يبدو أن عالمنا العربى لايزال بخير، ومهما يحدث على هذه الأرض هناك بالفعل ما يستحق الحياة، هناك المقاومة التى لا تكل أبدا، فوسط الخراب ينبت دائما ضلع من القوة والرغبة فى التغيير، ودائما ما تكون الثقافة وراء كل ذلك.
تحدث أشياء غريبة فى ليبيا والعراق وسوريا تدل على أن الإنسان الصالح الذى يكره الحرب يبحث طوال الوقت عن الطرق المختلفة للقضاء عليها وإنهائها، ففى ليبيا أطلقت مؤسسة «أنا أقرأ» بمدينة مصراتة مبادرة لبيع الكتب المستعملة فى صناديق الذخيرة فى أحد الشوارع الرئيسية للمدينة بهدف نشر ثقافة القراءة، بدلاً من انتشار السلاح، وقال مدير مؤسسة «أنا أقرأ» فى تصريحات صحفية إن «مبادرة بيع الكتب فى صناديق الذخيرة جاءت لما تحمله هذه الرمزية من استبدال الكتاب بالذخيرة والأسلحة».
وفى سوريا أقيم معرض دمشق الدولى للكتاب فى دورته التاسعة والعشرين، من يوم 2 أغسطس واستمر حتى 12 من الشهر نفسه فى مكتبة الأسد الوطنية وسط العاصمة وذلك بعد انقطاع دام أربع سنوات، وشاركت فى الدورة الحالية 150 دار نشر من بينها 40 داراً عربية من لبنان والعراق ومصر والسعودية وفلسطين والأردن، إضافة إلى ايرإن والدنمارك وروسيا.
وفى العراق وبالخصوص فى الموصل كنت قد كتبت منذ أيام قليلة عن نجاح الشعب هناك فى تغيير قانون للحكومة كان يقضى بتحويل المكتبة المركزية العامة إلى محكمة.
علينا أن نعترف بأن هذه أشياء عظيمة فى ظل الظروف الموجودة فى هذه البلاد، وبعيدًا عن تعاطفك مع الفرق المتناحرة هناك واتفاقك أو اختلافك حول الأنظمة الحاكمة، لو تأملت هذه المبادرات جيدًا فسوف تجد بها مجهودا كبيرا سيسفر عن نتائج طيبة فى صالح بناء عالم أفضل.
هذه الطرق الثلاثة التى عرضناها، وبالتأكيد هناك مبادرات أخرى كثيرة، تعمل جميعا للدفاع عن الكتاب والإيمان به وبقدرته على إنهاء العنف ووقف أنهار الدماء التى ملأت الشوارع، لكنها تحتاج دعما قويا من حكومات هذه الدول وتحتاج دعما من الخارج من الدول العربية المستقرة بعض الشىء، حتى لا يشعر إخواننا هناك بأنهم يقاتلون وحدهم لإنقاذ أنفسهم وإنقاذنا نحن من الاستسلام.
علينا أن ندرك أن هذه الفعاليات الثلاثة حطمت شيئا مهما كنا نؤمن به والسلام مفاده «لا ثقافة مع الخوف، لا ثقافة مع الجوع، لا ثقافة مع غياب الأساسيات»، فمن الواضح أن الثقافة جزء مهم من حياة الإنسان يحاول دائما أن يوجد منها ولو شيئا قليلا يحفظ بها توازنه ونفسه.
على جامعة الدول العربية والمؤسسات الثقافية الكبرى فى الدول العربية أن تقوم بواجبها الثقافى تجاه هذه الدول المأزومة، فمن حق الطفل أن يجد كتابا ومن حق محبى القراءة أن يعرفوا العالم الخارجى، ومن حق المقاتلين أن يدركوا أن هناك حياة أخرى لا يعرفونها.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة