وائل السمرى

موسم التلوث

الإثنين، 04 سبتمبر 2017 03:00 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
فى كل عام يبدأ موسم جنى الأرز وتبدأ معه أزمة حرق قش الأرز لتبدأ ظاهرة «السحابة السوداء التى نعانى منها سنويا فى مفارقة مؤلمة وموجعة فى آن، فقش الأرز الذى يستخدم فى العديد من الصناعات المهمة كصناعة الورق وصناعة الأثاث نبدده سنويا بالحرق، وبدلا من الاستفادة منه ليدر الملايين ننفق الملايين على آثاره السلبية من تلوث فى الأجواء وأمراض فى الأبدان، وهو أمر أراه متكررًا فى الكثير من مناحى حياتنا، فلماذا تظهر هذه الظواهر، ولما تتحول النعمة فى بلادنا إلى نقمة؟
 
من وجهة نظرى فإن عدم التخطيط، بالإضافة إلى انعدام الرقابة مع انعدام المسؤولية الاجتماعية هى أسباب تلك الظواهر الغريبة، فالفلاح الذى يستسهل حرق قش الأرز بدلا من الاحتفاظ به وبيعه لا يهمه أى شىء سوى تخليص أرضه من هذه البقايا، ولأنه يعيش أصلا فى أجواء غير صحية ولأنه حينما يمرض لا يجد من يعالجه بشكل يصون كرامته لا يفكر كثيرا فيما يمكن أن يسببه من أضرار، فبحسابات المنفعة والضرر يفكر الفلاح فى أنه إذا ورد قش الأرز إلى أماكن تجميعه فإنه سيخسر ثمن النقل لا غير، ولن يحصل على عائد يذكر، لماذا؟ لأن المساحة التى يزرعها لا تنتج القدر الكافى من القش ليحقق عائدا ماديا مجزيا، لكنها قد تنتج أزرًا يكفيه أو يدر عليه دخلا، والحل فى تطبيق آليات صارمة فى زراعة الأرز بأن تخصص فى كل محافظة من المحافظات، التى تزرع الأرز مساحة محددة يتم زراعة الأرز فيها دون غيرها من المساحات، وبالتالى نضمن أن يكون القش فى تلك المساحات مجز لمن يسمله إلى الحكومة، مع إلزام كل مزارع بتقديم حصته من القش وإلا فلن يحصل على المياه، التى تمكنه من زراعة الأرز مرة أخرى، وبهذا نضمن ألا يحدث إهدار فى الموارد، كما نضمن أن يستفيد المجتمع القش فى التصنيع بدلا من استيراد الورق والأثاث والمنتجات، التى يدخل القش فى صناعتها.
 
أزمة أخرى شبيهة بأزمة قش الأرز تلوح فى الأفق وهى أزمة تآكل المساحات المخصصة لزراعة النخيل، فقد أدى ضعف العائد المادى للبلح إلى استغناء آلاف الفلاحين عن النخيل الموجود فى أراضيهم بالحرق أيضًا، برغم أن البلح من الممكن أن يدخل فى العديد من الصناعات الغذائية المهمة، وسنضطر بعد قليل إلى استيراد البلح بأسعار باهظة لسد احتياجاتنا، لماذا؟ لأننا لم نخطط منذ البداية لتجميع النخيل فى مساحات محددة وإنشاء مصانع مصاحبة لهذا المحصول.









مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة