فى مستشفى العباسية، هذا المكان الغامض بالنسبة للكثيرين، والذى تحول إلى مكان مرعب فى الأذهان من خلال الاعتقادات الخاطئة حول المرضى النفسيين وطبيعة مرضهم، كان لنا حوار مع دكتور جمال عبد العظيم مدير المستشفى، حول تفاصيل التعامل مع المرضى وكواليس مواجهة هروبهم وأزمة ارتفاع الدولار التى أثرت على توافر الدواء فى العديد من المستشفيات، وكذلك كورسات علاج الإدمان وخدمات الخط الساخن المجانية وغيرها.
فى البداية.. كم مريض يستقبل المستشفى يوميا؟
ما لا يقل عن 300 مريض يتردد على المستشفى كل يوم، ومنهم من يتم حجزه وآخرون تكون المتابعة من خلال العيادة من وقت لآخر، بحسب خطورة الحالة ومدى استقرارها، ويوجد بالمستشفى 1260 سريرا لحجز المرضى.
ما الدور الذى تقدمه وحدة الطب الشرعى بمستشفى العباسية؟
هذه الوحدة فى المستشفى قائمة بذاتها وتخضع لحراسة من وزارة الداخلية، ونحن مسئولون فقط عن الخدمة الطبية بها، ويحجز فيها المتهم المشكوك فى قواه العقلية لمدة 45 يوما، يكون فيها تحت الفحص والتقييم من خلال مكتب التعاون الدولى، وقد تتجدد المدة وبعدها يتم اتخاذ القرار، من خلال الاستعانة بتقرير لجنة الطب الشرعى، إما تثبت قوته العقلية ويتم التعامل معه كأى متهم فى المحكمة وفقا للعقوبة المخصصة له، أو يتبين كونه مريضا ويتم إيداعه فى مستشفى الخانكة إذا كان من الرجال وفى مستشفى العباسية إذا كان من السيدات.
وهل يخصص المستشفى مكانا للمودعات معزولا عن باقى المرضى؟
نخصص قسما للمودعات لا يتعدى عدد المودعات فيه الخمسين، ولكنه قسم عادى لا نعزله عن باقى المرضى بالمستشفى، لأننا نتعامل مع الحالة على أنها مريضة فى المقام الأول بعيدا عن الجريمة التى قامت بها، وكل ما يختلف فى التعامل معها هو بروتوكول الزيارات، فغير مسموح بوجود موبايل مع الزائر على سبيل المثال، ويكون لها توقيت معين وتحت مراقبة، وبعض الشروط الأخرى التى تنص عليها لجنة حقوق المرضى.
كم من الوقت يتم إيداع مرتكبات الجرائم بالمستشفى؟
حسب مدة الإيداع التى تقررها النيابة، وعند الإفراج عن السيدة وقضاء المدة التى تم تحديدها يستلمها أهلها، ويحدد لهم مستشفى نفسى قريب من مكان سكنهم للمتابعة فيها، مع تعهد الأهل على ذلك، فعلى سبيل المثال تكون المتابعة كل أسبوعين ويكون لها مواعيد محددة، فإذا لم تذهب المريضة فى موعدها المخصص تتم محاسبة الأهل على ذلك وإرسال إنذارات لهم.
بعد الواقعة السابقة بموت المرضى بالخانكة.. كيف تتفادى المستشفى مشكلة الإجهاد الحرارى؟
لن نكرر أزمة الخانكة، فلدينا مكيفات فى كل الأقسام بالمستشفى، والمجانى قبل الاقتصادى، وجاءتنا معونة من الإمارات مؤخرا كتكملة لما هو موجود فى الأساس مع توفير عدد كاف وجيد للتهوية، وعند ظهور أى أعراض مرضية على المريض يتم عرضه سريعا على طبيب الباطنة، فيتم قياس درجة حرارة المريض كل أربع ساعات يوميا، مع تطبيق كل قواعد البروتكول الخاص برعايتهم فى فصل الصيف من استخدام الماء البارد للشرب والاستحمام باستمرار.
وبجانب كل ذلك، نمنع المرضى من الخروج من مبنى المستشفى للفناء أو الحديقة المحيطة بالمستشفى فى نهار أغسطس بشكل خاص، خوفا عليهم من الإصابة بالإجهاد الحرارى.
من مشكلة الإجهاد الحرارى لأزمة ارتفاع الدولار.. كيف واجه المستشفى تأثير الأسعار على الأدوية؟
لم نعانِ من مشكلة نقص أدوية فى الوقت الحالى بل إن كل أنواع الأدوية النفسية على الرغم من أنها باهظة الثمن إلا أنها متوفرة من خلال تعاقدنا مع الشركات، وعدم تراجعها عن توريد أى منها، وإذا حدث لنا أى نقص نرسل لإحضاره، ولكن مشكلة ارتفاع الدولار انعكست على البنزين والسولار لدينا، فواجهناها فى الحملات الخاصة بالمستشفى لنقل المرضى واحتياج قسم طب المجتمع للتنقلات.
ما هى أكثر الأمراض النفسية ترددا على المستشفى؟
هناك نوعان من الأمراض النفسية وهى العصابية والذهانية، وعادة ما يتم حجز أصحاب الأمراض الذهانية لذلك نشعر بوجودها أكثر من غيرها على الرغم من أن نسب الإصابة بها عالميا 1% فقط من مجموع أى مجتمع، وتتنوع الأمراض الذهانية ما بين الاكتئاب الجسيم الذى يصاحبه أعراض ذهانية مثل التى تجعله يخطط للانتحار، وكذلك مرض الفصام العقلى والاضطراب الوجدانى ثنائى القطبين.
أما عن الأمراض العصابية التى تزيد أعداد مرضاها يوما عن الآخر فهى القلق المرضى والوسواس القهرى، واضطرابات النوم والاكتئاب التفاعلى الذى يكون أخف كثيرا من الاكتئاب الجسيم.
هل نسب إصابة الأطفال بالأمراض النفسية كبيرة؟
نوعا ما، فلدينا وحدة مخصصة للأطفال لعلاج طب نفسى الأطفال وعيادة لعلاج التوحد، وعيادة ثالثة تسمى عيادة الواحة للتعامل مع الاضطرابات النفسية الناتجة عن الصدمات والتى تتمثل فى فقدان شخص عزيز أو الاعتداء الجنسى والجسدى له، وهى تستقبل الأطفال من سن الثالثة إلى سن المراهقة، أما فى حالات التوحد فنستقبل ما قبل 3 سنين أيضا لأنه كلما كان التعامل مبكر كلما كان أفضل فى إعداد الطفل نفسيا وعلاجه.
انتقالا للإدمان.. هل علاج المدمنين مجانى أم مدفوع الأجر؟
بالنسبة للإدمان لدينا عيادة الخط الساخن، والتى تبدأ من الساعة الثانية ظهرا ونستقبل يوميا من 80 إلى 100 مدمن، وهى مجانية بالكامل، فيما يخص حجز المريض وكورس العلاج لمدة 3 أشهر يتعافى فيها ثم تقدم له الرعاية النهارية وهى التى يتردد عليها بشكل يومى ليحصل على البرنامج التأهيلى، ويشارك فى الجروبات التأهيلية متعافون من سنوات يتطوعون، ويتم التعامل معهم بصفتهم مستشارين علاجيين لتأهيل المدمنين واكتساب الخبرات الموجبة لهم.
كما أن هناك العيادة العادية والتى تكون بشكل يومى أيضا ولكنها بمقابل مادى 600 جنيه شهريا سواء للرجال أو السيدات، ويخصص يوم معين لعيادة السيدات حتى لا تتعرض لأى إحراج من اختلاطها بنفس اليوم الذى يكون فيه استقبال الرجال.
وما هى أكثر المواد إدمانا بين المصريين؟
المواد الأكثر انتشارا حاليا هى الترامادول والحشيش والأدوية مثل علاج الكحة وعسر الطمث الذى يأخذ منه المريض شريطا كاملا ليشعر بحالة ارتياح وهذيان تعطيه النشوة التى يريدها، وكذلك يدمنون الهيروين، ولكن بعض هذه المواد التى معظمها من الأدوية التى يتعاملون معها بشكل خاطئ كمادة مخدرة.
وماذا عن الخدمات الإضافية التى يقدمها المستشفى للقسم الاقتصادى؟
لا يقدم المستشفى خدمات طبية إضافية لقسم الاقتصادى مدفوع الأجر، ولكن يلجأ له المريض عند انتهاء الأماكن المجانية فى المستشفى أو باختياره من البداية، ولا يفرق شيئا إلا فى عدد المرضى داخل الغرفة، ففى المجانى يكونون 10 فى الجناح، ولكن فى الاقتصادى يكونون 6 فقط، وتختلف مساحة الجناح فى كل منهم فيكون أكبر فى المجانى لاتساعه لأسرة أكثر.
وقد أكد الجهاز المركزى للمحاسبات ألا يقل عدد المرضى المجانيين عن 60% من مرضى المستشفى، و40% فقط هم الذين يتعالجون فى القسم الاقتصادى.
كم سعر العلاج فى القسم الاقتصادى؟
الأسعار تكون بحسب المبانى القديمة والجديدة، ففى المبنى القديم يكون على المريض النفسى أن يدفع ما بين 210 إلى 300 جنيه، وفى المبانى الجديدة يدفع المريض من 600 إلى 1200 جنيه شهريا حسب الأماكن المتاحة.
وماذا يفعل المستشفى مع المرضى القدامى المقيمين فى المستشفى؟
المرضى القدامى الذين كانوا يرفضون الخروج حتى بعد الشفاء تواصلنا مع أهلهم وتم تسليمهم لهم، لأن كانوا يخافون مواجهة المجتمع مرة أخرى بعد الانتهاء من كورس علاجهم، ولكن من لم نجد له أهل فلم نخرجه من المستشفى ومستمر معنا لأن ليس له مكان آخر.
كيف تواجهون مشكلة هروب المرضى من المستشفى؟
نضع حراسة للمستشفى ونتابع المرضى سواء داخل الجناح الخاص بهم أو خارجه، وفى حالة كان دخول المريض إلزاميا ومجبرا عليه وليس إراديا فنجعل أهل المريض يوقع على تعهد منه على مسئوليته عن دخول المريض، خاصة أنه سيكون أكثر ميلا للهروب ومتوقع قيامه بعدة محاولات وقد ينجح فى إحداها، فقد هرب بالفعل أحد المرضى منذ يومين ووصل لسور المستشفى إلا أنه تم كشفه ومعرفة أسباب هروبه، حيث إنه كان لديه ضلالات تحضه على الهروب وحققنا فى الأمر، وانتهت المشكلة الخاصة به وعاد لمكانه.
وما هو الموقف الحالى من محطة المحمول المقامة فى حديقة المستشفى؟
نرفض تماما بناء برج التقوية الخاص بإحدى شركات الاتصالات فى حديقة المستشفى، لأنها ستبعث الكثير من الأشعة وتؤثر على صحة المرضى، ولا نسمح بذلك أبدا وما زالت بيننا قضية فى المحكمة وننتظر الحكم فيها، ورفضنا إمداد برج التقوية بالكهرباء عندما طلب منا العاملين بها ذلك تأكيدا على موقفنا.
أخيرا.. ما هى خطة تطوير المستشفى مع بداية فترة توليك المنصب؟
خطة التطوير هو إصلاح المشكلات التى يعانى منها المستشفى حاليا من مشكلات الصيانة وتقديم بعض الدورات التدريبية للعاملين بالمستشفى للارتقاء بمستواهم المهنى، ولكننا لا نعانى من عدد الأطباء أو التمريض مثل الكثير من المستشفيات، وذلك لأن لدينا مدرستى تمريض تخرج لنا دفعات يمضون معنا فترات تكليفهم.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة