأمر من الخاص للتجارى، شركات أصبحت تسوق نفسها للحج السياحى بنشر صور نجوم سوف يتوفرون فى الموسم لزوم التصوير أو الاستعراض، وحج مع نجوم ومشاهير أفضل لبعض محترفى الاستعراض، ممن يذهبون للحج بهدف الحصول على أكبر قدر من الصور مع نجوم ومشاهير ليثبت الواحد منهم لمن حوله أنه سافر فى حج سياحى من ذى النجوم الكثيرة، مع نجوم لا يشترط أن يكونوا من كبار الفنانين، لكن أيضا من نجوم الدعاة الجدد أو القدماء، حيث تحرص كل شركة على تسويق نفسها بوجود عدد لا بأس به من الدعاة النجوم لزوم التصوير والمرافقة، ويحصل هؤلاء على مقابل لظهورهم مع هذه الشركات، وهى عملية تدخل ضمن فنون التسويق والترويج.
ولهذا لا يبدو غريبا أن نرى بعض الدعاة لا يترددون فى تحويل الحج إلى دعاية على صفحاتهم، أو برامجهم، ويظهر الواحد منهم خاشعا باكيا أمام الكاميرا، وهو خشوع يبدو فيه الحس التمثيلى يصاحب الكاميرا وزاوية التصوير، ويبذل كل جهده ليخرج المشهد طبيعيا اندماجيا تقمصيا، ولا يجد مشكلة فى مخاطبة أعضاء صفحته بأسمائهم ليمنحهم شعور المشاركة من أجل اللايك، الأمر تجاوز الشخصى و الافتراضى و السيلفى، إلى حالة من الدعاية الواضحة، بهدف جمع المزيد من الزبائن، لنكتشف كيف تحولت الفرائض الدينية إلى بيزنس ودعاية وإعلان وتسويق هدفها ترويج رحلات وجذب زبائن، لا يريدون غير التقاط صور سيلفى مع أبطال الفقرات الإعلانية والخشوع الافتراضى.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة