بدأت الأزمة الأوكرانية مع بداية مفاوضاتها بالاتحاد الآوروبى، لانضمامها للكتلة التى تضم 27 دولة فى القارة، وبينما تقع أوكرانيا على الحدود الروسية مباشرةً، رأت روسيا فى ذلك تهديداً مباشراً عليها، حيث ستكون بذلك عضواً فى اتفاقية الدفاع المشترك الآوروبى، مما يعنى تواجد قوات ناتو وقوات اوروبية على الحدود الروسية، وهو ما لم ولن ترضى به روسيا.
وشهدت العاصمة الأوكرانية، احتجاجات واسعة النطاق بين حركات انفصالية والقوات النظامية الأوكرانية، وفر هارباً على آثرها الرئيس الأوكرانى السابق، فيكتور يانوكوفيتش، فى فبراير 2014.
خريطة الحدود الروسية
مينسك 1
ومع زيادة نشاط الحركة الإنفصالية شرق أوكرانيا، ضمت روسيا جزيرة القرم إليها، وبدأت الحركة الإنفصالية تنتشر فى المدن لإستقلال عن أوكرانيا، والإنضمام إلى روسيا الإتحادية، وردت القوات النظامية الأوكرانية بشن هجومات على قادة الحركات الإنفصالية لإستعادة المدن التى سيطروا عليها الإنفصاليون.
وكانت لهذه التطورات دور فى إبرام اتفاق "مينسك الاولى" بين روسيا وأوكرانيا لفرض هدنة وإحلال السلام، وتم التوقيع على "مينسك 1" في أوائل سبتمبر 2014، ولكن سرعان ما أخترقت هذه الاتفاقية، فى يناير 2015، بعدما اندلعت اشتباكات موسعة مرة أخرى بين القوات الانفصالية والقوات النظامية الأوكرانية.
مينسك 2
وحينها تدخلت أنجيلا ميركل، المستشارة الألمانية، و فرانسوا هولاند، رئيس فرنسا آنذاك، لوقف القتال وإطلاق النار، وأجرى كلاهما مفاوضات مع الجانب الروسى، وانتهت بما يعرف بـ "مينسك 2".
وتضمنت اتفاقية "مينسك 2" خارطة طريق مفصلة لحل النزاع فى أوكرانيا، عبر خطة تحتوى على 13 بند؛ تبدء بوقف اطلاق النار وتسليم الإنفصاليين الأسلحة الثقيلة من الخطوط الامامية، تحت إشراف منظمة الامن والتعاون الآوروبية.
وتبادل الأسرى بين الانفصاليين والقوات النظامية فى أوكرانيا، والتمهيد لإنتخابات محلية مع العفو عن العسكريين، والمقاتلين الانفصاليين.
كما تتضمن الخارطة بند ضمان تسليم المساعدات الانسانية بشكل آمن، والعمل على إعادة الإندماج الوطنى والاجتماعى والاقتصادى بين جميع الفئات فى البلاد، خاصة فى البقاع التى سيطر عليها الإنفاصليين، الذين تزعم آوروبا أنهم يحصلون على دعم كامل من روسيا.
وتعهدت أوكرانيا بتنفيذ تغييرات دستورية تنص على "اللامركزية"؛ فى مقابل سحب جميع "التشكيلات المسلحة الأجنبية"، فى إشارة إلى الدعم الروسى، وإستعادة النظام الاوكرانى السيطرة على الحدود.
ولكن يرى المراقبون ان الاتفاق فضفاض ولا يملى على أى طرف خطوات إلزامية بعينها، وعلى الرغم من التزام المسئوليين من الطرفين بالاتفاق ظاهرياً، وقولهم إن "لا بديل عن اتفاق مينسك"، إلا أنه لا يوجد فرص حقيقية لتنفيذ الاتفاقية بالكامل على آرض الواقع، حتى بعد فرض العقوبات الاقتصادية على روسيا.
وتراجع الجانب الآوروبى عن تمسكه بمعاقبة روسيا فى صدد هذه الأزمة، فى حين يصر كلا من الاتحاد الآوروبى وأوكرانيا على وقف كامل لإطلاق النار قبل المضى قدماً فى تنفيذ الاتفاقية، تتمسك روسيا بمصالحها الاستراتيجية فى القرم، وتتهم روسيا بدورها أوكرانيا بعدم الوفاء بوعودها السياسية.
وعلى الرغم من تراجع أعمال العنف بشكل كبير، إلا ان لازالت القوات الانفصالية تفرض سيطرتها على الآراضى التى استحوذوا عليها عند اندلاع الأزمةن ويواجه الرئيس الاوكرانى، بترو بوروشينكو، مقاومة قوية منهم وضغط يدفعه لمنحهم ما يكفى من الحكم الذاتى.
ويصبح المشهد الحالى فى الأزمة الأوكرانية فى الصالح الروسى، حيث أن الحركة الانفصالية بأوكرانيا موالية لروسيا، ولها سيطرة على آراضى أوكرانية تضمن لروسيا تواجد منطقة عازلة بينها وبين آوروبا.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة